يخيّل لمشاهد الشريطين الترويجيين لوثائقي «الشاهد» الذي ستعرضه «الجزيرة» الليلة أنّ القصة تختصر ببحث وتقصٍّ عن الشاهد عبد الباسط بني عودة أو «الشاهد الإسرائيلي» كما عرف في الأوساط اللبنانية بما أنه يحمل الجنسية الإسرائيلية، وأدرج أيضاً ضمن «شهود الزور» الذين ضللوا فريق لجنة التحقيق الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري.
يقع المشاهد في شرك أنّ فريق الشريط التسجيلي حصر مهمته في البحث عن هذا الرجل في مكان إقامته في السويد، وأنه سيعمل على عرض ما لديه من وثائق وتسجيلات مع العديد من الشخصيات ذات علاقة بالتحقيق. لكن سرعان ما يتضح أن الفيلم (50 دقيقة) ــ كما يروي لنا مخرجه الفلسطيني مهند صلاحات ـــ ينطلق من شهادة «أنطونيوس بني عودة» كما بات يعرف عندما دخل السويد، ليبحث في عمل لجان التحقيق الدولية. يسائل العمل ارتكاباتها المخالِفة للقانون الدولي في شهادة بني عودة التي يصنفها الشريط ضمن «صفقة تمت قبل سنوات» بين لجنة التحقيق الأولى الخاصة باغتيال الحريري وبين هذا الشاهد. صفقة غيّرت مسار التحقيق الدولي في القضية من دون التحقق من صدقيتها. صلاحات المقيم حالياً في السويد، بدأ منذ 2012 التعاون مع صحافيين سويديين لتنفيذ هذا العمل بما أن قضية بني عودة «لم تعد محصورة بلبنان ولا بلجان التحقيق الدولية، بل أثيرت داخل السويد».

رصد ارتكابات لجنة التحقيق الأولى بقيادة ميليس
بالتعاون مع الشركة المنفذة السويديةLaiks film& Television/ Stockhom-sweden، انطلق المخرج من قضية هذا الشاهد ليحكي كيف يرمي العالم العربي قضاياه على ظهر وسيط دولي. يؤكد صلاحات أنّ الشريط الذي سيبث على القناة القطرية ضمن سلسلة وثائقياتها «الصندوق الأسود» لن «يبحث عمن قتل الحريري»، بل سيغوص في عمل اللجان، وخصوصاً لجنة التحقيق الأولى التي كان يرأسها القاضي ديتليف ميليس. على أساس نتائج هذه اللجنة، بُني مسار التحقيق حتى اليوم. سيحضر ميليس في الوثائقي، إلى جانب أبرز محققي اللجنة الأولى السويدي بو أستروم وستكون هناك مواجهة بين هذين الرجلين حول تفاصيل هذا الاتفاق السري الذي أبرم مع بني عودة. بعدها، تُطرح سلسلة من الإشكاليات أبرزها: كيف بنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان نتائجها على هذا الشاهد بني عودة؟ وكيف أنّه لا يمكن التحقق من صدقية هذه الشهادة، وكيف لم تتم محاكمة هذا الشاهد إذا كان يندرج ضمن شهود الزور؟
فريق لجنة التحقيق الأولى في اغتيال الحريري وعملية المواجهة، سيوازيهما حضور للشاهد بني عودة وسرد لروايته على لسانه وعرض لمختلف التسجيلات التي بحوزته. وهنا يطرح السؤال عن مدى التسليم بإعادة بث هذه الشهادة على الهواء من دون دحض لها، بما أن فريق العمل ــ وفق المخرج ــ لا يستطيع إثبات أو نفي هذه الشهادة؟ لذا لجأ فريق الوثائقي الى مقابلة أستاذ القانون العام محمد طيّ لإرساء نوع من التوازن في الفيلم. وسيضع طي تساؤلاته حول هذا الشاهد. هذه الشخصيات لن تكون وحدها حاضرة في مسار هذا الفيلم التسجيلي، بل سيستهل العرض من خلال الانطلاق من أولى جلسات المحكمة في لاهاي العام الماضي. هناك تدور الكاميرا لتستصرح الصحافيين اللبنانيين الحاضرين وإلى جانبهم اللواء السابق جميل السيّد الذي سُجن 4 سنوات في ملف الحريري رغم انتفاء الدليل. إذاً، سيغوص الشريط في عمل اللجان الدولية ويفضح مخالفتها للقانون الدولي عبر المواجهة بالأدلة. خطوة استقصائية يؤكد مخرج العمل أنها ستستكمل في ما بعد، أقله صحافياً إن لم يكن عبر عمل مرئي كـ»الشاهد».

* «الشاهد» ضمن سلسلة «الصندوق الأسود» الليلة 21:00 بتوقيت بيروت على «الجزيرة»