برغم حداثة نادي باريس سان جيرمان الذي تأسس عام 1970 إلا أن مبارياته مع مرسيليا، الذي أبصر النور عام 1899، اتخذت منحى خاصاً رياضياً واجتماعياً في فرنسا، وتحديداً في فترة التسعينيات عندما تطور مستوى الفريق الباريسي، وضم العديد من النجوم العالميين أمثال البرازيليين راي وليوناردو وريكاردو وفالدو والليبيري جورج وياه والايطالي ماركو سيموني، والمحليين دافيد جينولا وبرنار لاما وبول لوغوين وغيرهم، فيما كان مرسيليا يعيش وقتها فترته الذهبية بوجود نجوم أمثال الغاني أبيدي بيليه والألماني رودي فولر والكرواتي ألان بوكسيتش والمحليين جان بيار بابان وبازيل بولي وايمانويل أموروس وفابيان بارتيز ومارسيل دوسايي وديدييه ديشان وغيرهم.
هكذا، سارت مباريات الفريقين في خط تصاعدي في البلاد وتحولت إلى «كلاسيكو»، على غرار ذلك الشهير في اسبانيا، متخطياً الحدود الفرنسية إلى العالم.
الا أن وهج هذا «الكلاسيكو» تراجع مع هبوط مستوى الفريق الجنوبي، وسيطرة فريق العاصمة على «ليغ 1» حيث أحرز اللقب في المواسم الثلاثة الأخيرة مستفيداً، طبعاً، من المال القطري الذي أفقد البطولة الفرنسية رونقها.
في كل الأحوال، فإن فرقاً مثل مرسيليا وليون وموناكو وسانت اتيان لم تستسلم وقلبت التوقعات رغم الفارق الكبير في الإمكانات مقارنة بالنادي الباريسي، لتكون المحصلة في المرحلة الـ 30 من هذا الموسم منافسة مشتعلة بينها على اللقب، حيث يتصدر النادي الباريسي بفارق نقطة واحدة عن ليون ونقطتين عن مرسيليا و6 نقاط عن موناكو و7 نقاط عن سانت اتيان، ليستعيد الدوري بذلك قوته وزخمه.

يتصدر باريس سان جيرمان
الترتيب بفارق نقطة عن ليون ونقطتين عن مرسيليا


هذا المشهد كافٍ وحده ليجعل من مواجهة مرسيليا وسان جيرمان، الأحد، على ملعب «فيلودروم»، إحدى أهم المباريات هذا الموسم وأحد أخطر المنعطفات في الأمتار الأخيرة من زمن البطولة، وليعيد بالتالي لـ «كلاسيكو» فرنسا رونقه وسحره، بعدما سيطر عليه النادي الباريسي تماماً في الاعوام الأخيرة.
من دون مبالغة، فإن البلاد تعيش منذ مطلع الأسبوع الحالي على وقع هذه المباراة، حيث إن الترقب كبير لها من كل فرنسا لا من الفريقين فحسب.
فمن جهة عموم الفرنسيين، فإن استعادة هذه المباراة قوتها التنافسية يعدّ أمراً مفرحاً لهم ليتباهوا بها أمام القمم في البلدان الأوروبية المجاورة، وهذا ما ينعكس إيجاباً على الدوري المحلي على نحو عام. من هنا، فإن المواكبة الإعلامية لهذه المباراة لن تكون عادية، إذ على سبيل المثال فإن قناة «كانال بلوس» ستستعين بطائرة «هليكوبتر» لتغطية المباراة، كما ستُفرد 40 كاميرا في الملعب إضافة لـ 120 شخصاً للإنتاج، وسط توقع ان تصل المشاهدة إلى حدود قياسية كما هي عادة هذه المباراة.
على مستوى الفريقين، فإن الغليان يسود اللاعبين وجمهوريهما بانتظار الموقعة المرتقبة، وقد زادت الحرب الإعلامية من حدّة التوتر، حيث رأى، على سبيل المثال، مدافع مرسيليا، رود فاني، أن مواجهة السويدي زلاتان إبراهيموفيتش «ليست الأصعب»، ولتأتي توقعات نتيجة المباراة وتصب «الزيت على النار» وأبرزها على الإطلاق من «أسطورة» فرنسا، زين الدين زيدان، الذي توقع فوز فريق مسقط رأسه مرسيليا 3-0.
كل هذا في كفة واستعدادات جماهير مرسيليا للموقعة في كفة أخرى، حيث إن الاستعدادات تتواصل لمؤازرة «غير مسبوقة» لفريقها، وفقاً لتقارير صحافية، فيما أن ميشال تونيني، مسؤول رابطة الجمهور هاجم سان جيرمان بقوة، واصفاً إياه بـ «النادي المزيّف»، بعدما اشتراه القطريون، مضيفاً لإذاعة «أر تي أل»: «الآن هو نادي قطر، إنه نادي قطر لكرة القدم، لكن هذا اختراع، لأنه يجب في فرنسا أن تكون باريس عاصمة كرة القدم، لكنه بالنسبة إلينا ليس إلا خصماً نستمتع بأن ندوسه».
كلمات تونيني تكفي لاختصار المشهد الذي سيكون عليه «كلاسيكو» سهرة الأحد في فرنسا. هي كلمات تلخّص، كذلك، موقف معظم الرأي العام الفرنسي ونقمته على فريق العاصمة «المليوني»، الذي انتقل من حضن الوطن إلى حضن قطر، ولا يخفى أن الأمنيات، سراً وعلانية، كبيرة هناك بسقوطه.