ساهمت «الثورة» السورية في كشف «الإخبارية السورية» عن تأييدها المطلق للنظام، وسقوط فكرة الاستقلالية التي روّجت لها منذ انطلاقها عام 2010. لكن ربما يكون التفجير الذي تعرّضت له استوديواتها في «الدروشة» (ريف دمشق) في حزيران 2012 هو ما جعل انطلاقتها الحقيقة تتأخّر إلى الأربعاء الماضي. في تمام الساعة الثالثة عصراً، أعلنت القناة انطلاقتها الرسمية بحلّة جديدة، وافتتحت برمجتها، كاشفةً عن هويّتها البصرية ودورتها البرامجية المكتملة بالنشيد العربي السوري.
ثم قدّمت تقريراً عن تاريخها بصوت مديرها عماد سارة الذي أكّد أنّ المحطة ستكون «أوّل منبر إعلامي سوري إخباري يواكب الحدث ويبحث في تفاصيل الخبر». ذكّر سارة بحادثة الاعتداء (الدروشة) التي راح ضحيتها ثلاثة شهداء من الفريق: زيد كحل، وسامي أبو أمين، ومحمد شما. ومع ذلك، يعد المدير المشاهدين بالقول: «لن نستكين ولن نتدثر بضعف، فالغد لنا. وفريق العمل كافح وعمل واشتغل بأدوات شبه معدومة، واستمر رغم الإرهاب». وختم بالقول: «لن ندّعي أنّكم سترون أنفسكم أمام شاشة إخبارية مُبهرة، بل هي محاولة لمواكبة كبريات المؤسسات الإعلامية».
ذكّر مدير القناة بالصحافيين الذين قضوا في الأعمال الإرهابية

هذا التقرير ترافق مع غرافيكس ومواد فيلمية من داخل الاستديوات، مع مرور على صور بقية شهداء المهنة الذين سقطوا أثناء التغطيات الميدانية التي قامت بها «الإخبارية السورية»، وهم: يارا عباس، ومحمد الأشرم، وحسن مهنا، وحاتم أبو يحيى. ثم عرضت باقة البرامج والنشرات التي ستبثها تباعاً، ومنها: «سلطة المواطن»، وهو برنامج أسبوعي يبحث في القضايا الصغرى للمواطنين. كذلك، هناك برنامج «خيوط العنكبوت» الذي يسأل عن «الوجود الصهيوني في المنطقة ومصالحه القائمة على خراب الأمة العربية»، فيما يستعرض «وقال القلم» عناوين ومقالات الصحافة المحلية والعربية والعالمية. أما في «واشنطن خفايا المشهد» فنشاهد رصداً للأروقة التي تُصنع فيها سياسات العالم التي تتدخل فيها اليد الأميركية. في «فيتو الفساد»، سنُلاحق الأرض الخصبة التي تمهّد للفساد واستخدام المسؤولين مناصبهم لمنافع شخصية.
بالنسبة إلى البرامج الفنية، تعرض «الإخبارية السورية» جولة في الصالات العربية والعالمية واكتشافاً لأهم نجومها، إضافة إلى استرجاع لحظات سينمائية تحوّلت إلى أيقونة ذلك في برنامج «سينما». أما حركة الاقتصاد والأوراق المالية فسنشاهدها في «أخضر أحمر».
هنا، تجدر الإشارة إلى أنّ هناك برامج لم تتضح هويتها بعد، مثل «حكاية سورية» و«الحقيبة السابعة». ولفتت القناة إلى النشرات الرئيسية الأربع التي ستبثها بين السياسية، والاقتصاد، والرياضة، والثقافة، فضلاً عن المواجز التي تُعرض على مدار الساعة.
بعد ذلك، قامت المحطة بجولة بين شبكة مراسليها في سوريا والوطن العربي وعواصم العالم، تلتها قراءة لميثاق الشرف الإعلامي على لسان مذيعيها. وراحت تروّج بكثافة لاستخدامها التقنية الثلاثية الأبعاد في أولى نشراتها الإخبارية بعد الانطلاقة الجديدة، وهو ما بدا مشابهاً لـ«روسيا اليوم» التي كانت أولى المحطات التي استخدمت هذه التقنية في نشراتها. لكن القناة السورية لم توظّف التقنية بالشكل المناسب، كذلك فإنّ المذيع الذي قدّم تقريراً عن تعامل الجيش السوري مع تحرّكات المسلحين بدا مُربكاً ومتردّداً أمام الأسلوب الجديد. كذلك، يُفترض بتقنية الـ3D أن تُستخدم حين التطرّق إلى مناطق يصعب الوصول إليها أو الحصول على مواد أرشيفية منها.
من جهة ثانية، نُلاحظ تأثراً واضحاً بقناتي «الميادين» و«الجزيرة» لناحية الإعلان عن البرامج ومواعيد بثها، إضافة إلى الألوان والهوية البصرية! لكن لا يؤخذ ذلك على القناة السورية التي لا يمكن إنكار جهدها الاستثنائي للوصول إلى صيغة احترافية، إضافة إلى جمالية الفواصل واللوغويات المستخدمة في البرامج، والرهان على وجوه إعلامية جديدة ومنحها فرصة للظهور، من دون التخلي عن اللغة المبالغة في تأييد النظام والهجوم على المعارضة.