بات سجلّ بطريرك «الشركة والمحبة» مليئاً بالتباينات والخلافات والقطيعة بينه وبين القوى السياسية. على عكس البطريرك نصر الله صفير، تسببت مواقفه المُتقلبة بزعزعة علاقته بمعظم السياسيين الذين يتفقون في مجالسهم على «انتهاء دور بكركي كمرجعية وطنية»، ولو أنهم يتجنبون الحديث علناً في هذا الخصوص «منعاً لزيادة الشرخ المسيحي الذي لا يفيد أحداً». آخر حبة في عنقود الملاحظات على بكركي كانت للتيار الوطني الحرّ. تصريح النائب آلان عون لدى زيارته رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر قبل يومين أكّد ذلك.
قال عون إن الزيارة «لاستطلاع حقيقة التحرك الذي تقوم به بكركي عشية انعقاد القمة الروحية في ما خصّ موضوع الفراغ الرئاسي»، كاشفاً عن وجود تباين «عسى ألا يؤدي الى خلاف كبير، وهذا لن يحصل، وهذا ما اتفقنا عليه».
ليست المرّة الأولى التي تتوتر فيها العلاقة بين بكركي والرابية. عام 2012 اهتزت ثقة الجنرال ميشال عون بالراعي بعدما قبل الأخير إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين، مقدماً الرعاية له بالتعاون مع الرئيس السابق ميشال سليمان. قبل عام، انزعج سيد الرابية من الإحراج الذي تسبب له به «سيدنا» بسبب حثه على إعلان ترشحه رسمياً حتى يختار مجلس النواب أحد المرشحين. أما أخيراً، فقد عدلت بكركي من خطابها، فدعت جميع النواب «للنزول الى البرلمان وممارسة دورهم بانتخاب رئيس جديد».
تقول مصادر تكتل التغيير والإصلاح إنّ العلاقة بين الرابية وبكركي «لن تصل إلى حدّ القطيعة».

يؤكد العونيون
أن العلاقة لن تصل
إلى حدّ القطيعة

ولكن التباين موجود، «لماذا نكذب على بعضنا؟ كل نهار أحد يعظنا الراعي بضرورة النزول الى البرلمان وانتخاب رئيس، في حين أننا نرفض ذلك». ما أراد العونيون قوله إن «التباين في الوسيلة لا يعني الاختلاف على هدف تحسين وضع المسيحيين في الدولة، الفرق أننا لا نريد أن يكون ذلك على حساب رئاسة الجمهورية، وخاصة أن الراعي يريد انتخاب أي رئيس، ونحن نريد رئيساً قوياً».
في الاجتماعات التي جمعت بين الراعي وعدد من نواب تكتل التغيير والاصلاح، دأب «سيد بكركي» على السؤال عن المُهلة التي يضعها عون لنفسه قبل إعلان انسحابه من السباق الرئاسي. «يريدنا أن نحدد له مهلة شهر، سنة أو سنتين؟ الى متى سنظل بانتظار تأييد الآخرين لنا؟ وإذا لم يؤيدنا هؤلاء، ماذا بعد؟»، استناداً الى المصادر. هواجس البطريرك هذه تزعج العونيين «لأنها نقطة ضعفنا، فنحن لا نملك الجواب. لذلك نلجأ الى الطرق الدبلوماسية للتهرب من الجواب عبر وضعها في ملعب الآخرين». الى أبد الآبدين «نحن متمسكون بعون رئيساً حتى تغيير استراتيجيتنا. حتى الساعة لا حل آخر لدينا، هو لا يريد التراجع لأنه لا يزال يتوقع أن تتبدل الظروف لمصلحته». وتوضح المصادر أن «الاستسلام» لا يعني انتخاب رئيس آخر «لا أحد مستعد للحل. وألبسونا طربوش التعطيل».
زيارة عون لمطر كانت استباقية «وخاصة بعد توارد أخبار عن حركة رئاسية جديدة تقوم بها بكركي»، استناداً الى المصادر. المطران مطر طمأنهم إلى أنه «لا يوجد تصعيد في المواقف. ولكن يجب على بكركي أن تذكر كل فترة بموقفها من الملف الرئاسي». مبادرة بكركي لإعادة البحث عن حلول رئاسية تتقاطع مع معلومات عن ضغوط يمارسها الفاتيكان لانتخاب الرئيس قبل الصيف المقبل. «جرى حديث عن نية الحبر الأعظم إرسال وفد الى لبنان لبحث الملف الرئاسي»، يقول المصدر، قبل أن يتساءل: «ما الغاية من ذلك؟ وخاصة أن للفاتيكان سفيراً لدى لبنان. فعلياً لا أحد يريد الضغط، حتى الناس مش فرقانة معها».