الجزائر | سحبت وزارة الإعلام الجزائرية رخصة الاعتماد من الصحافي بوعلام غمراسة مراسل جريدة «الشرق الأوسط» ومحلل مختص في القضايا الأمنية يسهم في قنوات جزائرية وأجنبية عدة. وبررت الوزارة قرارها ـ وفق ما صرّح أحد مسؤوليها لموقع «كل شيء عن الجزائر» ـ بأنّ الصحافي «أدلى بتصريحات مست بشخص الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في قناة «المغاربية» التي تبث من لندن.
كما نشر مقالات هاجم فيها وزير الاعلام حميد قرين في جريدة «الخبر»» الجزائرية التي يشتغل لها منذ 17 عاماً. وقال المسؤول إن «الوزارة سيدة في ما يخص اعتماد الصحافيين الأجانب ولا تحتاج الى تبرير قراراتها». في حديث مع «الأخبار»، يقول الصحافي بوعلام غمراسة إنّه «طلبت مني مسؤولة في الوزارة أواخر شهر شباط (فبراير) الماضي الحضور مصحوباً ببطاقة الاعتماد. وحين حضرت، أخبرتني أنّ مسؤوليها كلفوها بإعلامي أنّني ممنوع من ممارسة مهامي كمراسل لـ «الشرق الاوسط». سألت ان كان الأمر يتعلق بكتاباتي في هذه الجريدة، فردت بأنّها لا تملك الجواب. واتصلت بمستشار الوزير، فأكد لي بعد عشرة ايام أنّ سبب القرار هو تصريحات أدليت بها في سياق مشاركة في حلقة بثتها قناة أجنبية أساءت للرئيس عبد العزيز بوتفليقة». وقال غمراسة: «هنا أتساءل ما دخل اعتماد العمل مع «الشرق الاوسط» بتصريحات منفصلة أدليت بها لقناة اجنبية أو كتاباتي في جريدة محلية؟ إنّه التعسف». وكان بوعلام غمراسة الذي يشتغل لـ «الشرق الاوسط» منذ اكثر من عشر سنوات، قد كتب تحقيقاً موثقاً لجريدة «الخبر» قبل نحو شهر حول تورط عدد من كبار المسؤولين الجزائريين في فضيحة فساد مالي في سياق ما سمي «قضية القرن» تتعلق بإفلاس عمدي لأكبر المصارف الخاصة في البلاد (بنك الخليفة) والمؤسسات الاقتصادية التابعة له التي تنشط في قطاعات الطيران والنقل البحري والصيدلة والبناء المملوكة لرفيق عبد المؤمن خليفة نجل احد مؤسسي المخابرات الجزائرية خليفة لعروسي الذي شغل منصب وزير الصناعة في أول حكومة للجزائر المستقلة عام 1962. هذا التحقيق منع من النشر في آخر لحظة بأمر من إدارة الجريدة خوفاً من عقوبات قد تفرضها عليها السلطة. وتزامنت هذه الحادثة مع تهديدات اطلقها وزير الإعلام ضد بعض الصحف من بينها «الخبر» وهي أكبر صحف البلاد واكثرها انتشاراً وتأثيراً. وأثار منع نشر التحقيق ردود فعل واسعة في الأوساط الاعلامية وعلى مستوى الطبقة السياسية على السواء. ومع أن التضامن غائب بين الصحافيين الجزائريين حتى في الظروف الحرجة مثل حبس حبس بعضهم وتعليق الصحف والتضييق عليها بمنع الإعلانات وحق السحب في المطابع الحكومية، الا أنّ ما حدث هذه المرة دفع بعضهم للتواصل بغرض مقاومة ما سموه «حملة تطهير قطاع الإعلام من الرأي المخالف». ولا يستبعد أن يحدث توافق على تأسيس تنظيم جديد للصحافيين يؤسس لتضامن مهني ويحافظ على أخلاقيات المهنة.