كان لا بد للخطة الأمنية في البقاع، بعد الانتقادات التي طالتها، من جرعة دعم معنوية وفّرتها أمس زيارة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى البقاع، وتحديداً بريتال، أحد أضلاع «مربع الموت»، على ما وصفها المشنوق سابقاً. أعطى المشنوق «معنويات» للقوى الأمنية التي كانت تنفذ إجراءاتها وسط الثلوج والصقيع، كذلك للبقاعيين الذين «أعطاهم حقهم» بالتأكيد أنهم ليسوا خارجين على الدولة، ومقرّاً بخطئه عندما وصف المنطقة بـ»مربع الموت».
وبالتزامن مع عمليات الدهم التي نفذها الجيش في بلدة الحمّودية، ومصادرته طنين من حشيشة الكيف وأعتدة عسكرية في منزل أحد المطلوبين، وصل وزير الداخلية إلى بلدة بريتال، يرافقه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، ومحافظ بعلبك الهرمل بشير خضر وقيادات أمنية وعسكرية. اجتماع سريع بين المشنوق والقيادات العسكرية «العاملة على الأرض»، في حضور رئيس بلدية بريتال عباس زكي اسماعيل، أكد فيه وزير الداخلية أن الدولة لن تألو جهداً في تنفيذ سائر أجزاء الخطة الأمنية على كافة الأراضي اللبنانية، منوّهاً بالحرمان الذي تعانيه منطقة البقاع التي «تحتاج إلى مجهود إنمائي استثنائي حتى لا يشكل عدم الإنماء سبيلاً للجريمة والمخدرات». ولفت الى أنه «كان هناك انطباع بأن منطقة البقاع خارج الدولة، وثبت العكس من خلال الخطة الأمنية التي لم يعترض عليها أبناء المنطقة، رغم المداهمات والتوقيفات».
رئيس بلدية بريتال طالب وزير الداخلية بـ»إيلاء الدولة الاهتمام الإنمائي اللازم لمنطقة البقاع، وتنفيذ المداهمات الإنمائية في موازاة المداهمات الأمنية»، وقال إن المشنوق «وعد بنقل الصورة إلى مجلس الوزراء ودعم الخطط الإنمائية والخدماتية للمنطقة».
المشنوق تفقّد الحواجز الثابتة والمؤقتة المنتشرة على طول الطريق الدولية، من بريتال والنقطة الرابعة ــ طليا الى تل عمارة ــ رياق، لتنتهي جولته في ثكنة أبلح العسكرية حيث عقد مؤتمراً صحافياً قال فيه: «عندما أعلنت عن مربع الموت في الشراونة والنبي شيت وبريتال وعرسال، كنت ظالماً والكلام كان شاملاً، كما أن كلامي كان خاطئاً»، مشدداً على أن «العملية الامنية مستمرة في محاولة لإعلان هذه المنطقة وبشكل نهائي خالية من المطلوبين والمخدرات». ولفت الى أن «كبار المطلوبين هربوا الى سوريا، وهذا ليس سراً، ولكن الخطة الامنية هي لمنعهم من العودة، والذي يعود سيدفع ثمن ما ارتكبه».
وأعلن المشنوق أن «هناك غرفة عمليات مشتركة في البقاع لمتابعة كل المخالفات، وهذه أول عملية من نوعها بين الاجهزة الأمنية الثلاثة، الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام، وهذا تأكيد على السياسية التي اتبعناها بأن القوى الامنية يد واحدة في مواجهة الارهاب وتجار المخدرات والخطف من أجل الفدية المالية والسلب». وأشار المشنوق الى وجود 37 ألف مذكرة توقيف ووثيقة اتصال بحق بقاعيين، بتهم بسيطة منها إطلاق نار في أعراس أو مآتم. ورأى أن من «غير المقبول إبقاء هذا الملف على هذه الطريقة، ولا بد من النظر فيه»، وأن «الباب مفتوح لتسوية أوضاع كل الذين عليهم وثائق اتصال»، داعياً الى «تشكيل لجان جدية لمتابعة هذه المواضيع مع البلديات والمخاتير وقيادة الجيش».
ورداً على سؤال عن عدم إتلاف حقول الحشيشة في البقاع في المواسم الماضية، أكد أن لدى الدولة «أولويات أمنية قبل زراعة حشيشة الكيف، ومنها مواجهة الإرهاب التكفيري والانتحاريين».
عضو لجنة العفو العام في بعلبك ــ الهرمل قاسم طليس ثمّن في حديث الى «الأخبار» طرح وزير الداخلية تشكيل لجان للنظر في الاستنابات القضائية، إلا أنه طالب «بضمانات شاملة وعامة، لمنع إدخال هذا الملف في أتون المناكفات السياسية»، على أن يضمن عندها «أن يسلم جميع المطلوبين أنفسهم، وللتأكيد على أن سائر أبناء المنطقة تحت سقف القانون». وناشد وزير الداخلية «عدم تجزئة الأحكام والتهم، وإصدار مرسوم عفو عام بدل الدخول في تشكيل لجان ودراسة ومتابعة، وما قد ينتج من ذلك من مشاكل».