في عام 2002 صدر مرسوم إنشاء مستشفى المنية الحكومي، الذي بقي حبراً على ورق إلى ان تبرعت جمعية الهلال الأحمر الكويتي عام 2008، بإنشائه وتجهيزه لتنتهي عملية البناء عام 2011. بعد ذلك أصدرت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قراراً يطلب من حاكم مصرف لبنان اعتماد توقيعي كل من الدكتور محمد مصطفى زريقة وعز الدين سكاف مجتمعين لتحريك حساب المستشفى لدى المصرف، وذلك بعد تكليف وزير الصحة العامة السابق علي حسن خليل الاثنين إدارة المستشفى، لحين تعيين مجلس ادارة ومدير عام وفقاً للأصول المرعية. من هنا بدأت المشاكل التي أدّت إلى تعطيل العمل في المستشفى إلى اليوم.
ففي 16 آذار 2013 افتتح المستشفى في ظل غياب تام لنواب المنية - الضنية بسبب مقاطعتهم آنذاك لحكومة نجيب ميقاتي، ما حدّ من قدرة المستشفى على العمل على الرغم من توافر التجهيزات اللازمة من معدات وآلات طبية متطورة. المستشفى يشغّل اليوم قسم التصوير والعيادات الخارجية فقط، بعدما افتتحتهما الهيئة الادارية المكلفة ، فيما بقيت الأقسام الأخرى قيد الإقفال.
منذ نحو شهر اجرى مجلس الخدمة المدنية مباراة لتعيين موظفين في المستشفى، واعلن نتائج الناجحين، لكن حتى الساعة لم يلتحق أيّ من الناجحين بعملهم، بسبب الخلاف الاداري بين رئيس مجلس الادارة الدكتور محمد زريقة والعضو الاداري المكلف التوقيع معه عز الدين سكاف من جهة، والهيئة الادارية والنائب كاظم الخير من جهة أخرى. يشير الخير الى «أن المستشفى مشروع حيوي ليس للمنية فقط إنما لمناطق عكار والضنية ايضاً»، لكنه لا يمكن ان يتغاضى عما سماه «غلطة حكومة الرئيس ميقاتي في تعيين مجلس الادارة، لا يراعي الشروط المطلوبة»، وفق ما يقول.
من ناحيته، يؤكد زريقة ان الخلاف بينه وبين سكاف هو «كون الاخير اخطأ في تفسير قرار وزير الصحة، فليس هناك مدير او مجلس ادارة معين بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء، بل هناك هيئة ادارية مكلفة من قبل وزير الصحة السابق علي حسن خليل». يشرح ان القرار تضمن تعيين ستة اعضاء، وطالب حاكم مصرف لبنان اعتماد توقيع كل من زريقة وسكاف لصرف الاموال اللازمة لتشغيل المستشفى، وهو ما رفضه سكاف، مشيرا إلى انه حد من صلاحياته، فقدّم استقالته الى مجلس الادارة، بحسب زريقة، من دون رفعها الى وزارة الصحة لقبولها او رفضها.

تعنت العديد من المسؤولين
في المنطقة من سياسيين ورؤساء بلديات، يمنع اقرار التعيينات

يؤكد زريقة ان المستشفى جاهز لاستقبال المرضى، ولكن حتى الساعة لم يسلم مجلس الانماء والاعمار -المكلف الاشراف على عملية البناء- المبنى لوزارة الصحة، كما ان اجراء امتحانات في مجلس الخدمة المدنية حصل بناء على طلب الهيئة الادارية المكلفة تشغيل المستشفى، كذلك يُنتظر تعيين مجلس ادارة اصيل وفتح اعتماد مالي لدى وزارة المال لشراء المواد الاولية وفتح المستشفى امام المرضى.
أمّا الخير فيلفت الى انه «طلب من وزير الصحة الاسراع في اجراء مقابلات مع المتقدمين بطلبات لشغل منصب المدير ورئيس مجلس الادارة عبر مديرية الشؤون الادارية»، واعداً ان التعيين سيجري قريباً. إلا أنّ زريقة كشف ان «المقابلات اجريت من نحو ستة اشهر»، مضيفاً ان «تعنت العديد من المسؤولين في المنطقة من سياسيين ورؤساء بلديات، يمنع اقرار التعيينات». يتّهم زريقة النائب أحمد فتفت بالسعي لتعيين مجلس ادارة من خارج نسيج المنطقة، عبر دمج وظيقتي المدير ورئيس مجلس الادارة في وظيفة واحدة، ما يعني ان يكون شاغل المنصب متفرغا كما حصل في مستشفى الضنية الحكومي، ما يبعده عن تولي المنصب»، مؤكداً انه لا يجوز ان يكون ابناء المنطقة خارج نطاق التعيينات في وظائف المستشفى، وان حصل ذلك واتى المجلس من خارج نسيج ابناء المنية فالمستشفى لن يفتح .
التواصل بين زريقة والخير مقطوع، بالرغم من تأكيد الطرفين ان دعوات متبادلة وجهت بينهما لكن لم يحصل اي لقاء، وكان اخرها بحسب زريقة، دعوة وجهها الخير لمجلس الادارة قبل الافتتاح الجزئي للمستشفى، فرفض مجلس الادارة الحضور كون الاجتماع يحضره نواب المنية -الضنية، متهماً تيار المستقبل، وتحديداً فتفت، بالاستعجال لقطف ثمار الافتتاح. ورأى زريقة انّ فتفت يساهم في تسعير الخلاف السياسي بين تيار المستقبل -عبر نائب المنطقة ورئيس البلدية- والرئيس نجيب ميقاتي.
وسط هذا التناحر السياسي أين وزير الصحة الحالي وائل أبو فاعور ممّا يحصل؟ يؤكد زريقة أنّ «الوزير لا يريد ان يزعل احد. الحل الافضل هو ان يجلس الطرفين وان يقبل تيار المستقبل مشاركة جميع المكونات السياسية والعائلية الموجودة في المنطقة». هكذا إذاً، لمتضررين الأساسيين من كل ما يحصل هم أهالي المنطقة وحدهم الذين لطالما حلموا بإنماء يبدأ أولاً بتعزيز الرعاية الصحية لهم.