«لم يعُد سعد الحريري هو نفسه، وبات يتعامل معنا بالمفرّق وعلى القطعة». هكذا تصف شخصية بارزة في فريق 14 آذار رئيس الحكومة السابق في زيارته الأخيرة لبيروت. «الشيخ الذي كان في صلب ثورة الأرز قبل 2013 وموحّد السياديين لم يعد يبدو كذلك، أو قل لم يعد بالحماسة نفسها». إذ «لم يكلّف نفسه، عشية إحياء الذكرى العاشرة لانتفاضة الاستقلال، عقد جلسة جامعة لمكوّنات هذا الفريق، مكتفياً بلقاءات منفردة مع بعض القيادات البارزة، فيما بدا جلّ اهتمامه منصبّاً على مآل الحوار مع حزب الله وعلى الاحتفال بعيد ميلاد العماد ميشال عون»!
تلفت الشخصية إلى أن زيارة رئيس تيار المستقبل لبيروت جاءت في فترة حسّاسة بين «الأربعتشين»، وكان يُفترض «أن تكون بالنسبة إلى فريقنا فترة حيوية ودينامية، يُصار فيها إلى درس الاستعدادات التي تليق بفريقنا في ذكرى انطلاقته، وأن يكون الحريري طرفاً أساسياً في ترتيبها». كذلك كانت «فرصة لفتح نقاش جماعي تنتج منه رؤية مشتركة للتعامل مع ملفات ثلاثة برزت على الساحة المحلية قبل حلول الذكرى العاشرة». والملفات الثلاثة هي «حوار تيار المستقبل مع حزب الله، الذي اتخذ الحريري قرار خوضه في منأى عن رأي بقية مكوّنات 14 آذار، والحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الذي هرولت إليه الأخيرة بقرار منفصل، وموقف الكتائب الأخير بالانخراط في اللقاء الوزاري الذي رعاه الرئيس السابق ميشال سليمان، وأيضاً من دون التنسيق مع الحلفاء داخل الحكومة».
أطفأ الحريري
مع عون شموعه الثمانين بدل أن يضيء عشراً لحلفائه

هذه الأحداث، بحسب المصدر، أظهرت فريق الرابع عشر كتلاً منقسمة كل منها يغني على ليلاه. «وعوضاً من أن يستغل الحريري زيارته هذه لجمع هذه المكونات والبحث في الأسباب التي دفعت كل منها إلى السير في طريق فرعية منقطعة عن الأخرى، فضّل أن تكون لقاءاته ثنائية وبالمفرق». فاجتمع برئيس حزب الكتائب أمين الجميّل وحده للبحث في موضوع آلية العمل الحكومي، وناقش مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، منفرداً، موضوع الاستحقاق الرئاسي. «وحتى في لقائه منسق الأمانة العامة لفريق 14 آذار فارس سعيد والنائب السابق سمير فرنجية اللذين حملا إليه، إلى جانب تصوّرهما لبرنامج الذكرى العاشرة، فكرة عقد لقاء في البريستول يضم كل مكونات 14 آذار، وتصدر عنه وثيقة سياسية، حتى ولو اضطر سعيد لضمّها إلى مجموعة الوثائق التي سبقتها!»، إلا أنهما لم يخرجا من عنده «لا بحقّ ولا بباطل»، إذ اقتصر البحث معهما على إحياء الذكرى لهذا العام وبعض العموميات.
تخشى الشخصية الآذارية على «منجزات 14 آذار ووحدتها»، طارحة علامات استفهام عدة حول «عدم وجود نية لدى الرئيس الحريري للمّ الشمل، وهذا ما يشكّل خطراً على فريقنا ويهدّد بفقدانه الإدارة المركزية ووحدة القرار». وتسأل: «إذا لم نجتمع اليوم وفي هذه الظروف، فما الذي سنقوله لجمهور 14 آذار في مهرجان انتفاضته؟». ولا تخفي تبرّمها من تقديم الحريري للعماد عون ما استخسره في حلفائه: «يبدو أن من لقي أحبابه نسي أصحابه. أطفأ الحريري مع عون شموعه الثمانين، بدلاً من أن يضيء عشراً منها لحلفائه في جلسة جامعة»!