تقترب رئاسة حزب الكتائب من النائب سامي الجميّل أكثر فأكثر. منذ مؤتمر الحزب عام 2007، يتحدّث الكتائبيون عن هذه الخطوة، من دون أن يأتي اليوم الموعود. ولكن، هذه المرة، تبدو الأمور جدّية. خلافاً لكل ما يُشاع عن خلافات بين الرئيس أمين الجميل وابنه، يتجه «الشيخ أمين» إلى التقاعد، مُفسحاً المجال أمام «فتى الكتائب» ليضخّ دماً جديداً في عروق الحزب العتيق، وجاءت استقالة الجميّل الابن من منصبه منسقاً للجنة المركزية وإلغاء هذا المركز «خطوة أولى في هذا السبيل»، استناداً إلى أحد المقربين من بكفيا.إعلان القيادة الجديدة سيكون خلال المؤتمر التنظيمي للحزب الذي لم يُحدد موعده بعد، ويُرجح عقده في تموز المقبل، على أن تصدر الأمانة العامة للحزب، في نيسان المقبل، مذكرة تعلن فيها رسمياً عقد المؤتمر الذي يُنظم كل أربع سنوات بحسب النظام الداخلي للحزب. غير أن الأمور لا تبدو بهذه السلاسة.

فقرار الجميّل الأب يواجَه بموقف «قسم كبير» من أعضاء المكتب السياسي رافض لتسليم سامي الرئاسة. ويشير النائب نديم الجميّل، لـ»الأخبار»، إلى أنه «كلما اقتربنا من موعد المؤتمر سيتشدد كل فريق أكثر في موقفه»، الأمر الذي قد يدفع إلى إلغائه أو إرجائه.
حتى الآن، صدرت عن الأمانة العامة مذكرات عدة تتعلّق بالمؤتمر منها: ضرورة تسديد الاشتراكات للمنتسبين الراغبين في أن يكونوا ضمن الهيئة الناخبة، وأن يُدقق كل قسم حزبي باللوائح التي يملكها، علماً بأن المُهل الدستورية في ما خص الاشتراكات لم تُحترم. ومهمة الهيئة الناخبة انتخاب المندوبين الذين سيمثلون أقاليمهم في المؤتمر. ويكون عضواً في هذه الهيئة كل منتسب سدد اشتراكه عن عام 2014 وتقدم بطلب خطي للإقليم التابع له.
نديم الجميّل:
وصول سامي لن يُسهم في الحفاظ على المؤسسة

ومع أن مهلة تسديد الاشتراكات والتقدم بالطلبات مفتوحة إلى ما قبل عقدد المؤتمر، إلا أن الأمانة العامة حددتها بشهري كانون الأول وكانون الثاني الماضيين، قبل أن تعيد في اجتماع المكتب السياسي الأخير فتح المُهل من جديد. ويُحدد عدد المندوبين المشاركين في المؤتمر بخمسة أضعاف (300) عدد الحزبيين المعينين (أي رؤساء الأقاليم والأقسام، وعددهم تقريباً 60). وينتخب المندوبون من قبل الوحدات المركزية (المصالح والندوات) والوحدات الإقليمية (الاقاليم). أما توزّعهم فيكون نسبياً بحسب عدد المنتسبين في المناطق، إذ يتركز العدد الأكبر في أقضية: المتن، كسروان، بعبدا، جبيل، زحلة، والأشرفية. ويقول أحد العاملين في فريق الجميّل الابن إن العمل يتركز أيضاً «على مؤتمرات الأقاليم. فبعد لقاء أقاليم الشمال سيُعقد في آذار اجتماع لإقليم كسروان، قد ينضم إليه إقليم جبيل»، كذلك «يُركز الشيخ سامي على الحضور الدائم بين الحزبيين في المناطق. ولن نستغرب إذا نتج من ذلك عدد من المندوبين الموالين له».
يؤكد نديم الجميّل أن الرئيس الجميّل يتجه إلى تسليم رئاسة الحزب لسامي. ويلفت إلى أن فريقاً كبيراً لن يقبل بهذا القرار، «فهناك الفريق المحسوب على الرئيس، الذي يخشى كل عضو فيه على موقعه مستقبلاً. إضافة إلى أن بعض من يُحسبون على سامي يعتقدون أن الظروف التي يمرّ بها الحزب لا تسمح بهذا الانتقال». أمام هذا الوضع، يبدو نديم الجميّل مرتاحاً «لأنني لست مسؤولاً عن الصورة التي تعكس صورة الحزب السيئة». ويضيف: «في موضوع إقليم الرميل اتهموني بأنني أُسهم في تشويه الكتائب. اليوم الوضع مُختلف وأنا لا أتدخل». وهو يدرك أن ملعبه ليس واسعاً، إذ «يعرف كل شخص حجمه. الخيار ليس بين سامي ونديم، بل بين أمين وسامي أو بين سامي والمؤسسة، وتحديداً حول من سيُمسك القرار؟»، مؤكداً أنه لا يرى أن «وصول سامي سيُسهم في الحفاظ على المؤسسة». على الرغم من ذلك «أنا مُستعد للتعاون معه إذا كان إيجابياً ولم يتصرف معنا وفق منطق الإقصاء من السلطة وقرارات الحزب». لكنه يستدرك بأنه «مخطئ من يظن أن بإمكانه استخدامي في حربه ضد سامي. أنا أُقدر هذا الشاب كثيراً ولست ضده». ولا يستبعد أن يكون هناك إرجاء أو إلغاء للمؤتمر إذا لم يتوافر إجماع على سامي.
ومن الأسماء التي قد تكون معترضة على تسلّم الجميّل الابن للرئاسة الوزير سجعان قزي، خصوصاً بعد خلافهما الأخير في المكتب السياسي على خلفية آلية اتخاذ القرار وعدم التنسيق بين وزراء الحزب في الحكومة. قزي ينفي ذلك، ويقول لـ«الأخبار»: «لا أعلم من سرّب القصة للإعلام. أصلاً لكل منا ملعبه، ومن مصلحتنا نحن الاثنين أن نكون على علاقة جيدة». في الأساس «أنا أقرب إلى خيارات سامي من خيارات والده». يؤيد قزي وصول الجميّل إلى رئاسة الحزب: «عمره 33 سنة، إذا لم يتسلّم الآن فمتى؟ هو خلق حالة بين جيل الشباب ولديه المقومات. حتى ابنتي تسألني لمَ لا تُسلمون الرئاسة لسامي؟». ولكن قبل ذلك، «الرئيس الجميّل لم يطرح علينا هذا الأمر. وداخل المؤتمر العملية ديموقراطية، فإذا كانت الأكثرية لا تريد سامي، فلا أحد يمكنه فرضه؟».
من يعرف قزي جيداً يؤكد أن «سجعان يعرف كيف يتأقلم أياً كانت القيادة، ولن يكون صعباً عليه أن يتكيف مع سامي».
يقول المصدر في فريق عمل سامي، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إنه «بعد الاختلاف في وجهات النظر الذي انفجر إعلامياً، تبين أكثر من أي وقت مضى أن الصراع داخل الكتائب بين جيلين يُسبّب الأذى للحزب، لذلك لا يُمكنه أن يستمر أكثر». يهمّ سامي والمحيطين به أن يكون انتقال السلطة سلساً، «لا نريد أن يمر الحزب بخضّات قد تهدد بنيته». خاصة أنه سيكون من قرارات القيادة الجديدة «تحديد خيارات سياسية جديدة للكتائب، أبرزها قد يكون الخروج نهائياً من قوى الرابع عشر من آذار والمطالبة باتفاق جديد يكون بديلاً من الطائف». يبدو المصدر متيقناً وهو يقول: «سيكون لنا رئيس كتائبي جديد الصيف المقبل».