حوّل المذيع السوري فيصل القاسم استديو برنامجه «الاتجاه المعاكس» على "الجزيرة" إلى حلبة مصارعة. راح يجرّب بكل الطرق المتاحة رفع وتيرة الصراع لتبلغ أوجها مع تبادل ضيفيه أفظع أنوع الشتائم وبعض اللكمات في بعض الأحيان. وربما منذ ذلك الوقت، صار حلم أي مقدّم «توك شو» هو إيصال حلقته إلى المستوى المتهالك ذاته، بغية تحقيق ضربة شهرة وجماهيرية ساحقة.
هكذا، تكرّس على العديد من المحطات اللبنانية خطاب «بلطجي» لا يمتّ لأدبيات الإعلام بصلة. سبق أن شاهدنا ولداً يرفس أمه في برنامج «بلا طول سيرة» على قناة "المستقبل"، وتابعنا عراكاً بين السياسيين اللبنانيين فايز شكر ومصطفى علوش ضمن برنامج «بموضوعيّة» على mtv. أما قناة "الجديد"، فقد كانت لها حصة الأسد من خلال برنامج «الأسبوع في ساعة» عندما كان يستضيف مقدمه جورج صليبي قطبين متناقضين لزوم التجربة السحرية التي ستصل حتماً إلى الإنفجار. وأول من أمس، كانت الكرة في ملعب طوني خليفة في برنامجه «طوني خليفة 1544» على قناة «mtv» عندما استضاف المحامية بشرى الخليل للحديث عن موقفها التضامني مع وفد المحامين السوريين الذين اعتدوا بالضرب على المحامين اللبنانيين أثناء انعقاد «مؤتمر المحامين العرب» الأخير في القاهرة بسبب إهانة أحدهم للجيش السوري. أما الضيف الثاني في الحلقة فكان المحامي منير الحسيني أحد المحامين الذين تعرضوا للضرب في المؤتمر. مع بداية الفقرة المخصصة لهما، قاطع الحسيني زميلته التي سبق أن تطوعت للدفاع عن صدام حسين، إلى درجة قالت له: « مفكر حالك طالع مع فيصل القاسم روق شوي علينا». لكن لم تفد التنبيهات وسرعان ما تهاوى الأمر إلى متسوى الاهانة وتبادل الاتهامات وعدم القدرة على سماع الآخر. كأنّ الحلقة أتت كفرصة مواتية لتصفية حساب المؤتمر. سار «حوار الطرشان» على سوية موتورة وسط مقاطعات والاتهامات حتى بلغ ذروته عندما قالت الخليل إنّ من وقف من الوفد اللبناني ليهلل للرئيس بشار الأسد في المؤتمر يكره عائلة الحريري و«تيار المستقبل»، فرد الحسيني: «أنت من كنت ترقصين». وهنا هاجت المحامية اللبنانية وماجت وانفجرت قائلة :«عيب أنا سيادية بنت أشراف برقصش. إنت بترقص وبهية ونازك الحريري يلي بيرقصوا. إنت وإمك وإختك يلي بيرقصوا. ممنوع تقول عم ترقصي اسكت وسد بوزك ممنوع تحكي ولاه». وتابعت «الخطأ الوحيد الذي ارتكبه النظام السوري بأن جلب رفيق الحريري رئيس حكومة. نحن ضد المشروع الصهيويني الذي تمثله أنت وسعد» فيما اقتصر تدخل المذيع على لوم الحسيني لأنه من غير المعقول أن يقول لزميلته "كنت ترقصين". طبعاً لا أحد يعرف ما هو العار المرتبط بالرقص الذي اعترضت عليه كفكرة، ولا كيف تسيطر الذكورية على تفكير كثيرين منهم المحامية اللبنانية ومستضيفها. على العموم، سرعان ما وصلت ردود الفعل إلى خارج الاستديو. والنتيجة أن برنامج طوني خليفة سطّر إنجازاً جديداً من خلال سيره خطوة موفقة في طريق استشراء ظاهرة «البلطجة» وسيطرتها على المشهد الإعلامي.