القاهرة | الرقيب ما زال يحكم سيطرته. بالأمس تأكّد الجميع أنها ليست مجرّد جملة تردّدها منظّمات حقوقية مهتمة بالحريات الإعلامية، ولا نشطاء ينتقدون التضييق الأمني، والمحاصرة الإعلامية. التأكيد جاء بعدما حدث لجريدة «الوطن»، وهي واحدة من أوسع الجرائد الخاصة المصرية، فعدد الجريدة لليوم الأربعاء أوقف في المطابع بسبب تحقيق عن «13 جهة سيادية لا تدفع ضرائب موظفيها». وفي العنوان الفرعي، أوردت الصحيفة أن مؤسسات «الرئاسة، المخابرات، الداخلية، الدفاع» في مقدمة المؤسسات المتهرّبة من دفع الضرائب.
كما أن حصيلة تلك الأموال المُستحقة للدولة من هذه الضرائب بلغت حوالي 7.9 مليار جنيه (مليار و40 مليون دولار) خلال عام واحد.
العدد أوقف في مطابع جريدة «الأهرام» التي تطبع فيها جريدة «الوطن». وبعد مفاوضات بين إدارة «الوطن» والجهات السيادية التي أمرت بوقف الطباعة، إتفقوا على حذف التحقيق، وإستبداله بموضوع آخر كي يسمح لهم بالطباعة. وهو ما تمّ بالفعل وظهرت نسخة «الوطن» اليوم من دون التحقيق الخاص بالتهرّب عن دفع الضرائب، وتمّ إستبداله بتقرير عن المؤتمر الإقتصادي. اللافت إن إدارة الجريدة ومجلس نقابة الصحافيين لم يهتما بالموضوع، ولم يصدرا أيّ ردّ فعل إزاء هذا التدخّل الذي يخالف الدستور بشكل صريح، علماً أنّه ينصّ في الفقرة الأولى من المادة 71 على أنه «يحظر فرض رقابة على الصحف ووسائل اﻻعلام أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز إستثناء فرض رقابة محدّدة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة».
ودعت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق اﻻنسان» في بيان لها إدارة «الوطن» إلى إعلان موقفها مما حدث. كما دعت «نقابة الصحافيين وكافة اﻻعلاميين، والمدافعين عن حرية الرأي والتعبير لتدشين حملة ضدّ عودة فرض الرقابة علي الصحف». وأدان بيان الشبكة قيام جهات أمنية وقف طباعة الجريدة قبل حذف التحقيق، والسماح بطباعة العدد من الجريدة بعدما حذف التحقيق، وإستبداله بموضوع آخر. وإعتبرت المنظمة المعنية بحرية التعبير «إن ما حدث مرفوض شكلاً وموضوعاً، ويهدر مبدأ حرية الصحافة، ويطعن في مقتل مواد الدستور التي حظّرت بنص صريح مصادرة الصحف وفرض الرقابة عليها». وأضافت الشبكة «أن ما حدث يعطي الإنطباع أننا في زمن الحرب وحكم الفرد المطلق». ما حدث مع «الوطن» ليس الأوّل منذ تولّي عبدالفتاح السيسي للسلطة، بل تكرر السيناريو نفسه مع جريدة «المصري اليوم» (الأخبار3/10/2014). وقتها أيضاً، تمّ تعطيل صدور عدد «المصري اليوم» بسبب حوار مع محمد رفعت جبريل وهو ضابط سابق في جهاز المخابرات المصري، وتمّت الموافقة على طباعة الصحيفة بعدما وافقت إدارة الجريدة على حذف الحوار.