ريف دمشق | ولدت فكرة الفصيل العسكري الجديد إبان حملات خروج الأهالي من الغوطة الشرقية منذ قرابة الشهرين. تمخضت عن تلك الحملات التي أمنها الجيش السوري وأشرف على تنظيمها، فكرة الاستفادة من شباب الغوطة الشرقية، ولا سيما القاطنين منهم في مناطق لم يسيطر عليها الجيش السوري بعد.
في البداية كانت الفكرة جنينية، واقتصرت على قيام بعض هؤلاء الشباب بمساعدة الجيش السوري في عمليات التدقيق على المعابر التي أُمن من خلالها خروج أهالي الغوطة الشرقية الراغبين في الانتقال إلى مناطق أكثر أماناً، حيث تؤكد مصادر ميدانية لـ«الأخبار» أن دوراً أمنياً كبيراً أداه هؤلاء الشباب في عمليات إلقاء القبض على مطلوبين للجيش السوري ومسلحين حاولوا الخروج من الريف الشرقي للعاصمة. وبالنظر إلى نوعية الدور الذي أداه أولئك الشبان، انتقلت الفكرة إلى طورها الثاني، المتمثل في إنشاء فصيل عسكري ينظم عمل هؤلاء، ويستفيد من المسلحين الذين جرت «تسوية أوضاعهم» سابقاً. خلال أسابيع، جرت الاتصالات مع العديد من المسلحين السابقين الذين سكنوا أو قاتلوا قبل ذلك في الغوطة الشرقية، فيما كانت الاستجابة إلى هذا الطلب «سريعة وإيجابية، ولا سيما أولئك الذين ذاقوا الأمرين من وحشية المجموعات الإرهابية، إضافة إلى من كان على اختلاط سابق معهم وكشف زيفهم وزيف مطالبهم»، تؤكد مصادر وزارية في حديث مع «الأخبار»، رافضة الإجابة عن سؤالنا إذا ما كان هناك بدل مادي لقاء انضمام هؤلاء المقاتلين إلى «جيش الوفاء».
يقتضي التطوير الجديد للفكرة مشاركة مقاتلي «الوفاء» في عمليات الجيش السوري المقبلة في الغوطة الشرقية. في طبيعة الحال، يستوجب القتال في الغوطة التي تحصَّنت فيها عدة فصائل مسلحة وطرأت عليها تطورات تفصيلية كثيرة قد لا يكون الجيش السوري على علمٍ بها، وجود مقاتلين عارفين بخبايا مناطقها وترتيباتها. لا تملك وزارة المصالحة الوطنية أرقاماً معلنة لأعداد أولئك المقاتلين، ولا تفاصيل أخرى حول شكل قتالهم إلى جانب الجيش، فيما تكتفي مصادر مطلعة في الوزارة بالإشارة إلى أن التنسيق مع «الوفاء» مهمة حصرية لضباط الجيش السوري المشرفين على العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية. وفي هذا السياق، يذكر أن الجيش السوري كان قد سعى في استحقاقات ميدانية سابقة إلى التفرد في تنسيق عمليات التسويات الميدانية وما يشبهها، منعاً للخروق المتكررة التي تعرضت لها تلك التسويات. وفي السياق نفسه، قطعت أشواطاً كبيرة عملية إعداد «الوفاء». يكشف مصدر عسكري مطلع على عمليات الجيش في الغوطة الشرقية أن مقاتلي «الوفاء» باتوا يشاركون الجيش «على نحو تدريجي» في معاركه في مناطق عدة بالغوطة، «مع الأخذ بعين الاعتبار ألا يدفعهم الجيش إلى معارك غير منظمة، وألا يتحولوا هم أنفسهم إلى عبء على حركة الجيش».
وتشي التطورات التي طرأت على «الوفاء» بأن احتمال فتح معركة في دوما قد يكون قابلا التحقق، حيث أنّ معظم مقاتلي التنظيم الجديد إما سكنوا أو قاتلوا سابقاً في دوما، فيما تتوزع النسبة الباقية على باقي مناطق الغوطة الشرقية، ولا سيما زملكا وعين ترما.
من جهتها، قالت «التنسيقيات» المعارضة والصفحات الإعلامية التابعة لها إن «الوفاء» فصيل يضم في داخله «شبيحة دوما الذين يعرفون طرقات الغوطة جيداً. ولا تتجاوز أعدادهم المئتي عنصر». وبدوره، رأى قائد «جيش الإسلام»، زهران علوش، أن «الوفاء» يمثل «عصابة من المجرمين المارقين من أهالي دوما الذين آثروا موالاة النظام وتوجيه بنادقهم مع النظام ضد صدور أبناء بلدهم، وهم الآن يقبعون في الجانب الآخر من مخيم الوافدين، ووضعوا حاجزاً يمنعون من خلاله دخول المواد الغذائية إلى أهلهم بكل خسة ونذالة. يرأسهم بعثي معروف هو عبارة عن أحد أركان الفساد والنظام واسمه عمر عيبور». وفي حديث مصور، قال علوش إن «جيش الأمة وجيش الوفاء وداعش هم الأركان الثلاثة المشتركة في مشروعٍ يهرمي إلى تدمير الغوطة الشرقية، وإنهاء الثورة فيها، حتى يتربع الأسد على كرسي الملك ويفاوض بقوة بعد أن يقول للعالم قد أنهيت مشكلة الغوطة الشرقية المزعجة التي تجاور دمشق. وأرسل رسالة إلى جيش المنافقين المسمى الوفاء أننا إن شاء الله نعدّ لكم العدة فتحسسوا رقابكم، سنأتيكم عن قريب».