لم يجرؤ احد على اعلان معارضته العلنية لتطبيق المادتين 46 و47 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة في لبنان. جميع الفاعلين واصحاب المصالح المباشرة وغير المباشرة في سوق المتاجرة بالدواء في لبنان، اعلنوا العكس من ذلك. اعلنوا تأييدهم الاهداف المتوخاة من اعتماد أنموذج موحد للوصفة الطبية. لا يمتلك هؤلاء ترف المجاهرة برفض اجراءات ادارية، لا تمس اساسات بنية المصالح، بل «تهذّب» الاحتكار وتشذّب «ريوعه» وتعيد توزيع بعضها. هؤلاء لم يعارضوا الاهداف ولكنهم عمدوا الى استخدام مواقع النفوذ للعرقلة، وتوسلوا الحجج الشكلية لتأخير تنفيذ القانون. الشركات المسيطرة على استيراد الدواء لا يناسبها هذا الاجراء، على الرغم من القيود التي يفرضها على الية استبدال اسماء الادوية التجارية. فهو يعكّر صفو احتكارها ويجبرها على اعادة هيكلة علاقاتها بالصيدليات والاطباء والاداريين العامين وحصصهم من ريوع «احتكار السوق». وهناك شريحة من الاطباء «التجّار» تخاف من تقلّص مداخيلها من تورطها في شبكات تصريف «الماركات»، التي تستوردها الشركات المحتكرة وتصل الى المرضى بضعف اسعارها في بلدان المنشأ، بحسب ما تؤكّده التقارير الكثيرة. شركات احتكار تجارة الدواء وهذه الشريحة من الاطباء تكتلا معا في محاولة لتكريس «الامر الواقع» القائم منذ نفاذ هاتين المادتين اعتبارا من عام 2010. وُضعت نقابة الاطباء في بيروت في الواجهة، نظرا لنفوذها الكبير وتأثيره البالغ على قدرة وزير الصحّة على فرض تطبيق القانون، اذا كان جدّيا في ذلك طبعا. كذلك، جرى استخدام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لاعتراض تنفيذ الاجراء المطلوب في الوقت الحالي. فهو يمثل اكبر زبون لشركات الادوية والاطباء والصيدليات والمؤسسات الصحية المختلفة، اذ يشمل بتغطيته اكثر من مليون مضمون/ مستهلك للادوية، وتجري بواسطته عمليات تمويل استهلاك كميات ضخمة من ماركات الادوية القابلة للاستبدال بأخرى ارخص. وبالتالي، هو يمتلك مصلحة اكيدة بتطبيق «الوصفة الطبية» من اجل ضبط استهلاك الادوية وفاتورتها الثقيلة وتخفيف العجز المالي في صندوق ضمان المرض والامومة، الذي يموّل بالسطو على مدخرات المضمونين في صندوق تعويضات نهاية الخدمة، لكن يبدو ان نفوذ محتكري تجارة الادوية والاطباء المتاجرين بالدواء في مجلس ادارة الضمان اقوى بكثير من حافز تحقيق المصلحة الاكيدة، التي تقدّر مصادر الضمان منفعتها بنحو 200 مليون دولار سنويا. فبدلا من البحث في كيفية تسهيل تطبيق «الوصفة الطبية» ذهب مجلس الادارة، ومنه رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، الى تبني ملاحظات شكلية تلطى خلفها رئيس اللجنة الفنية سمير عون عرقلت تنفيذ القانون ووضعت وزير الصحّة امام اختبار التراجع والانكسار.

أي حجج للعرقلة؟

في البداية، كانت حجّة نقابة الاطباء في بيروت انها لا تستطيع ان تلتزم النموذج الموحّد للوصفة الطبية الا بعد تعديل نص المادة 42 من النظام الطبي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، هذه المادة جاء في نصّها الحرفي: «لا يدفع الصندوق إلا ثمن الدواء والمواد الصيدلانية التي يصفها طبيب متعاقد مع الصندوق». يحتمل النص التأويل، ولكنه اصبح بحكم الملغى بموجب القانون الصادر في عام 2010. هذا القانون نص على انه «خلافاً لأي نص آخر. يحق للصيدلي أن يصرف إلى حامل الوصفة الطبية، دواء تحت اسم جنيسي – Generique or Brand Generic غير المذكور فيها، وذلك ضمن شروط (...)». صمتت ادارة الضمان فترة عن حجّة نقابة الاطباء في بيروت، وتبيّن لاحقا ان نقابة الاطباء في طرابلس باشرت من جهتها تطبيق «الوصفة الطبية»، الا ان ادارة الضمان عمدت الى عرقلة معاملات صرف فواتير الادوية وفقا لهذه «الوصفة». هذه الحجّة «الساقطة» دفعت باللجنة الفنية في الضمان الى التلطي وراء احكام قانون عام 2010 نفسه، لتقول ان «النموذج المعتمد من وزارة الصحّة» لا يلتزم حرفيا القانون المذكور، اذ لا يمنع النموذج المعتمد الصيدلي من استبدال الدواء الا اذا وضع الطبيب تحذيرا في خانة مخصصة للادوية التي لا يقبل الطبيب استبدالها، فيما قانون عام 2010 نص على «أن تظهر موافقة الطبيب إلزامياً على الوصفة من خلال موافقته على الاستبدال أو عدمه وفق النموذج الذي تعتمده وزارة الصحة العامة». وجاء في هذا القانون انه «في حال عدم وجود أية ملاحظة على الوصفة الطبية، لا يحق للصيدلي استبدال الدواء». وجدت اللجنة الفنية ضالتها في هذا النص، وتحت شعار الالتزام الحرفي بنص القانون الذي يفرض موافقة الطبيب الالزامية على الاستبدال او عدمه، رفضت الموافقة على «أنموذج وزارة الصحّة» لانه لا يشترط سوى اظهار عدم موافقة الطبيب على استبدال الدواء. بهذا المعنى بدت وزارة الصحّة اكثر حرصا على تطبيق اهداف «الوصفة الطبية» من صندوق الضمان نفسه.
بسبب ضعف الحجج، يلجأ «تكتل المصالح» الى الحجّة الذهبية التي تصلح في كل أمر، وهي عجز الدولة عن الرقابة والضبط، ولذلك، يرفض المعرقلون تعريض حياة «المستهلكين» لمخاطر يجدر تفاديها. برأيهم، ستكون «السوق» مفتوحة امام الادوية «المزوّرة» و»المنخفضة النوعية» الرخيصة، إذا شرّعت «الدولة» هامشا معينا من «المنافسة» بين «العلامات التجارية»، الخاضعة لحماية قانونية متشددة باسم «الملكية الفكرية»، وبين «الادوية المعممة»، التي تحتوي على المادة الفعالة نفسها في العقار الأصلي، وتباع باسم العلامة التجارية نفسه أو باسمها العلمي غير المقيد بحقوق الملكية الفكرية والموافق عليه دولياً. حتى الآن، ظهر «التكتل» قويا وحاسما، فوزير الصحّة السابق، علي حسن خليل، لم ينجح في تطبيق «الوصفة الطبية» على الرغم من انه طالب نقابتي الاطباء بذلك، وجرى وضع الأنموذج في عهده. امّا وزير الصحة الحالي، وائل ابو فاعور، فلا يزال يحاول، وهو يواجه ضغوطا هائلة لحثه على التراجع، ولم تنفع ضغوطه المقابلة بجعل «التكتل» يرضخ، وهو ما عرّض مصالح جميع الاطباء للضرر، اذ لجأ ابو فاعور الى اجراء غير قانوني ضد الاطباء، قضى بتجميد اليات فصل اتعاب الاطباء عن المستشفيات في معاملاتهم مع وزارة الصحّة، اي الزبون المهم لدى الاطباء والمستشفيات.

قوّة «تكتل المصالح»

يستغرب البعض استشراس «التكتل» في قتاله ضد «الوصفة الطبية الموحدة»، فهذا «الاجراء» لا يوازي باهميته ما حاول القيام به وزير الصحّة الراحل اميل بيطار. يومها تكتلت ضده مصالح «الفاعلين» انفسهم، ودُفع الى الاستقالة في اواخر عام 1972، من حكومة الرئيس الراحل صائب سلام في بداية رئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية. طرح بيطار مشروعا يفرض على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الاستيراد المباشر لعدد من الادوية الاساسية وصرفها الى المضمونين من دون اي وسيط. برر بيطار طرحه بالحاجة الى تحديد سعر الكلفة الحقيقي، وبالتالي خفض الكلفة التي يتحملها الصندوق بسبب ضخامة ارباح المستوردين واحتكار قلّة منهم للدواء. بالفعل، فُقدت ادوية اساسية من الصيدليات كرد فعل سريع، وهددت نقابتا المستوردين والصيادلة، بدعم من جمعية التجار، بتنفيذ الاضراب. عندها اصطف رئيس الجمهورية والعديد من الوزراء والنواب ضد بيطار لاخراجه. تماما كما حصل مع وزير العمل السابق شربل نحّاس عندما طرح مشروع التغطية الصحية الشاملة لجميع اللبنانيين المقيمين.
لا يبدو أبو فاعور مهددا باخراجه، ولا سيما في ظل الحماية السياسية الطائفية التي يوفرها له الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وهو ليس في موقع مستقل كبيطار ونحاس، وبالتالي لا يبدو انه في وارد التحدّي إذا اراد جنبلاط الكف عن المحاولة. ولكنه في لقاء قبل يومين عقده مع أطباء أقضية راشيا والبقاع الغربي وحاصبيا في مركز كمال جنبلاط الثقافي الاجتماعي في راشيا، قال أبو فاعور أإن «الوصفة الطبية الموحدة، مطلب أساسي لا يمكن التراجع عنه، ولو كان هناك سبب واحد علمي للتراجع عنها، لكنت مستعدا لكي أعيد النظر فيه، ولكن ليس هناك من سبب واحد علمي، على الاطلاق، ولا أي دافع علمي موضوعي، انما الدوافع مشبوهة». ورأى أبو فاعور أن «نقابة الاطباء حتى اللحظة لا تلتزم هذا القانون، ومن لا يلتزم تنفيذه عليه ألا يطالب الآخرين بالتزام القوانين، وبالحد الادنى، اذا ما خالفنا القانون، فنخالفه لمصلحة المواطن الفقير على نحو أساسي، أما غيرنا فيخالف القانون لمصالح مشبوهة»، داعيا الأطباء الى تأدية دورهم، و»ان ينقل النقاش الى النقابة، لأن هناك أطباء هم جزء من هذه النقابة، ويمكن أن يؤثروا، وهي نقابة منتخبة»، وقال إن «دليلي على حسن النوايا، ان نقابة اطباء الشمال عندما طبقت الوصفة الصحية الغيت لها قرار فصل الاتعاب، وانا مستعد لان اسير به مع أي طبيب يلتزم هذا الامر، ثمة من يريد أن تطبق الوصفة الطبية، حتى لو لم تلتزم النقابة، ولكن، هناك دور للاطباء يجب ان يمارسوه مع النقابة، والاصلاح لن يكون ضد الاطباء على الاطلاق، انما لمصلحتهم».
يشير مصدر مسؤول في وزارة الصحة لـ»الأخبار» أن اعتراض نقابة الأطباء على أي خطوة اصلاحية تحاول أي جهة رسمية القيام بها ليس جديدا. في السنوات السابقة طرح المكتب الوطني للدواء مشروع «ترشيد استخدام الدواء»، لكن الضغط الذي مارسته شركات مستوردي الادوية ونقابة الاطباء دفع الوزارة لالغاء المشروع من أساسه، علما أن هذا المشروع كان يمكن أن يخفض 30% من القيمة الاجمالية لكلفة الدواء في لبنان، عن طريق التدخل المباشر من وزارة الصحة في اختيار مصادر الاستيراد. والنجاح الوحيد الذي حققته الوزارة في هذا المجال، كان عبر برنامج تحسين كلفة (بعض) الأدوية المزمنة والمستعصية، بدعم من بعض المنظمات العالمية (منها منظمة الصحة العالمية) التي تقدم للدولة اللبنانية أسعار مقبولة لبعض أصناف هذه الأدوية».

لماذا يعترض الاطباء؟

يخاف بعض الأطباء من «فضح» مداخيلهم الفاحشة، فهم ليسوا ملزمين التصريح عن هذه المداخيل في ظل نظام ضريبي يسايرهم، اذ بموجب الوصفة الطبية الموحدة يمكن ايضا مراقبة مداخيل الاطباء بعد انجاز المكننة. يرى عدد من الاطباء أن الوصفة الطبية الموحدة ستفتح المجال للصيادلة لبيع الدواء الجنيسي مع او من دون وصفة الطبيب (كما يحصل عادة حين يبيع الطبيب نفسه المريض دواء تجاريا لا يحتاج إليه فعلا)، بالتالي ستنقص مداخيل أطباء لتزيد مداخيل صيادلة.
لا حاجة إلى اختراع أي الية جديدة لتطبيق الدواء الجنيسي في لبنان


بحسب رئيس جمعية المستهلك (الطبيب) زهير برو، فان مصدر الخوف الرئيس هو على الصفقات التي يعقدها اطباء مع شركات الأدوية. فالقطاع الصحي برمته «ترعاه شبكة من المفسدين، تريد بيع الدواء التجاري المرتفع الثمن”. يشرح برو لـ»الأخبار» أن الأشكال المعتمدة للافساد تشمل «المعدات الطبية للمستشفيات أو الأطباء»، كما تتضمن عقود الأطباء مع شركات الدواء «اذ يتقاضون نسبا مئوية من بيع الدواء التجاري الخاص بالشركة، اضافة إلى دعوات لحضور مؤتمرات علمية وسفريات الى دول عدة ومساطر طبية وعينات الدواء المجانية التي يدفع المواطن ثمنها وغيرها».
يوجّه برو نداءً «إلى الأطباء الزملاء لاستيعاب الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للوصفة الطبية التي تمثل مدخلا مهما وجزءًا اساسيا في المعركة ضد الفساد في القطاع الصحي»، مشيرا إلى أنّ ادخال الوصفة الطبية في هذه المهاترات يرمي إلى تخريب هذه الخطوة، لكن الأطباء ليسوا كلّهم متفقين مع زميلهم الناشط في مجال حقوق المستهلك، زهير برو. يسأل احدهم عن مدى سلامة اعتماد الدواء الجنيسي generique، «في ظل منظومة الفساد والبناء المصدي في البلاد، وفي ظل عدم وجود مختبر مركزي يفحص هذه الأدوية»، طبيب أخر لمّح الى امكانية تزوير الأدوية، «فلا شيء يضاهي الأدوية المزورة في تأثيرها في صحة المواطنين، لا سلامة الغذاء ولا غيره». زميل له يحاول أن يدعم موقفه من اعتماد الوصفة الطبية، يقول «نوعية الدواء أهم من مسألة التسعير وخفض الفاتورة على المواطنين». ويسأل طبيب «لماذا نسمح للصيدلي بأن يركّب الدواء الجنيسي؟ لما لا يتولى الطبيب ذلك بنفسه؟».
يؤكد برو أن الدواء الجنيسي يحمل التركيبة نفسها للدواء التجاري، وبالتالي له الفاعلية نفسها. 92 % من الدواء المستخدم في أوروبا جنيسي، والصيدلي هناك يحوّل الى الدواء البديل، الا اذا أصر المواطن على شراء الدواء التجاري، وهذا لا يحصل الا نادرا، طالما أن الدواء الجنيسي أرخص بنحو 50% من الدواء التجاري. فحتى الدول الأوروبية توقفت عن تصنيع الأدوية، وبدأت باستيرادها من الهند (الأولى عالميا في توريد الأدوية الجنيسة)، تليها البرازيل ثم الصين. وتركّز الدول الأوروبية على تصنيع أدوية الأمراض السرطانية وغيرها من الأدوية التي تعالج الأمراض الخطيرة.
«لا حاجة إلى اختراع أي الية جديدة لتطبيق الدواء الجنيسي في لبنان، فلنعتمد التجربة الأوروبية» وفق برو، مشددا على ضرورة أن يكون هناك رقابة جدية من مصدر التوريد، وانشاء مختبر مركزي يتولى مراقبة الأدوية عبر تحليلها وضبط السوق.
يشير برو إلى أن في لبنان قطاع دواء موازيا للقطاع الشرعي، اذ هناك كميات من الأدوية تدخل إلى لبنان دون أن تجري جمركتها، لأنها تصنف في خانة العروض أو تدخل تحت مسميات التجريب وغيرها، وتباع للمستهلك اللبناني.
مندوب احدى شركات الأدوية، يروي لـ»الأخبار» أن عددا كبيرا من الأدوية التي تستورد لا تباع في بلد المنشأ! مثل فيتامين fresh v الذي يباع في لبنان بثمن مرتفع جدا، علما بأن هناك فيتامينات أخرى تصنع محليا بالجودة والتركيبة نفسيهما ولكن بأسعار أقل بكثير.




مصالح بقيمة 1.4 مليار دولار في سوق الدواء



منذ عقود طويلة ترسّخت مصالح كبيرة في نمط السياسات الصحية المتبع. ونجح محتكرو الدواء بادخال المزيد من «الفاعلين» الى شبكة مصالحهم، وبات بعض الاطباء يجاهر بتورطه في تسويق «علامات تجارية» دون غيرها وفرضها على مرضاه، لقاء رشى او اكراميات او هدايا او رحلة استجمام او مشاركة في مؤتمر في الخارج. يشعر المستوردون بان فرض الالتزام بـ»الوصفة الطبية الموحدة» على الاطباء سيعكّر صفو احتكارهم لواحدة من اهم الحاجات «الانسانية»: الدواء.
في لبنان 10 شركات استيراد تسيطر على نحو 90% من تجارة الادوية، 4 شركات منها تحتكر نحو 50% من هذه التجارة. وبحسب مؤسسة البحوث والدراسات الاقتصادية (BMI) وصل حجم تجارة الادوية المحلية الى 1,48 مليار دولار في 2014، علما ان نقابة مستوردي الادوية، التي تعتمد مقياس «سعر المبيع للسوق»، تقدر حجم هذه التجارة في لبنان (عام 2013) بنحو 970 مليون دولار موزّعة كالآتي: البيع عبر الصيدليات 745 مليون دولار، والمستشفيات 115 مليونا، والمؤسسات العامة 110 ملايين. وتقدّر BMI نصيب الفرد من الانفاق على الأدوية بنحو 285,2 دولارا في عام 2014، وتتوقع ان يرتفع الى 292 دولارا في هذا العام و345,5 دولارا عام 2018. وتعزو ارتفاع الانفاق على الأدوية الى اعتماد السوق المفرط على الأدوية المستوردة والى كثرة الوصفات الطبية في لبنان. وبالاستناد الى تقديرات BMI تمثل الأدوية الموصوفة طبياً نحو 73,8% من اجمالي مبيعات الادوية. وعدّت هذه النسبة المرتفعة بسبب «انتشار استخدام الأدوية الحائزة براءة الاختراع (patented)»، التي تمثل 62,6% من اجمالي الانفاق على الأدوية الموصوفة طبياً و46,2% من الانفاق على المنتجات الصيدلانية.




لا نصاب في مجلس ادارة الضمان



في الجلسة الأخيرة لمجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، سقط نصاب الجلسة، للمرة الثانية، بسبب انسحاب ممثلي العمال منها (مجلس الإدارة موزّع كالآتي: 10 ممثلين للعمال، 10 ممثلين لأصحاب العمل، 6 ممثلين للدولة). حصل ذلك عندما وصل النقاش بينهم إلى طريق مسدود، فانقسموا حول تطبيق الوصفة الموحدة بما تمليه من تعديلات على المادة 42 من النظام الطبي. وبحسب بعض أعضاء المجلس، فإن ممثلي العمّال تمسّكوا بالتقرير الذي أعدته اللجنة الفنية، ومفاده أن هناك تباينات بين المادة 47 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة التي أنشأت الوصفة الطبية الموحّدة، ومضمون نموذج الوصفة الذي اعتمدته وزارة الصحة، وبالتالي لا بد من إزالة التباينات قبل تعديل المادة 42 التي لا تسمح باعتماد الوصفة الموحدة بتفاصيلها. هذا الرأي «الشكلي» لم يلغ وجود نقاش في نتائج اعتماد الوصفة يمكن اختصاره على النحو الآتي:
ــ بعض ممثلي العمّال قالوا إنه يجب ألا نغامر بحصول المضمونين على الدواء بنوعية غير جيّدة من أجل التوفير المالي.
ــ طالب بعض أعضاء مجلس الإدارة بإصدار الضمان أنموذجه الخاص من الوصفة الطبية الا ان القانون ينيط ذلك بوزارة الصحة.
ــ هناك موافقة مبدئية على أن يقبل الضمان اعتماد أدوية الجينيريك التي تعتمدها وزارة الصحة، لأن الضمان ليس الجهة الصالحة لتحديد الادوية المسجلة، وليس لديه القدرة الفنية والتقنية على إبداء الرأي الطبي في اعتماد الأدوية، سواء كانت تجارية أو جينيريك.
ــ أبدى بعض أعضاء المجلس قلقهم من عمليات التلاعب بالأدوية التي قد تطاول أدوية الجينيريك.




القانون النافذ من دون تنفيذ



صدر عن المجلس النيابي، بتاريخ 6 آذار 2010، قانون يقضي بتعديل المادتين 46 و47 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة في لبنان. تنص المادة الاولى من هذا القانون على الغاء نص المادة 46 من القانون الرقم 367 تاريخ 1/8/1994 (قانون مزاولة مهنة الصيدلة)، والاستعاضة عنه بالنص الآتي:
«تكون الوصفة الطبية وفق الأنموذج الذي تعتمده وزارة الصحة العامة ومطبوعة على ثلاث نسخ ليحفظ كل من الطبيب والصيدلي والمريض نسخة منها. لا يجوز للصيدلي من تلقاء نفسه أو باتفاق مع حامل الوصفة أن يغير من كميات المواد المذكورة فيها، أو أن يستعيض عن مادة بمادة أخرى. ولا يجوز للطبيب أن يعين معملاً خاصاً إذا كان المستحضر أو المادة مدرجة في احد أنظمة الأدوية تحت اسمها العلمي، ولا يجوز للصيدلي أن يجهز وصفة طبية مكتوبة بعبارات مصطلح عليها مع كاتبها. إذا رأى الصيدلي خطأ في كتابة الوصفة الطبية، فلا يجوز له أن يغير من تلقاء نفسه أو بموافقة حاملها نصها أو أن يعدِل المقادير المذكورة فيها، بل عليه أن يلفت نظر الطبيب إلى الأمور التي إسترعت انتباهه فيها، وأن يطلب تأييداً خطياً لمضمونها».
وتنص المادة الثانية على الغاء نص المادة 47 من القانون نفسه، والاستعاضة عنه بالنص الآتي:
«أ‌- يحق للصيدلي، وخلافاً لأي نص آخر، أن يصرف إلى حامل الوصفة الطبية، دواء تحت اسم جنيسي – Generique or Brand Generic غير المذكور فيها، وذلك ضمن الشروط الآتية:
1- أن يكون الدواء البديل مشمولاً في لائحة الادوية البديلة التي تعتمدها وزارة الصحة العامة وفق معايير منظمة الصحة العالمية، على أن:
أ- يكون الدواء الذي يصرف مركباً من ذات المواد الفاعلة الداخلة في تركيب الدواء المذكور في الوصفة الطبية وبذات المقادير، وله ذات التكافؤ الحيوي والشكل الصيدلاني.
ب- يكون سعر المبيع من العموم في لبنان للدواء الذي يصرفه أقل من سعر المبيع من العموم في لبنان للدواء المذكور في الوصفة الطبية.
2- أن يكون المريض موافقاً على الاستبدال.
3- أن تظهر موافقة الطبيب إلزامياً على الوصفة من خلال موافقته على الاستبدال أو عدمه وفق النموذج اذي تعتمده وزارة الصحة العامة. في حال عدم وجود أي ملاحظة على الوصفة الطبية، لا يحق للصيدلي استبدال الدواء.
ب- يسجل الصيدلي، بعد تأكده على مسؤوليته من توافر الشروط أعلاه، اسم الدواء الذي صرفه على الإيصال الذي يسلّمه إلى حامل الوصفة، مع ذكر عبارة: استبدل عملاً بالمادة 47 جديدة من قانون مزاولة مهنة الصيدلة. ويجب على المؤسسات الضامنة، الرسمية والخاصة، قبول الدواء المستبدل وصرف الثمن وفقاً للنسبة والمبادىء المعتمدة لدى كل منها، دون فرض وصفة طبية تعين الدواء المستبدل».