مع دهم القوى الأمنية مبنى الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية، الاثنين الماضي، تحدّث وزير الداخلية نهاد المشنوق عن «مثلث موت بين جرود عرسال وسجن رومية ومخيم عين الحلوة». يومها، انتشر في حي التعمير، الملاصق للمخيم، عشرات المسلحين الذين تضامنوا مع الموقوفين، وقطعوا الطريق المؤدية الى المخيم لساعات. كان يمكن ضغطة على الزناد من أيّ من أصحاب الرؤوس الحامية في اتجاه عناصر الجيش اللبناني على مدخل الطوارئ أن تستجرّ رداً «قد يوصلنا الى نهر بارد ثان»، بحسب مسؤول أمني فلسطيني. مرّ «القطوع» بسلام، بعدما تولّى أمين سر القوى الاسلامية الشيخ جمال خطاب، بما يملكه من رصيد بين إسلاميي المخيم، التفاوض مع قاطعي الطريق، لإعادة فتحها وتنفيس الاحتقان. وكثّف مسؤولو الفصائل لقاءاتهم مع أمنيين لبنانيين، خصوصاً بعد حديث المشنوق عن «مثلث الموت» للتأكيد على أن لا «بيئة حاضنة للإسلاميين المتطرفين في عين الحلوة»، كما قال مسؤول فلسطيني بارز.
فرغم كثرة التنظيمات الاسلامية المتطرفة في المخيم، إلا أن «المزاج الشعبي أصبح ضد هؤلاء»، خصوصاً «بسبب الخشية من تكرار سيناريو مخيّمي البارد واليرموك بعد نزوح الآلاف من أبنائهما الى عين الحلوة». ولفت الى أن «عدد المتعاطفين مع الاسلاميين من أبناء المخيم لا يتجاوز واحداً في المئة».
ويؤكد قيادي في تحالف القوى الفلسطينية الحرص على تفادي أي صدام مع الجيش. ولهذه الغاية، تم التواصل مع مسؤولي التنظيمات المتشددة وإبلاغهم قرار الفصائل «مواجهة أي تحرّك عسكري داخل المخيم يقود الى مثل هذا الصدام». وأضاف: «اتفقنا مع تحالف القوى الاسلامية على إنهاء أي تنظيم يحاول جرّ المخيم الى معركة ضد الجيش (...) لا نريد تكرار مأساة اليرموك بعدما بات بعض سكان المخيم طرفاً في صراع لا علاقة لهم به».
وأكد مسؤول بارز في أحد الفصائل الاسلامية أنه «جرى التواصل مع هيثم الشعبي وتوفيق طه وأسامة الشهابي وبلال بدر للتأكيد لهم على جديّة قرارنا»،
تعهّد الإسلاميّون بعدم جرّ المخيم
الى أي مواجهة
مع الجيش




و«تعهّدت هذه الاطراف بعدم جرّ المخيم الى أي مواجهة مع محيطه»، مؤكداً أن «أغلب القيادات المتشددة هم من أبناء المخيم وليسوا غرباء عنه، ويعرفون أنه ملاذهم الاخير، ويدركون النتائج الكارثية على أهلهم في حال تفجّر الوضع». وأكّد أن قيادات التنظيمات المتشددة «لا تريد مواجهة الجيش، والموقف العقلاني لعصبة الانصار والشيخ جمال خطاب الداعم لذلك سهّل علينا التواصل مع المتشددين»، كما أن «الشهابي لعب دوراً مؤثراً في إقناع القيادات الاسلامية بضرورة التهدئة».
وعن إدراج المشنوق المخيم ضلعاً في مثلث الموت، قال مسؤول بارز في أحد التنظيمات الاسلامية إن «المخيم لا يعدو كونه صندوق بريد تنقل الرسائل منه واليه»، مقرّاً بأن «المخيم قد يقدم دعماً لوجيستياً عبر إيواء بعض المطلوبين، لكن المشكلة تكمن في كيفية وصول هؤلا الى المخيم واجتيازهم حواجز الجيش المنتشرة على مداخله». ولفت الى أن مدير استخبارات منطقة الجنوب في الجيش علي شحرور أقرّ خلال لقائهم به بـ«أنه لم تخرج أي سيارة مفخخة من المخيم خلال موجة التفجيرات».
ورغم عودة مسلسل إلقاء القنابل الصوتية ليلاً، أكد أحد مسؤولي الامن الفلسطينيين أنه «يمكن القول إن الامن ممسوك ولا شيء يثير الذعر طالما أنه لا جهات خارجية تعمل على زعزعة أمن المخيم عبر مخبريها». وتأكيداً على تفادي تطور الوضع الامني المتوتر، كثفت اللجنة الامنية المشتركة دورياتها الليلية في محاولة للإمساك بملقي القنابل. وشدّد نائب قائد الامن الوطني الفلسطيني في لبنان، اللواء منير المقدح، لـ«الأخبار»، على أن «القوى الفلسطينية مصممة على منع تفجير الوضع في المخيم، وهناك بعض الاسماء المشتبه فيها في التفجيرات الاخيرة استدعيت الى التحقيق». وبما أن الوضع الأمني اللبناني ينعكس على المخيمات، قال مسؤول في في تحالف القوى الاسلامية إن «تهدئة التصعيد الكلامي بين الاطراف اللبنانية والعمل الامني المشترك لمواجهة الارهاب سينعكسان إيجاباً في المخيمات»، مؤكداً أن «أنصار الاطراف اللبنانية في المخيمات لن يتحركوا»، وهناك قرار إقليمي بـ«الضبضبة»، ما سينعكس إيجاباً أيضاً على المخيمات.