«حزب الكتائب لم يُدرك بعد حجمه الحقيقي. بناءً على ذلك بنى موقفه من المجلس الوطني لـ14 آذار»، يقول أحد الحزبيين في فريق «ثورة الأرز». ويزيد مُتهكّماً «إذا نصّبنا الرئيس أمين الجميل رئيساً لهذا المجلس، فعندئذ قد لا يُمانع حتى في حلّ حزب الكتائب نفسه»!ومنذ أن دعا النائب السابق فارس سعيد زميله في "الثورة" النائب سامي الجميّل الى «التحلي بقليل من التواضع» عام 2012، والعلاقة بين الطرفين غير سوية. يومها، وجّه سعيد انتقادات لاذعة الى حزب الكتائب وطريقة عمله، منتقداً «نظرته إلى فدرالية الطوائف التي نرفضها». زد على ذلك، رغبة الكتائب الدائمة في التميز في معظم المواضيع، الى حدّ أصبح يجوز الفصل بينه وبين قوى 14 آذار. أتى إنشاء المجلس الوطني ليزيد من هذا الشرخ. رغم كلّ التصريحات الكتائبية التي تُرحّب بـ«الفكرة»، إلا أن علامات الاستفهام التي تطرحها قيادة الصيفي على المشروع كثيرة.

مصدر في الأمانة العامة يقول إن الكتائب «يوافق على مبدأ المجلس الوطني، ولكن شيطانهم يكمن في التفاصيل. يشترطون مُبكراً، ويريدون أن يكون الدفع مُسبقاً». لا يملّ «الحزب» من طرح الأسئلة: «ما هو دور المجلس؟ من سيتولى إدارته؟ هل سيكون أمانة عامة ثانية؟ هل سيكون المستقلون أهم من الأحزاب؟ ماذا سيكون دور فارس سعيد؟».
يخشى الكتائبيون
من توحّد المستقلين ولا يريدون حزباً
جديداً

هناك سببان يدعوان الكتائب الى التريث. أولاً، الخوف من «قوة المستقلين إذا ما توحّدوا». ثانياً الحزب «يريد بأي شكل من الأشكال البحث عن خيار آخر غير سعيد». قائد أوركسترا المجلس الوطني، بحسب المصدر، حتى الساعة، هو سعيد. ولكن قد لا يحصد منسق الأمانة العامة ما زرعه بنفسه منذ سنوات. حين يأتي موعد القطاف قد لا يكون هو صاحب الغلة الأوفر، إذ يكشف المصدر عن «خيار آخر لم يأخذه أحد في الاعتبار، يقضي بأن يتم انتخاب شخصية أخرى غير سعيد». في البداية سرت شائعات عن أن «النائب مروان حمادة قد يكون هو بديل سعيد، ولكن منذ يومين تبدّل الخيار. حتى سعيد سيُفاجأ».
عضو مكتب سياسي في الكتائب ينفي أن يكون سعيد هو المُستهدف من ملاحظاتهم على المجلس الوطني: «هو على تواصل دائم معنا. أبلغناه أنه لا نريد أن يكون للمجلس رئيس فوافق على ذلك». الكتائب، حسب المصدر، «من البداية وافقت عليه. فنحن نريد إطاراً جامعاً، ومكاناً يشعر فيه المستقلون بالارتياح، أما بالنسبة إلى التفاصيل فهي أمرٌ آخر. الكتائب يوافق على المبدأ العام للمجلس، ولكن على أن يكون إطاره استشارياً ومعنوياً». أما بالنسبة إلى القرار السياسي «فهو حكماً سيكون محصوراً بقيادات 14 آذار»، ما يعني بالتالي عدم جواز أن يكون لهذا المجلس «رئيس، بل منسّق أعمال». ما الفرق إذاً بينه وبين الأمانة العامة؟ يجيب: «عمل الأمانة محصور، ولكن المجلس إطاره أوضح وأوسع». في الإطار نفسه، يتحدث عضو المكتب السياسي الكتائبي وأمانة 14 آذار شاكر سلامة، ولكنه يبدو جازماً حين يقول «لا رئاسة في المجلس الوطني بوجود القيادات الثلاث الأساسية (تيار المستقبل، القوات اللبنانية والكتائب)». في المبدأ «وافقوا على طرحنا. لا نريد رئيساً». يتوجس الكتائب من أن يتحول المجلس الوطني «الى حزب له طابع رسمي. ما الذي يضمن لنا ألا يُصبح لرئيس المجلس صفة تتيح له الحرية في التصرف في العديد من الملفات؟». ينفي شاكر أن يكون مردّ هذا «الخوف» أن المجلس سيقضي على ما تبقى من حزب الكتائب، «لا أحد يسيطر على أي فريق. من يحضر اجتماعات الأمانة العامة يرَ التوافق، ولكن من الطبيعي أن يكون هناك اختلاف في عدد من المواضيع. نحن مجموعة من الأحزاب، وتنوّع الآراء أساسي». لذلك، هناك «مجتمع مدني رسمي ورأي عام غير ممثل من حقه أن يتوحّد، ولكن لا نريد حزباً جديداً. من أجل أن نحافظ على رمزية القيادات الأساسية أحببنا ألا يكون هناك رئيس للمجلس». تكشف مصادر في المكتب السياسي للكتائب، لـ«الأخبار»، أن «الشيخ سامي» قرّع النائب فادي الهبر لأنه وصف المجلس بـ«الشغلة المهمة»، علماً بأنه لم يعد للجميّل أي صفة رسمية داخل الحزب بعد أن استقال من منصبه كمنسق للجنة المركزية. ينفي سلامة أن يكون حصل أي شيء من هذا القبيل، «الموضوع مختلق. حين نشارك في اجتماعات الأمانة العامة نكون على تنسيق تام مع الرئيس أمين الجميل والمكتب السياسي».
المصدر الحزبي في 14 آذار يرى أن «مشكلة الكتائب أنهم لم يقتنعوا بعد أنهم حزب الماضي، وأن مستقبل المسيحيين تُمثله أحزاب وتيارات أخرى. هي مُشكلة أحجام».