بالتزامن مع تراجع مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي عن مواقع سبق أن سيطروا عليها في بني وليد، ظهر صوت الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي من جديد، ليؤكد أنه لا يزال موجوداً في ليبيا وينتظر «الشهادة». تطورات أقنعت على ما يبدو المجلس الانتقالي الليبي ليعلن، إثر مشاوراته التي أجراها في بنغازي في الأيام الأخيرة، تأجيل إعادة تأليف الحكومة إلى «ما بعد التحرير» النهائي.
وقال عضو المجلس الانتقالي مصطفى الهوني «انتهت المشاورات إلى تأجيل إعادة تأليف الحكومة إلى ما بعد التحرير». وأكد مصدر مسؤول ثان لـ«فرانس برس» أنه «تقرر إرجاء تأليف الحكومة لغاية إعلان التحرير.. تفادياً لتأليف حكومة قد تعمّر أياماً معدودة قبل أن تؤلّف الحكومة الانتقالية لفترة ما بعد التحرير».

في المقابل، نقل موقع قناة الليبية التابعة للنظام السابق عن العقيد القذافي قوله لإذاعة بني وليد (أحد آخر معاقله)، «كان الصمود وكان الاستشهاد للأبطال ونحن بانتظار الشهادة مصداقاً لقوله تعالى «ومنهم من ينتظر»، فلا تحزنوا ولا تهنوا إنما النصر صبر ساعة». وأضاف موجهاً حديثه إلى أنصاره من أبناء قبائل ورفلة الذين يتصدون لمقاتلي المجلس الانتقالي في بني وليد وسرت «أنتم تعيدون سيرة أجدادكم بجهادكم هذا، وأنا معكم في الميدان. يكذبون ويقولون القذافي في فنزويلا ومن ثم النيجر. لا يعلم هؤلاء العملاء الشراذم أنني بين أبناء شعبي وستصدمهم الأيام بما لم يتوقعوا».
وأكد القذافي الذي توارى عن الأنظار منذ سقوط طرابلس نهاية الشهر الماضي، أن «ليبيا لن تكون للخونة بل ستكون محرقة لهم وستكون جحيماً ووبالاً على الغرب وعملائه التافهين».
في سياق متصل، نفى المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني مغادرة عائشة القذافي وعائلتها الجزائر إلى مصر أو أي وجهة أخرى، وقال في تصريح للموقع الإخباري «كل شيء عن الجزائر»، «يجب على عائشة القذافي وكل أفراد عائلتها الموجودين في الجزائر الامتناع عن أي تصريح أو نشاط سياسي أو حزبي أو إعلامي، وإلا فسينقلون إلى وجهة أخرى».
ونقلت صحيفة «الخبر» الجزائرية عن مصدر مسؤول في مطار الجزائر أن الليبيين الثمانية الذين قالت الصحيفة أول من أمس إنهم غادروا إلى مصر هم من أصهار القذافي ومقرّبون من عائلته ودبلوماسيون رفضوا الانقلاب على القذافي.
ميدانياً، أفاد مسؤول التفاوض عن جانب الثوار عبد الله كنشيل بأن «الثوار تراجعوا عن مواقعهم بسبب كثافة النيران التي تطلقها القوات الموالية لمعمر القذافي من داخل المدينة باتجاه مواقع مقاتلينا» في محيط بني وليد. وقال كنشيل إن «هناك حالات إعدام داخل المدينة، إذ إن القوات الموالية للقذافي تقتل كل من يناصر الثوار»، مشيراً إلى أنه يملك لائحة بأسماء الأشخاص الذين جرى إعدامهم.
في غضون ذلك، قال قائد عسكري من قوات المجلس الانتقالي قرب سرت، إنه يجري محادثات مع وجهاء قبيلة العقيد القذافي داخل المدينة المحاصرة للتوصل إلى هدنة. وقال قائد لواء الفاروق تهامي الزياني، خارج سرت، لوكالة رويترز، إن أحد الشيوخ الذي لم يعرفه بالاسم اتصل به على هاتف عبر الأقمار الاصطناعية وطلب هدنة. وأضاف أنه طلب ممراً آمنا لأفراد القبيلة وقوات القذافي للخروج من المدينة. وقال الزياني إنه وافق على خروج الأسر من قبيلة القذافي، وإنه ما زال يجري مفاوضات للوصول إلى اتفاق بشأن القوات الموالية للقذافي لإلقاء السلاح ومغادرة المدينة.
في هذه الأثناء، أعلن أحد قادة قوات المجلس الانتقالي، مصطفى بن درداف، أن الثوار سيطروا على ميناء سرت شرق المدينة. وسرت مسقط رأس القذافي هي واحدة من بلدتين رئيسيتين لا تزالان تحت سيطرة القوات الموالية للزعيم المخلوع. وتحاول قوات الثوار السيطرة عليها إلى جانب بني وليد.
في سياق متصل، قال مصدران مطّلعان لـ«رويترز» إن اشتباكات وقعت في مطلع الأسبوع بين الطوارق ومجموعات مسلحة مرتبطة بالحكومة الليبية المؤقتة، ما يبرز التحديات التي يواجهها حكام ليبيا الجدد لكسب تأييد أبناء البدو والقبائل. ونفى قائد لواء الزنتان المناهض للقذافي، مختار الأخضر، ما أعلن الأسبوع الماضي عن اشتباكات مع قوات خميس القذافي، قائلاً «لا توجد قوات تابعة لخميس القذافي في غدامس. الخبر غير صحيح». وأوضح قائلاً «ما حدث بالفعل كان مناوشات بين أفراد من القوات المناهضة للقذافي من سكان المدينة وأفراد من قبائل الطوارق» التي كانت تناصر بمعظمها سلطات القذافي.
من جهة أخرى، قال رئيس ديوان وزير العدل التونسي كاظم زين العابدين إن بلاده لم تتلق أي طلب رسمي من السلطات الليبية لتسليمها رئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي الذي يقبع حالياً في أحد السجون التونسية بتهمة اجتياز الحدود بطريقة غير شرعية.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)