«خلصنا بقا. نعم، الحوار مع العونيين ضرورة»، هكذا حسم مسؤول في القوات اللبنانية إحدى حلقات النقاش التي ترأسها رئيس الحزب سمير جعجع، قبل أشهر، للبحث في ملف الحوار مع التيار الوطني الحر. يقول المسؤول: «بالتأكيد لست من أقنع جعجع بالسير في هذا المشروع، بل وعي توصلت اليه القوات اللبنانية بضرورة فتح صفحة جديدة مع الشريك الآخر». وأبسط النتائج التي أدى اليها الحوار، «أننا بتنا قادرين على أن نلتقي مسؤولين في التيار من دون توتر».
لكن هذا النَفَس الايجابي لا ينسحب على كل فريق عمل جعجع. في الاجتماعات، الاصوات المعترضة كانت مرتفعة، «لأننا نعرف ميشال عون جيداً»، كما يقول أحد النواب. لذلك كثرت الاستفهامات: «ماذا لو لم نصل الى اتفاق؟ ماذا لو فشلنا وصوّرونا كخونة؟». وحتى بعدما اتخذ القرار بالمضي في الحوار، لم يجد بعض المعترضين مانعاً في نقل هواجسهم الى الاعلام، كما فعل قبل أسابيع مستشار جعجع وهبي قاطيشا (صحيفة عكاظ السعودية) ونائب رئيس الحزب جورج عدوان (جريدة النهار).
يرفض الأمين العام للقوات فادي سعد هذه «الاشاعات»، مُلقيا باللوم على «بعض المستائين من الحوار من خارج فريقنا الذين يحاولون وضع العصي في الدواليب». يؤكد، بثقة، أن «الهيئة التنفيذية مُجمعة على ضرورة الحوار»، ولكن، «من الطبيعي أن يكون لدى البعض هواجس».
يُعدّ النائب أنطوان زهرا رأس حربة الفريق المُعارض للحوار، ويعزو البعض ذلك الى التنافس بينه وبين الوزير جبران باسيل في البترون. لا ينفي مقربون منه أنّ «العلاقة مع مسؤولي التيار جيدة باستثناء باسيل». لكن هذا ليس سبب توجس زهرا من الحوار، بل هي «القناعة بأنه لا يُمكن الجمع سياسياً مع عون». وحين سربت القوات أجواء سلبية عن سير الحوار كان الهدف «التحذير بأنه لا يُمكن لأحد أن يحاورنا ويتناولنا في السلبي. هناك أدبيات يجب احترامها». أوساط زهرا تنقل عنه أنه «لا أحد يُنكر النتائج الايجابية التي تحققت، خاصة لناحية تطبيع العلاقات السياسية والتزام التهدئة». الا أنها تأسف لوجود مخطط «لتصويرنا كخونة، تماما كالحملة التي شُنت علينا في موضوع مشروع القانون الارثوذكسي للانتخابات النيابية».
أحد من يلتقون جعجع بشكل يومي يقرّون بأن البعض في القوات «نقزانين» من الحوار لأن الفريقين «يأتيان من مكانين متباعدين في السياسة والتاريخ». ولكن لدى القوات «تصميماً ببذل كل الجهود لانجاح الحوار». ولأن الجوّ توافقي، يؤكد المصدر أن «جزءاً كبيراً من العونيين أيضا حريص على الحوار». لذلك، من الضروري «صمّ الآذان عن المترددين من الطرفين. الحوار يجب أن يُستكمل بغض النظر عن الاتفاق على رئاسة الجمهورية أم لا، فهدفنا تنقية الذاكرة والتأسيس لخطاب سياسي بعيد عن التحريض». جولات الحوار البطيئة لا تعني فشله. أما الاجتماع بين عون وجعجع «فليس معيارا». والحذر هو «حرص منا على عدم الفشل». القوات اللبنانية «أخذت المبادرة وستُكمل. واللقاء بين القطبين مجرد تفصيل».