خرج التباين حول مشروع مرأب ساحة التل في طرابلس عن إطاره الإنمائي المحلي الى بازار السجال السياسي، وسط تبادل اتهامات واصطفافات بين مؤيدي المشروع، وعلى رأسهم تيار المستقبل، ومعارضيه وفي مقدمهم الرئيس نجيب ميقاتي.
ومع أن مشاريع كثيرة مخصصة لطرابلس لم تنفذ أو لم يستكمل تنفيذها بعد أو نفذت بطريقة سيئة، مثل مشاريع المنطقة الاقتصادية الحرة والمبنى الجامعي الموحد والإرث الثقافي وسواها، لكنها بقيت خارج السجالات السياسية الحادة. إلا أن مشروع المرأب تحول مادة سجال بين القوى السياسية على مستوى عال، وأصبح مثل «كرة الثلج» التي تكبر كل يوم، ما يهدد بتطيير المشروع، أو على الأقل بتعليق العمل فيه إلى أجل غير مسمّى.
السجال السياسي حول المشروع بلغ أمس سقفاً مرتفعاً، بعدما رأى الرئيس نجيب ميقاتي، في مؤتمر صحافي، أن «لا فائدة مرجوة منه»، و»لا يقدم ولا يؤخر، ولا يؤمن فرص عمل»، مبدياً خشيته من أن «يتحوّل كما بقية المشاريع إلى خراب وبؤر فوضى وفساد». ومع أن ميقاتي تمنى أكثر من مرة «عدم إدخال مشروع المرأب في السجال السياسي، وإبقاءه ضمن إطاره الإنمائي»، إلا أنه وجّه رسائل سياسية عدة في وجه من تبنّوا المشروع، وتحديداً الرئيس سعد الحريري.
ففي ردّه على سؤال حول «استدعاء» الحريري لأعضاء بلدية طرابلس إلى منزله في وسط بيروت، في 15 شباط الماضي، وفرضه عليهم التراجع عن قرار اتخذوه في 10 شباط برفض مشروع المرأب، قال ميقاتي: «مع احترامي للرئيس الحريري، فالرئيس تمام سلام هو رئيس الحكومة، وهو الذي يقرّ المشروع». وشدّد على أن «طرابلس لا تخضع لوصاية أحد. كل من يريد مصلحة المدينة يمون عليها، ولكن لا يمكن لأحد أن ينفرد بها»، لافتاً الى أن «الاعتراض على المشروع سيبقى سلمياً».
لكن بقاء الاعتراض سلمياً على المشروع ليس مضموناً، إذ هدّد كثيرون من رافضي المشروع باعتراض عمل الجرافات في الساحة ولو بالقوة، ما دفع رئيس بلدية طرابلس نادر غزال، وفق ما نقل عنه، إلى اتهام ميقاتي بأنه «يقف وراء الذين يتحركون ضد مشروع المرأب».
كذلك وُجّهت انتقادات واسعة إلى ميقاتي الذي «يناقض نفسه. ففيما يعلن رفضه للمشروع، وافق عليه أعضاء البلدية المقرّبون منه في اللقاء مع الحريري. وأوضح رئيس الحكومة السابق لـ»الأخبار» أنه «قبل جلسة البلدية الأخيرة، توافقت مع الأعضاء المقربين مني على القبول بمشروع المرأب شرط إقراره ضمن خطة إنمائية متكاملة لمنطقة التل وطرابلس، إلا أن ذلك لم يحصل»، لافتاً الى أن نواب المدينة توافقوا بعد انتخابات 2009 على «خطة متكاملة لتأهيل منطقة التل»، مشبّهاً مشروع المرأب بـ»الكرافات التي لا تنفع وحدها إذا لم يكن القميص والبدلة متوافرين».
الى ذلك، تواصلت النشاطات المعارضة للمشروع، فعقدت حملة «لا لمشروع المرأب في التل» لقاءً في غرفة التجارة والصناعة والزراعة جرى خلاله توقيع عريضة، ووزعت بياناً ذكّر «بدراسة فرنسية عام 1993، تشير إلى ضرورة إخراج مواقف العموم من ساحة التل، وتحويلها إلى منطقة مشاة، والمحافظة على الأبنية الأثرية المحيطة بها».
وفي حين لا يزال تيار المستقبل في طرابلس يلزم الصمت، لفت صدور بيان عمّا يسمى «مجلس قطاع النقابات العمالية في منسقية تيار المستقبل – طرابلس»، وهو مجلس ندر أن سمع به أحد، توقف عند «الاعتراض المستجد وغير المبرر على مشروع المرأب»، داعياً إلى «ضرورة تنفيذه تبعاً للمقاييس العالمية».