لم تتسامح BBC مع ما فعله جيريمي كلاركسون يوم 4 آذار (مارس) الفائت. المقدّم والصحافي الإنكليزي (1960) الذي اشتهر عالمياً إثر إنضمامه إلى برنامج المحرّكات الأشهر Top Gear، قام عمداً بضرب وشتم منتج البرنامج اويسن تايمون. وفقاً لتقارير متقاطعة، إمتعض كلاركسون من عدم تقديم طعام ساخن إثر يوم تصوير في فندق شمال يوركشاير الإنكليزية.
تصاعد غضبه، وتطوّرت الأمور إلى عنف جسدي، وسيل مستمر من الشتائم المهينة ضد تايمون. هذا الأخير وصل إلى أقرب مستشفى بـ «شفاه نازفة ومتورّمة»، حسب التحقيق الذي أجراه الرئيس التنفيذي للشبكة البريطانية كين ماكواري حول الحادثة. كلاركسون أبلغ الإدارة بنفسه، وحاول الاعتذار عن فعلته لأيام متتالية. بعد ترقّب، حسمت الأمور يوم 10 آذار (مارس) الجاري. «مع الأسف الشديد، أعلمتُ جيريمي كلاركسون اليوم أنّ BBC لن تقوم بتجديد عقده. هذا ليس بالقرار الذي يتم اتخاذه بسهولة. فعلتُها بعد دراسة متأنية للحقائق، واجتماع شخصي مع كل من جيريمي وتايمون». كشف المدير العام لـ BBC طوني هال في تصريح صحافي، مضيفاً: «النسبة لي، ثمّة حدّ تمّ تجاوزه. لا يمكن أن يكون هناك قانون لشخص دون آخر، تبعاً للمكانة أو العلاقات العامة أو الحسابات التجارية. أعلم مقدار شعبية البرنامج، وأنّ هذا القرار سيثير الجدل». بالفعل، سمع العالم ردود فعل هائلة. على الإنترنت، قام أكثر من مليون شخص بالتوقيع على عريضة تطالب بإعادة كلاركسون إلى البرنامج. في المقابل، وقّع أقل من عشرة آلاف شخص على عريضة مضادة تدعو إلى طرده. الرجل لم يتأخّر في شكر داعميه على تويتر، قائلاً: «الشكر الجزيل لكلّ من طالب بإعادتي. أنا متأثّر للغاية». مراسل شبكة CNN الأميركية إجتمع مع «رجل الساعة» في مزاد خيري شمال لندن الأسبوع الماضي. أفاد أنّ جيريمي بدا حانقاً على رؤسائه في BBC، مؤكّداً «لقد أضرّوا أنفسهم، ودمّروا برنامجاً عظيماً». صاحب السوابق في إطلاق تعليقات عنصرية، تنصّل لاحقاً من هذه التصريحات. إدّعى أنّها كانت «من باب الدعابة» لزيادة التبرّعات في المزاد. بدوره، غرّد بارون الميديا الاسترالي روبرت مردوخ بلهجته اللاذعة المعتادة «كم هم أغبياء في BBC بطرد جيريمي كلاركسون؟ رجل طريف بخبرات عظيمة وشعبية هائلة». لكن ماذا عن رفيقي الدرب في تقديم Top Gear؟ البريطاني جيمس ماي، حسم أمره بعدم البقاء في البرنامج بعد رحيل صديقه. الأمر الذي وصفه بالـ «مأساة»، مشدداً على أنّه يرغب في العمل معه مجدداً. ريتشارد هاموند يبدو على المسار نفسه. تغريدته الأخيرة على تويتر تصف ما حصل بـ «نهاية حزينة لمرحلة. كل منّا، نحن الثلاثة، كان أحمقَ بطرق مختلفة، ولكنّه كان مشواراً رائعاً معاً». التسريبات الأخيرة تتحدّث عن إحتمال إنتقال الثلاثة إلى برنامج جديد على شبكة Netflix الأميركية، إلا أنّ لا شيء مؤكّداً حتى الآن. البرنامج نفسه باقٍ. طوني هال أعلن أنّ عروض هذا الموسم من Top Gear مستمرّة مع تعديل في البرمجة، على أن يتم تجديده بالكامل عام 2016. هذه المهمّة أسندت إلى كيم شلينغلاو رئيسة BBC2، القناة صاحبة العرض الأول للبرنامج. إذاً، لن تكون المرّة الأولى. Top Gear انطلق كمنتج محلي عام 1977. توسّع نطاق عرضه إثر النجاح المتصاعد، وانضمّ إليه جيريمي كلاركسون المعروف بمقالاته الساخرة عام 1988. توقف لفترة بين عامي 2000 – 2002، قبل أن يعود بشكل مختلف على BBC2. الرفاق الثلاثة لفتوا انتباه الكوكب بالتحدّيات الخطرة والسخرية اللاذعة، ضمن شكل جديد من تلفزيون الواقع. أرقام اليوم تتكلّم عن نفسها. أكثر من 350 مليون متفرّج من 170 دولة. حوالي 75 مليون دولار حصّة BBC من الإعلانات التجاريّة حول العالم. أيضاً، تمّ إنتاج نسخ محليّة منه في كل من أميركا وروسيا وأستراليا والصين وكوريا الجنوبية.