لم تهدأ جبهة الجرود في رأس بعلبك وعرسال في السلسلة الشرقية طوال يوم أمس، على الرغم من انتهاء العملية العسكرية التي نفّذها الجيش اللبناني أول من أمس، وانتهت بسيطرته على عدة تلال مشرفة في رأس بعلبك. وفي ظلّ استمرار الجيش باستهداف تجمعات المسلحين وتحركاتهم في الجرود، جال وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي على خطوط التماس في رأس بعلبك، وتفقدا جاهزية الوحدات القتالية واستعداداتها.
ميدانياً، أصداء دوي القصف المدفعي المتقطع، والرشقات المتتالية من الأسلحة المتوسطة، لا تزال تقضّ هدوء بلدة رأس بعلبك وتسمع في غالبية قرى البقاع الشمالي. وعلى ما أكدت مصادر عسكرية لـ «الأخبار» فإن مرابض مدفعية الجيش لا تعطي المسلحين فرصة «للتنفس»، و«تواصل استهداف سائر تحركاتهم في جرود رأس بعلبك وخربة داوود ووادي حميد في جرود عرسال».
ولا تنفي مصادر أمنية معنية أن العملية العسكرية السريعة التي نفذها الجيش، وتمكن عبرها من السيطرة على مرتفعات جرش، «انتهت»، إلا أنها تشير إلى «مخاطر أمنية لا تزال قائمة»، وتتمثل إما في «تنفيذ المسلحين هجوماً أو تسللاً بهدف استعادة التلال الاستراتيجية التي استولى عليها الجيش»، أو في «استهداف آليات الجيش وعناصره بصواريخ موجّهة أو أعمال قنص». ولذلك، ركّزت الوحدات العسكرية طيلة اليومين الماضيين على تنفيذ مهمات «مراقبة دقيقة» لأي تحركات مشبوهة للمسلحين في الجرود المقابلة، ووادي حميد في عرسال. وأوضحت أن «وحدات الجيش تابعت بعد العملية العسكرية مراقبتها الدقيقة لتجمعات المسلحين وتحركاتهم لإحباط أي هجوم أو تسلل قد ينفّذونه»، و«لعدم السماح بإقامة تواصل بين المجموعات المسلحة».
وواصل الجيش أعمال تحصين وتعزيز النقاط العسكرية في المرتفعات التي سيطر عليها في جرود رأس بعلبك، بالعناصر والعتاد العسكري اللازم الذي «يسمح بالتعامل مع المسلحين سواء بالأسلحة المتوسطة أو القنّاصات وفق المدى المناسب وأعداد المسلحين»، بحسب ما توضح المصادر الأمنية.
ووصل مقبل وقهوجي صباح أمس على متن ثلاث مروحيات تابعة للجيش، واطلعا على الإجراءات الميدانية بعد العملية. ورأى مقبل أن «وحدات الجيش تمتعت الكفاءة القتالية العالية في دحر الإرهابيين بسرعة فائقة عن مرتفعين استراتيجيين»، مشدداً على أنه «إنجاز كبير يضاف إلى سلسلة الإنجازات السابقة التي حققها الجيش في مواجهة الإرهاب». وأكد أن الجيش أثبت أنه «محترف ومتماسك وذو عقيدة وطنية صلبة نقية من سموم السياسة والفئوية والطائفية، ولا ينقصه سوى توفير المزيد من العتاد والسلاح النوعيين، وهذا ما نأمل تحقيقه في أقرب وقت».
من جهته، شدّد قائد الجيش على أن «لا مجال أمام الجيش سوى الانتصار على الإرهاب»، منوّهاً «بالتضحيات التي يبذلها العسكريون على الحدود الشرقية لحماية القرى والبلدات المتاخمة لهذه الحدود من تسلل التنظيمات الإرهابية واعتداءاتها». وأشار قهوجي إلى أن نجاح العملية العسكرية «تجسيد لقرار الجيش الحازم في محاربة الإرهاب وإبعاد خطره عن المواطنين»، مؤكداً أن «ضمان سلامة الحدود من التسلل والعدوان، هو بمثابة خط الدفاع الأول عن وحدة لبنان وأمنه واستقراره».