بطبيعة الحال، تصدرت الكرة الإنكليزية العناوين في منتصف الأسبوع الحالي، لكن ليس لبطولتها الأروع والأقوى في العالم، بل للفشل الذريع لأندية «البريميير ليغ» في دوري أبطال أوروبا و»يوروبا ليغ». هو فشل بكل ما للكلمة للمعنى، وهي صدمة قوية تعرّضت لها الكرة الإنكليزية، إذ باستثناء تأهل إفرتون إلى دور الـ 16 لـ «يوروبا ليغ»، لكن للتذكير أمام فريق يونغ بويز السويسري المتواضع، وتعادل تشلسي في الأسبوع الماضي على ملعب باريس سان جيرمان الفرنسي 1-1 في ذهاب دور الـ 16 لدوري الأبطال، مع الإشارة هنا أيضاً إلى أن صاحب الضيافة كان الطرف الأفضل، رغم أنه يعاني في الأصل تراجعاً في مستواه عن الأعوام الثلاثة الأخيرة، وهذا ما يبقي الباب مفتوحاً على مصراعيه في ملعب «ستامفورد بريدج» إياباً.
مانشستر سيتي تعرض أيضاً لصدمة قوية، نتيجةً وأداءً، أمام برشلونة الإسباني في ملعبه بخسارة 1-2 كادت تكون أفدح لولا إضاعة الأرجنتيني ليونيل ميسي ركلة جزاء. أما «الكارثة»، فتلك التي حلّت بملعب «الإمارات» واهتزت لها لندن برمتها بالسقوط المفاجئ لأرسنال أمام موناكو الفرنسي 1-3، لتكتمل الخيبة الخميس بخروج ليفربول وتوتنهام من «يوروبا ليغ» بالخسارة أمام بشيكطاش التركي وفيورنتينا الإيطالي على التوالي.
بالتأكيد ما أصاب الكرة الإنكليزية قارياً ليس عابراً، وكان مفاجئاً بكل المقاييس. صحيح أن وهج أندية «البريميير ليغ» خفت في الأعوام الأخيرة في «التشامبيونز ليغ» تحديداً، إذا ما اعتبرنا أن «يوروبا ليغ» أقل أهمية بكثير، وذلك بعدما كانت كلمتها الأعلى في البطولة الأوروبية الأم بوجودها الدائم في نصف النهائي بثلاثة فرق أحياناً والنهائي، لكن هذا لا يلغي أن هذه النتائج الأخيرة كانت مفاجئة، إذ أولاً فإنها حصلت دفعة واحدة، ولهذا الأمر رمزيته، وقبلاً والأهم لأن الأداء فيها كان كارثياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وما يزيد الأمور سوءاً أن ما أصاب سيتي وأرسنال كان على الأرض الإنكليزية، وهذا ما سال له الكثير من الحبر في صحف البلاد المعروفة بانتقادها القاسي الذي يأخذ منحىً تهكمياً لاذعاً.
المنافسة قوية
جداً في «البريميير ليغ» على عكس البطولات المجاورة


بالتأكيد هي مفارقة غريبة أن يكون الدوري الإنكليزي الرائع وفرقه القوية بهذه الحال أوروبياً، فضلاً عن أن يكون التراجع على المستوى القاري، مقارنة بسنوات سابقة، بهذه الكيفية.
ما يجدر قوله هنا أن المشكلة الحقيقية للدوري الإنكليزي التي باتت تعطي هذا المحصول الأوروبي هو الدوري الإنكليزي نفسه. كيف ذلك؟ ما هو معلوم أن تفوّق «البريميير ليغ» يكمن في قوة المنافسة فيه حتى من الفرق الصغيرة، إذ يمكن أي فريق متواضع أن يُلحق الهزيمة بالمتصدر. هذه المنافسة الحادة جداً باتت ترهق الفرق الكبرى، وهذا ما لا يوجد في المقابل في إسبانيا مع الثلاثي ريال وأتلتيكو مدريد وبرشلونة أو مع بايرن ميونيخ الألماني، فضلاً عن عدم وجود عطلة في إنكلترا، حتى في فترة الأعياد التي تزدحم بالمباريات.
قد يقول قائل هنا إن هذا ليس بجديد على «البريميير ليغ»، وليس بجديد أيضاً أن لا راحة لفرق الدوري الإنكليزي. هذا صحيح، لكن ما هو صحيح أيضاً أن الفرق الكبرى في البلدان الأخرى تقدّمت، إن لناحية نوعية النجوم في عدادها، أو تكتيكياً عبر مدربين مميزين وخطط جديدة، فيما ظلت الحال على ما هي عليه في إنكلترا.
فلنأخذ مثلاً مباراة أرسنال وموناكو، إذ بدا واضحاً أن السبب الأول للفوز الفرنسي الباهر هو التكتيك الرائع لمدربه البرتغالي ليوناردو جارديم الذي تفوّق على نظيره الفرنسي أرسين فينغر. هذه النقطة، أي الجانب الخططي التكتيكي المفقود إنكليزياً، يمكن التأكد من صحتها أكثر من خلال المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو الذي يقدم من خلال ذكائه الخططي، الفريق الإنكليزي (تشلسي) الأكثر ثباتاً على الساحة الأوروبية.
أضف إلى ذلك، فإن التراجع الكبير لفريق بحجم مانشستر يونايتد، وافتقاده لدهاء مدربه التاريخي أليكس فيرغيسون، شكّل ضربة كبيرة للكرة الإنكليزية أوروبياً نظراً إلى الثقل الكبير الذي كان يمثله هذا الفريق والذي كان حتى اسمه فقط يعطيه الأفضلية قبل أي مباراة، فيما المشروع الجديد لجاره اللدود مانشستر سيتي على الساحة الأوروبية لقي فشلاً ذريعاً.
ما يجدر قوله هنا أن الصورة باتت كالآتي: الدوري الإنكليزي ناجح وقوي وجاذب، لكنه عالم منغلق باتت له «أعرافه» الخاصة التي لم تعد تتماشى مع المفاهيم الجديدة لدوري الأبطال هناك حيث باتت كل أوروبا تسير في اتجاه آخر.