تحدّثنا كثيراً خلال العام الماضي عن ترافق محاولة تنظيم «داعش» التمدّد في المنطقة مع خطة إعلامية متكاملة ومعقدة للدعاية. خطة شملت البحث عن مجندين جدد، وتركّز جزء كبير منها على الشبكة العنكبوتية، وخصوصاً السوشال ميديا. خلال العام الماضي أيضاً، لاحظ المراقبون أنّ تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» أجرى نقلة نوعية في استراتيجيات التواصل الخاصة به. حرص التنظيم الإرهابي لسنوات على التواصل عبر عملية ممنهجة تضمّنت نشر بيانات رسمية عبر مواقع إلكترونية رسمية تابعة له، إضافة إلى طرح فيديوات من خلال ذراعه الإعلامية؛ «مؤسسة الملاحم للإنتاج الإعلامي».

لكن مع بداية عام 2014، أطلق «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» عمليات على مواقع التواصل الاجتماعي، تركّزت على تويتر، من أجل نشر رسالته والتواصل والاقتراب من مؤيديه ومن معارضين على حدٍّ سواء. جرّاء ضغوط يمارسها عدد من الدول، ولا سيّما الولايات المتحدة الأميركية، يُغلق تويتر عادةً الحسابات المرتبطة بهذا التنظيم، قبل أن يُنشئ الأخير حسابات جديدة. وفي معظم الأحيان، يكتفي بتغيير حرف في ما يُعرف بالـtwitter handle (أي الاسم الذي تسبقه علامة @) مثلاً أو إضافة رمز أو إشارة معيّنة.
أجاب مسؤول التنظيم عن
الأسئلة عبر أربعة فيديوات
بطبيعة الحال، أيّ من هذه الحسابات لا يملك علامات «الصح» الزرقاء التي تؤكد أنّها رسمية، كما هي الحال مع المنظمات والجمعيات والمؤسسات المعروفة، أو مع الشخصيات العامة والسياسيين والنجوم. غير أنّ «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» ابتكرت طريقة خاصة تُساعد متابعيها على السوشال ميديا على معرفتها والتحقق من صحّتها، وهي تُختصر بنشر الـ twitter handles التابعة لها على قنوات اتصالها الرسمية، وفق ما ذكر مؤسس موقع «ذا إنترسيبت» الإلكتروني، الأميركي جيريمي سكاهيل (1974). أمثلة كثيرة على ذلك أعطاها صاحب كتابBlackwater: The Rise of the World›s Most Powerful Mercenary Army في مقال نشره في 23 كانون الثاني (يناير) الجاري عبر الموقع المذكور. أحياناً، قد يلجأ «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» إلى مواقع متخصصة مثل JustPaste.it للإبلاغ عن حساباته على تويتر، مقرونة بالطرق الرسمية المختلفة التي تُستخدم لكتابة اسم التنظيم. هذا التبليغ يجد طريقه لاحقاً إلى منتديات «جهادية» عدّة على الشبكة العنكبوتية. هذا الأسلوب وغيره جعل من السهل التأكد من أن الحسابات الجديدة المنتشرة تابعة للتنظيم نفسه: «يمكننا معرفة ذلك من نوعية الإنتاجات التي تتضمنها»، يقول المتخصص في الحركات «الجهادية» آرون زيلين لـ«ذا إنترسيبت».
وقبل شهرين من الاعتداء الدامي الذي نفّذه «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» على صحيفة «ِشارلي إيبدو» في باريس، أطلق التنظيم حملة أسئلة وأجوبة افتراضية على تويتر، مشجعاً «المجاهدين» المحتملين، والمعجبين، والمتابعين، إضافة إلى الصحافيين على تقديم أسئلتهم التي حُوّلت في ما بعد إلى المسؤول في التنظيم ناصر بن علي العنسي.
حتى إنّه تم تخصيص هاشتاغات باللغتين العربية والإنكليزية للموضوع. وفي النهاية، حمّل التنظيم أربعة فيديوات للعنسي وهو يجيب عن الأسئلة التي شملت علاقة «القاعدة» بـ«داعش»، وموت بن لادن، وزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، والعمليات ضد أهداف في الولايات المتحدة.