يقول رئيس مجلس الإدارة - المدير العام لمؤسسة الإسكان، روني لحّود، إن موازنة المؤسسة لعام 2015 لحظت إيرادات ضريبة التعمير بقيمة 165 مليار ليرة بعدما استعادتها المؤسسة. الدفعة الأولى من هذه المبالغ وصلت إلى المؤسسة منذ نحو أسبوعين، وقيمتها الإجمالية تبلغ 36 مليار ليرة، أي 18 ملياراً عن كلّ من شهري كانون الثاني وشباط. المبلغ بكامله استُعمل لسداد مستحقات المصارف الناتجة من قيمة الفوائد التي تسدّدها المؤسسة عن المقترضين وتستردها منهم في الفترة الثانية من القرض. باقي المبلغ سيحوّل تباعاً إلى حساب المؤسسة على مدى السنة الجارية.
في الواقع، إن مستحقات المصارف كانت تتراكم على مؤسسة الإسكان بسبب اختلال التوازن المالي بين النفقات والإيرادات. يتردّد أن العجز لم يكن بنيوياً، بمعنى أنه كان عجزاً مرحلياً ومؤقتاً ولن يستمر لأكثر من عام 2017، لكن حصوله في عامي 2013 و2014 كان له مردود سلبي على علاقة المؤسسة مع المصارف وعلى تراكم المستحقات على المؤسسة. كان العجز يسدّ من خلال اللجوء إلى طلبات سلف الخزينة التي يقرّها مجلس الوزراء. إلا أن هذا الأمر لم يكن مقبولاً لدى المصارف، فأوقف بعضها قروض الإسكان لأكثر من ثمانية أشهر ولم يعد العمل بها إلى اليوم. بعضها الآخر أوقف القروض لفترة أقصر. هناك بين المصارف من عمد إلى زيادة الشروط على المقترضين وزيادة معدلات الفوائد... كذلك استغلّت جمعية المصارف عجز السيولة لدى المؤسسة العامة للإسكان وحاولت الانقضاض على بروتوكول التعاون بينهما وسوّقت أمام لحود لاقتراحات تعديل على المنتج المسمى «قرض الإسكان» لاستبداله بمنتج آخر يتحمل فيه المقترض كلفة أعلى من تلك التي يتحملها حالياً.
لم تنجح محاولات جمعية المصارف لتعديل بروتوكول التعاون مع الإسكان. هي أصلاً كانت قد اعترضت على ما تنوي المؤسسة القيام به لجهة تلزيم إصدار بوالص التأمين على المرحلة الثانية من القروض بما يوفّر على المقترضين ما نسبته 30% من قيمة بوالص التأمين التي تدفع خلال المرحلة الأولى من القرض. إلا أن العجز المالي لدى المؤسسة وتأخرها عن سداد المستحقات المالية، دفع المصارف إلى إثارة حملة تشكيك كبيرة بالمنتج المسمى «قروض مؤسسة الإسكان» وبقدرة هذه المؤسسة على إدارة محافظ قروض مبنية على دراسة جدوى على المدى الطويل... لا بل إن هذ الأمر دفعها إلى تقديم شكوى أمام مصرف لبنان بذريعة أنها لا تريد أن تكون رهينة سلف الخزينة التي يمنحها مجلس الوزراء لمؤسسة الإسكان لسداد مستحقات المصارف، وهي كانت تأمل أن «تستنفع» من مصرف لبنان بشيء، فطالبت بأن تحصل على دعمه لفوائد المرحلة الثانية من القروض مع مؤسسة الإسكان.
كل هذا النقاش كان قائماً خلال فترة اختلال التوازن المالي. أما اليوم، مع حصول المؤسسة على إيرادات ضريبة التعمير التي بحث عنها مسؤولو المؤسسة منذ عام 2011 واستصدروا رأياً إيجابياً لمصحلة المؤسسة من ديوان المحاسبة، أعاد مؤسسة الإسكان إلى قلب اللعبة مع المصارف، فبات بإمكانها اللجوء إلى خيار تلزيم بوالص التأمين على المرحلة الثانية من القروض بمناقصة مفتوحة أمام الشركات التي تستوفي الشروط والسعر الأدنى. وهي أيضاً ليست مجبرة على أن تبقى تحت رحمة المصارف ورهينة مصالحها، ولم تعد مربوطة أيضاً بالقرار السياسي في مجلس الوزراء، إذ إن المؤسسة، يقول لحود، «لم تعد اليوم في حاجة إلى سلفات خزينة لانتشالها من أزمة عجز السيولة. لقد اجتمعنا مع المصارف الكبرى في لبنان واتفقنا معها إفرادياً على تكريس أجواء التعاون. لم يبق إلا مصرفان غير متعاونين، لأنهم لم يصدقوا أننا استعدنا أموال التعمير».