اختطاف المطرانين يوحنا إبراهيم (متروبوليت حلب للسريان الأرثوذكس)، وبولس يازجي (متروبوليت حلب والإسكندرون وتوابعهما للروم الأرثوذكس) يدخل في أواخر نيسان القادم عامه الثالث. المدّة التي انقضت على اختطافهما حتى الآن هي الأطول بين قضايا الاختطاف الشهيرة في الحرب السورية (راهبات معلولا 3 أشهر وبضعة أيام، الناشطتان الإيطاليتان 5 أشهر، مخطوفو أعزاز 17 شهراً، الأب باولو دالوليو 19 شهراً حتى الآن...).
ومثلَما تضاربت الأنباء أوّل الأمر بشأن ملابسات حادثة الاختطاف، والجهة الخاطفة، ومصير المطرانين، استمرّ التضارب في مستجدات القضيّة وحالة المطرانين حتى الآن. وإذا كان التضارب في المعلومات هو السّمة المشتركة بين معظم قضايا الاختطاف المشابهة، فإنّ المختلفَ في حالة المطرانين هو أنّ الجهة التي اختطفتهما (وهي عصبة الأنصار) لم تعُد تحظى بسلطة عليهما، حيث قامت بتسليمهما لتنظيم «الدولة الإسلاميّة» بعد فترة قصيرة من وقوع الحادثة (الأخبار/2312). أكثر من ذلك، فإن متزعم الجهة الخاطفة (صالح الأقرع) لقي حتفَه في ظروف غامضة بريف حلب منتصف العام الماضي (الأخبار/2358).

معلومات مؤكدة جديدة

بين فترة وأخرى تتداول بعض المصادر أنباء متناقضة عن مصير المطرانين، ما بين مؤكّدٍ أنهما بخير، ومتحدث عن مقتل أحدهما أو كليهما. «الأخبار» تمكنت من الحصول على معلوماتٍ جديدة في هذا الشأن عبر مصدر «جهادي» مرتبط بتنظيم «الدولة الإسلامية». وأكّد المصدر أنّ المطرانين ما زالا بخيرٍ حتى الآن. المصدر شرح لـ«الأخبار» أنّ تعامل التنظيم مع حالة المطرانين مختلفٌ (حتى الآن) عن معظم حالات الاختطاف الأخرى. وقال المصدر إنّ «مكان احتجاز المطرانين قد تبدّل مرات عدّة. أحياناً لأسباب تتعلّق بالسّريّة، وأحياناً أخرى توخياً لإبعادهما عن خطر المعارك والقصف». ووفقاً للمصدر، فإنّ آخر تلك المرّات جاءت بعد أيام من «انحياز الدولة الإسلامية من عين الإسلام (التسمية المعتمدة لدى التنظيم لعين العرب)»، حيث نُقلا إلى «منطقة أكثر أماناً» بعد اقتراب المعارك من مكان احتجازهما. وكانت معلوماتٌ مؤكدة حصلت عليها «الأخبار» في حزيران الماضي قد أفادَت بأن المطرانين مُحتجزان في مدينة تل أبيض (ريف الرقة الشمالي) التي بقيت طويلاً بعيدةً عن نيران المعارك، قبل أن تقترب منها بفعل التراجع المستمر للتنظيم أمام القوات الكرديّة، و«لواء ثوّار الرقة». ورغم أنّ المصدر امتنعَ عن تقديم أي تفصيل يتعلّق بطبيعة المكان الجديد الذي نُقل إليه المطرانان، فقد أكّد في الوقت نفسه أنّهما «ما زالا على أرض تابعة لدولة الخلافة، بعيدةٍ عن مناطق المعارك الأخيرة». وخلافاً لبعض المعلومات التي تروج بين فترة وأخرى، يؤكد المصدر أنّ صحّة المطرانين جيّدة، ويقول: «أحدهما يحتاج إلى أدوية بنحو دوري، وهو ما زال يحصل عليها بانتظام». ومن المرجّح أن المطران المذكور هو المطران يوحنا إبراهيم، الذي يعاني من أمراض في القلب، ومن ارتفاع في نسبة الكوليسترول، وارتفاع في ضغط الدم، ما يجعله بطبيعة الحال في حاجة إلى إشراف صحي مستمر.

جهود وعثرات

على صعيد متصل، علمت «الأخبار» أن الجهود ما زالت مستمرة في سبيل إطلاق سراح المطرانين. أحدث المستجدات في هذا السياق كان تشكيل لجنة بإشراف البطريرك أفرام الثاني (بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس) لمتابعة القضيّة. ومن أبرز أعضاء اللجنة الكاهن السرياني المقيم في ألمانيا الأب صموئيل غوموش (من سريان تركيا)، وضمت اللجنة عدداً من المغتربين السريان. وعلمت «الأخبار» أنّ بعض «السماسرة» تواصلوا مع اللجنة، زاعمين امتلاكهم «معلوماتٍ يمكن أن تؤدي إلى الإفراج عن المطرانين»، وطالبوا بمبلغ يُعادل مائة ألف دولار ثمناً للمعلومات. جرى التعامل مع الأمر بالجديّة اللازمة، وطولب السماسرة بتقديم دليلٍ ملموس مثل «الإجابة عن أسئلة معيّنة لا يعرف إجابتها سوى المطرانين شخصيّاً»، لكنّ السماسرة لم يُقدّموا أي إجابةً في هذا الشأن، لتتوقف الاتصالات عند هذا الحد.
ورغم صعوبة التكهن بأيّ إجراء يتخذه تنظيم مثل «داعش»، فإن طريقة تعامله مع حالة المطرانين حتى الآن تجعلُ فُرصَ الوصول إلى نهاية سعيدة لهذا الملف قائمة. ومن المُرجح أن التنظيم يعتبر المطرانين واحدةً من فرص الحصول على تمويل مالي، خاصة أنّ الفدية الماليّة تبدو مطلباً أساسيّاً وسبيلاً شبهَ وحيد للوصول إلى صفقة. في الوقت نفسه، يرتبط الملف بصعوبات كثيرة، مثلَ عدم توافر وسطاء موثوقين (حتى الآن). وتعذّر الإفصاح عن أي اتفاق يؤدي إلى حصول «داعش» على فدية مالية (تُعتبر الفِدى أحد أشكال تمويل التنظيمات المصنفة إرهابيةً وفق القانون الدولي)، فضلاً عن حرص كل الجهات الإقليمية والدولية على تحاشي الظهور في مظهر من يمتلك اتصالات وعلاقات مع «داعش».



المطرانان في سطور

المطران يوحنا إبراهيم، متروبوليت حلب للسريان الأرثوذكس. من مواليد القامشلي 1948. حاصل على دبلوم في العلوم اللاهوتية والفلسفية من كلية مار أفرام اللاهوتية في زحلة. يحمل درجة الماجستير في العلوم الشرقية، قسم التاريخ، وبكالوريوس في الحق القانوني الشرقي (المعهد الشرقي في روما). عين مديراً لكلية مار أفرام اللاهوتية في العطشانة - بكفيا - لبنان 1977- 1978 في 4/3/ 1979، سيمَ مطراناً على أبرشية حلب. انتخب عضواً في اللجنة المركزية لمجلس الكنائس العالمي في 1980، وبقي في هذا المنصب حتى عام 1998.
المطران بولس يازجي، متروبوليت حلب والإسكندرون وتوابعهما للروم الأرثوذكس. من مواليد اللاذقية 1959. تلقّى دراسته الجامعية في كلية الهندسة المدنية في جامعة تشرين. درَس اللاهوت في جامعة تسالونيك في اليونان، حيث حاز درجة الماجستير عام 1989، والدكتوراه عام 1992. قام بعدها بتدريس مادّة الأخلاقيات، مادّة الآباء، ومادّة الوعظ في كلية اللاهوت بجامعة البلمند (لبنان). في تشرين الأول من عام 2000 انتُخب مطراناً على حلب.