قائمة «فوربس» السنوية عن اغنى الاغنياء، لا ترصد في لبنان سوى «10 مليارديرات ومليونير واحد»، من اصل 1826 مليارديراً في العالم في هذا العام، يمتلكون ثروات صافية بقيمة 7.05 تريليونات دولار. بحسب هذه القائمة الشهيرة، يمتلك الاثرياء اللبنانيين الـ11 نحو 33.78 مليار دولار، اي ما يوازي 75% من مجمل الناتج المحلي اللبناني، وبمعدّل يزيد على 3 مليارات دولار لكل من المرصودين على القائمة، اي ما يوازي متوسط الاجر السنوي لنحو 260 الف موظف وعامل في القطاعات النظامية.هل تعبّر القائمة المذكورة عن الواقع الفعلي؟ بمعزل عن الملاحظات الكثيرة على هذه القائمة واستثناءاتها، فانها تؤكد مدى تركّز الثروة بايدي القلة القليلة التي تتحكم في السلطة ايضا.

يقدر تقرير «كريدي سويس» في عام 2013 الثروات الشخصية في لبنان باكثر من 91 مليار دولار، وهي كانت قد بلغت ذروتها في عام 2010 عندما بلغت نحو 99.6 مليار دولار. ويقول ان 0.3% من اللبنانيين البالغين يمتلكون نصف هذه الثروات تقريبا. وبالاستناد الى آخر احصاءات صادرة عن مصرف لبنان في شأن تركّز الودائع في عام 1997، يتبيّن ان 0.8% من الحسابات المصرفية يوجد فيها نحو نصف الودائع. ومع افتراض ان النسبة لم تتغيّر طيلة العقد الماضي، وهذا غير صحيح اطلاقا، يمكن القول ان نحو 75 مليار دولار من الودائع مودعة لدى عدد قليل جدا من الحسابات.
تشير «فوربس» في تقريرها الاخير الى ان لبنان يحتل المرتبة الثانية بعد السعودية على قائمة الاثرياء العرب، اذ جاء جوزيف صفرا في المرتبة الثانية بعد الوليد بن طلال بثروة قدرها 17.3 مليار دولار، يليه في المرتبة الـ11 على الصعيد العربي كل من نجيب ميقاتي وشقيقه طه بثروة 3.3 مليارات دولار لكل منهما، ثم بهاء الحريري بثروة قدرت بـ2.3 مليار دولار. وشهدت القائمة في هذا العام دخول 3 أسماء لبنانية جديدة؛ روبير معوض وعائلته بـ 1.5 مليار دولار، وجاك سعادة بـ1.2 مليار دولار، وراي إيراني بـ1 مليار دولار.

لبنان يحتل
المرتبة الثانية بعد السعودية على قائمة الاثرياء العرب


سنوياً تشهد لائحة أصحاب المليارات في العالم تبدّلات طبيعية نظراً لتفاوت عوائد الاستثمار. قد يصبح التقويم معقداً على المستوى العربي نظراً لعدم إيراد أموال الملوك والأمراء والسياسيين، غير أن سؤالاً واحداً يفرض نفسه عاماً بعد عام، ومصدره لبنان: ماذا يفعل أبناء الحريري بميراثهم؟
عندما وجد أبناء الرئيس الراحل رفيق الحريري أنفسهم بين 16 مليار دولار من الأموال الموروثة، غداة اغتيال والدهم، كانت رؤيتهم محدودة، على أقل تقدير، على مستوى الخيارات المتاحة للاستثمار. توزّعت الاهتمامات، فركّز سعد، الذي اختير أيضاً لإدارة الإرث السياسي، على شركة المقاولة والخدمات اللوجستية، «أوجيه»، التي كانت قد حقّقت المليارات للأب الراحل. أما بهاء، الابن الأكبر الذي استُثني من تلك الإدارة، فقد اهتم بمشاريعه العقارية المختلفة. بقي الاولاد الصغار الذين تتنوع أهواؤهم وميولهم الخاصة بتوليد الأموال.
سرعان ما تبين أنّ اللمسة السحرية للدولار التي كان يتمتع بها الأب، لم يرثها الجيل الثاني. ولم يطل الأمر حتّى تبخّر نصف الثروة. واستمرّ النزف، وفقاً لما تُظهره لائحة مجلة «فوربز» لأصحاب المليارات في العالم لعام 2015 التي صدرت الاسبوع الماضي.
الوحيد بينهم الذي نمت ثروته عن العام الماضي هو بهاء. ولكن ليس بمعدل كبير إذ ارتفعت مئة مليون دولار فقط إلى 2.3 مليار دولار. الرئيس سعد الحريري، استطاع الحفاظ على ثروته ثابتة عند مليار ونصف المليار، فيما الولدان الصغيران للرئيس الشهيد، أيمن وفهد، تراجعا إلى 1.1 مليار دولار لكل منهما، أي بما معدله مئة مليون دولار للولد الواحد.
هكذا يكون هؤلاء الأبناء وحدهم – باستثناء أفراد عائلاتهم الآخرين – قد بدّدوا 7.5 مليارات دولار بين عامي 2006 و2015؛ مبلغ محترم يجعل مقولة «أعطني أوّل مليون...» كلام هرطقة.
غير أنّ آل الحريري ليسوا الأثرياء اللبنانيين الوحيدين محلياً وعربياً وبالتأكيد لم يعودوا الأهم من خارج دائرة الملوك والأمراء ذوي المراكز الرسمية (وهؤلاء جميعهم، مع السياسيين مستثنون من التقويم الذي تنشره المجلة الأميركية مع بداية ربيع كلّ عام).
ففي الحلقة اللبنانية، يُحكم الأخوان ميقاتي، نجيب وطه، السيطرة على الترتيب بثروة إجمالية تبلغ 6.2 مليارات دولار مقسمة بالتساوي بينهما. واللافت هذا العام هو دخول لاعب جديد على اللائحة هو روبير معوض، رجل المجوهرات الشهير الذي يدير امبراطورية ماسيّة لبنانية أسسها جدّه، دافيد، في نهايات القرن التاسع عشر.
صحيح أن هذا الملياردير اللبناني سلّم مفاتيح أعمال العائلة لأولاده، فريد وآلان وباسكال، قبل خمسة أعوام، إلا أنه بفضل مجوهراته المنتشرة بين الشرق الأوسط، سويسرا ولوس أنجيلوس، تمكّن من اختراق ثنائية ميقاتي – الحريري في نادي المليارات.