لم يكن المصوّر حسين شابون يتخيّل أن يُذلّ على حاجز لقوى الأمن بسبب... سترة حمراء! فأثناء مرور حافلة تقلّ ركّاباً من البقاع إلى بيروت، ليل السبت الماضي، استوقفها حاجز ضهر البيدر. لم يكن التوقيف روتينياً، بل بدا أقرب إلى عملية كوماندوس ــــ نفذها عناصر عسكريون بعتادهم الكامل ــــ لتوقيف إرهابي أو انتحاري أو أحد أخطر المطلوبين للعدالة.
فتح عنصرٌ أمني باب الحافلة، وأشار بيده إلى راكب يرتدي سترة حمراء، طالباً منه النزول فوراً، وفي الوقت نفسه صوّب سلاحه باتجاه شابون الذي كان في المقاعد الأمامية، طالباً منه النزول «على الأرض». المشترك بين الشابين اللذين لا يعرف أحدهما الآخر كان ارتداء كل منهما سترة حمراء، ما بدا وكأن هناك إخبارية تفيد بأن إرهابياً سيمرّ من هنا مرتدياً سترة حمراء.
لم يعبأ العنصر الغاضب بالبطاقة الصحافية التي أبرزها المصوّر، وانهال العناصر على «المشبوهَين» بالإهانات والشتائم، واقتادوهما بعنف إلى الطبقة الأولى من المبنى التابع لقوى الأمن الداخلي.
ويعمل شابون، وهو من أب مصري وأم لبنانية، مصوّراً في شركة إنتاج خاصة، وسبق أن خطف في عرسال على أيدي أفراد من «الجيش السوري الحر». يقول لـ«الأخبار»: «عوملنا كأننا إرهابيان. أبلغتهم أنني صحافي وطلبت الاتصال بمؤسستي، فكان الجواب لكمات وصفعات وإهانات. وفي إحدى المرات ضرب أحدهم رأسي بالحائط وهو يطلب مني الاعتراف باسم التنظيم الذي أنتمي إليه. بعدها اقتادني نحو ستة عناصر إلى غرفة صغيرة، طلبوا مني خلع ملابسي حتى بتّ عارياً تماماً أمامهم وهم يضحكون. سألوني عن وشم على ظهري وما إذا كان علم النظام السوري، فرددت بأنها خريطة مصر». ويضيف: «بعد ارتداء ملابسي، وضعوا الكنزة على وجهي، والكلبشات في يدي. فتّشوا في هاتفي واستمعوا إلى المكالمات المسجّلة». وأثناء الاستجواب: «سألني المحقق: مين كان معك بالفان. شو كنتو عم تحكو. وسألني عن شخص كان معي التقيته في شتورة، علماً بأنني كنت بمفردي». ويُكمل: «بعد مرور ساعة تقريباً، فكّوا الكلبشات وأجلسوني. عرض علي أحدهم سيكارة وكوب ماء. ثم قال لي الضابط: قوم خود غراضك وفل. بس ما تفكر حالك زمطت، مع أنني لم أعرف ما هي تمهمتي، أو ما اذا كانت هناك تهمة أساساً. هكذا خرجت من دون حتى أي اعتذار، وكان الوقت قد قارب منتصف الليل. كان سائق الفان لا يزال في الخارج، وعلمت أن الشاب الآخر خرج قبلي بوقت قليل»!