على طاولة تكتل التغيير والاصلاح تصوّر يتناول اقتراح آلية عمل مجلس الوزراء في ظل شغور رئاسة الجمهورية وانتقال الصلاحيات الى مجلس الوزراء وكالة. وضع التصوّر عضو التكتل الوزير السابق سليم جريصاتي حيال جدول الاعمال واتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، بعدما اضحى هذان البندان، الى ثالث هو توقيع المراسيم واصدارها، عبئا على عمل حكومة الرئيس تمام سلام وسببا لشل اعمالها من جراء تناقض ممارسة الوزراء صلاحيات الرئيس وادارة الحكم في ظل الشغور.
إطلع الرئيس ميشال عون على التصوّر المقيم في صلب مقاربته دور مجلس الوزراء في المرحلة الانتقالية، واستمد روحيته من مواقف التقى عليها والرئيس سعد الحريري في اجتماعهما الاخير، وارتأيا الخوض في سبل تسهيل عمل الحكومة التي تضطلع بدورين متلازمين: السلطة الاجرائية بصفتها مجلسا للوزراء، وهيئة رئيس الجمهورية بانتقال الصلاحيات اليها.
يتمسك تصوّر جريصاتي بوجهة نظر عون القائلة بقاعدة التوافق تبعا للمعطيات الآتية:
1 ــــ يجد التكتل تمثيله في حكومة سلام اصغر من حجمه السياسي والشعبي، ممثلا بأربعة وزراء فقط، اثنان للتيار الوطني الحر واثنان لحزب الطاشناق وتيار المردة، بينما لكل من حزب الكتائب والرئيس ميشال سليمان ثلاثة وزراء من غير ان يكونا في حجم مماثل للتكتل في مجلس النواب وفي الشارع. بل لا يجد في حقيبتي الخارجية والتربية ما يعوّض تمثيله الذي يلح على حجمه.

اذا تعذر التوافق
تؤلف لجنة وزارية لايجاد حد ادنى من التوافق
مع ذلك سلم بتأليف الحكومة تحت وطأة ضغوط خارجية، وضمانا لاستقرار الداخل على ابواب الاستحقاق الرئاسي قبل وقوع الشغور. ما يقتضي في ظل الشغور امتلاك التكتل دورا في مجلس الوزراء يقارب حجمه على الاقل.
2 ــــ منذ وقوع الشغور حصر التكتل مطلب التوافق باتخاذ القرارات وتوقيع المراسيم العادية التي لا تمر بمجلس الوزراء. سرعان ما تلقف رغبة سلام بتوسيع نطاق التوافق كي يشمل جدول الاعمال، على نحو يتجاوز اطلاع مجلس الوزراء على بنوده، الى جعله شريكا له في صلاحية وضعه تقريبا، انطلاقا من سعي سلام الى اوسع مسؤولية جماعية عن ادارة الحكم في غياب الرئيس.
3 ــــ لمس التكتل تدريجا تعمد استخدام التوافق سلاحا في ايدي وزراء لتعطيل عمل مجلس الوزراء، ما احال آلية التوافق عبئا جديا عليه. اذ ذاك كانت ثمة اكثر من مناقشة لسبل تعديل تلك الآلية، مع الحفاظ على ميزان التوافق لضمان استمرار السلطة الاجرائية. تناولت المناقشات ثلاث آليات: اولى قالت بتعديل الاكثرية، ثانية بالاحتكام الى المادة 65، ثالثة بترجيح كفة الكتل الوازنة في المجلس على نحو يضع الفيتو في يديها ويستثني وزراء سليمان كون لا حيثية شعبية لديهم تجعلهم في مصاف الكتل الكبرى الاخرى.
4 ــــ في عشاء عون والحريري كان ثمة اتفاق على ضرورة الخروج من دوامة اقران قرارات مجلس الوزراء بتوافق اقرب ما يكون الى اجماع صلب، ما يتسبب حكما بالتعطيل، وتاليا توفير سبل مرنة تمكّن المجلس من ممارسة صلاحيات الرئيس واتخاذ قرارته. وهو ما عناه تفاهمهما على تسهيل عمل حكومة سلام من ضمن ضوابط ناجمة عن واقع فرض نفسه على الافرقاء جميعا، هو شغور الرئاسة.
في تصوّر جريصاتي:
«1 ــــ لا يختلف احد على ان المراسيم العادية يجب تذييلها بتوقيع رئيس مجلس الوزراء وجميع الوزراء عن رئيس الجمهورية.
2 ــــ لا يقع اللجوء الى المادة 65 لتقرير النصاب القانوني لانعقاد مجلس الوزراء حال خلو سدة الرئاسة او آلية اتخاذ قراراته في موقعه الدستوري السليم للاسباب الآتية:
ــــ لا تلحظ المادة 65 حال خلو سدة الرئاسة، بل تنص على كيفية تولي مجلس الوزراء السلطة الاجرائية.
ــــ تنص المادة 65 على مبدأ التوافق، اي اتخاذ قرارات المجلس توافقيا، حتى اذا تعذر يلجأ المشرّع الدستوري الى الاستثناء، اي التصويت بأكثريتين، نسبية (النصف زائدا واحدا) في المواضيع العادية او الموصوفة (ثلثا عدد اعضاء الحكومة) في المواضيع الاساسية.
لذلك، لا يصح إعمال استثناء على الاستثناء. الاستثناء صريح وحصري وضيّق التفسير، لا يجوز ان ندخل استثناء آخر على مبدأ التوافق او استثناءاته، هو خلو سدّة الرئاسة.
3 ــــ في حال طبّقنا المادة 65 جزافا، اي ممارسة مجلس الوزراء صلاحيات الرئيس، فهذا يعني، في المواضيع العادية مثلا، ان نصاب حضور من 16 وزيرا يجعل من جلسة مجلس الوزراء منعقدة بصورة صحيحة، بحيث يصدر اي قرار بمجرد موافقة 9 وزراء عليه (الاكثرية النسبية)! فهل يكتفى بـ9 وزراء فقط لممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية حال خلو سدة الرئاسة؟
4 ــــ القول بتشديد اكثريات التصويت، كأن تتخذ القرارات في المواضيع العادية بأكثرية الثلثين من الحضور او من عدد اعضاء الحكومة، او بأكثرية ثلاثة ارباع الحضور او من عدد اعضاء الحكومة في المواضيع الاساسية، اجتهاد يقع موقع التشريع الدستوري، اي تعديل الدستور، ما يطيح مبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في مقدمة الدستور وآلية تعديل الدستور».
يخلص التصور الى «ان المقترح العملي الوحيد المتاح الاستمرار في اعتماد آلية التوافق على جدول الاعمال واتخاذ قرارات مجلس الوزراء الممارس لصلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، حتى اذا تعذر التوافق على الجدول استبعدت البنود الخلافية. اذا تعذر التوافق على القرارات لا يتم اللجوء الى التصويت، بل يبادر رئيس مجلس الوزراء بتأليف لجنة من الوزير المختص الذي سقط مشروع قراره بعدم التوافق عليه، ومن الوزراء المعترضين عليه، ومن يرغب من سائر الوزراء، للسعي الى ايجاد حد ادنى من التوافق ضمن مهلة قصيرة محددة. فترفع اللجنة تقريرا بخلاصاتها الى المجلس بانتهاء المهلة، ويتخذ قرارا بالتوافق في شأنه، حيث يسهل التوافق اذا اتى التقرير باراء متوافقة او منسجمة بين اعضاء اللجنة».

■ للاطلاع على النص الكامل لتصور الوزير السابق سليم جريصاتي أنقر هنا