تحوّلت الندوة الثقافية التي دعا إليها الناشطون ضد إنشاء معمل الترابة والأترنيت في منطقة جنتا العقارية ـ قضاء بعلبك، إلى ما هو أشبه بتظاهرة احتجاجية على إقامة "معمل الموت" بينهم. شارك بيئيون وفعاليات بلدية واختيارية من قرى البقاع الأوسط، إلى جانب أبناء قرى وبلدات شرق زحلة وبعلبك في الندوة التي أقيمت في إحدى الصالات في رياق، والتي تناولت مخاطر إنشاء شركة الموسوي معملاً للترابة والأترنيت على أراضي جنتا، بالنظر إلى الأضرار المحدقة التي لن توفر لا بشراً ولا طبيعة أو مياه سطحية أو جوفية.
الدكتور علي درويش، رئيس جمعية الخط الأخضر، انتقد في كلمة له في الندوة دراسة تقييم الأثر البيئي التي وزّعتها شركة الموسوي، مشيراً إلى أن أيّ دراسة للأثر البيئي "لا بد لإنجازها من التقيّد بالمعايير القانونية المحددة بمراسيم تشريعية"، متسائلاً "هل أجريت استشارات عامة مع الناس من أبناء المنطقة، كما هو مطلوب في المراسيم القانونية؟ وهل جرى الاطلاع على كافة تفاصيل تشغيل المعمل وكمية الملوثات الناتجة عنه، وآلية التخلص منها مع النفايات وكيفية طمرها؟ وكيفية حماية المياه السطحية والجوفية نتيجة التفجيرات في المقالع والكسارات المزمع إنشاؤها لتزويد المعمل بالمواد الأولية في مكان المعمل، وماذا إذا تعرض المعمل لعطل ما؟ من هي الشركة التي ستتولى معالجة تلك المشاكل؟".
إحدى النقاط الأساسية التي شدد على خطورتها درويش في معمل جنتا، الفحم الحجري المنوي استخدامه في تشغيل المعمل وكيفية نقله من المرفأ إلى جنتا بمعدل 300 طن يومياً، وهو المادة التي أخرجت عالمياً من التعامل فيها، (ما خلا بعض الدول) بالنظر إلى التلوث الكبير الذي تتركه، موضحاً أن "البديل المحدد لدى شركة الموسوي في تشغيل معمل الترابة يستند إلى الوقود البديل (RDF) وهو عبارة عن مزيج من النفايات العضوية والنفايات الصلبة التي يعاد تصنيعها، مع مواد عازلة لينتج وقوداً لا يزال حتى اليوم مثار جدل كبير في وزارة البيئة حول استعماله أم لا، ويعد هذا الوقود جزءا من التلوث المقبل" بحسب ما يؤكد درويش.
ليس هذا فحسب فمعمل الترابة المزمع إنشاؤه بانتظار الحصول على التراخيص من الوزارات المعنية، يحتاج إلى "فلاتر خاصة وهي حتى اليوم لا تتوافر في لبنان طرق لمعالجتها، بحسب درويش، موضحا ً أن الدول الأوروبية تجمع الملوثات وفلاتر معامل الترابة والأترنيت بعد استعمالها، في صناديق خاصة وتطمر مع الملح في مناجم على عمق 600 إلى 700 متر تحت الأرض، ورغم ذلك يعترض الأوروبيون على ذلك، فكيف ستعالج تلك الانبعاثات في لبنان، في الوقت الذي "شهدنا فيه في معمل الترابة في سبلين (قبل شهرين تقريباً) كيف أن الفرن الرقم 2 ينتج غازات ملوثة بسبب عدم توافر فلاتر له، وما صرّح به النائب وليد جنبلاط على أثره بالطلب من الناس التحمل لغاية شهر تشرين أول المقبل، ريثما يجري تأمين فلاتر، ونقول إزاء ذلك من يحمي الناس طيلة تلك الفترة، ومن سيحمي جنتا ويحفوفا وجوارها من أضرار تلك الانبعاثات الملوثة، والدولة عاجزة حتى في موضوع مطمر الناعمة عن توفير الطرق العلاجية اللازمة" كما يقول.
نقولا ألوف دكتور في الجامعة اللبنانية في العلم الحيواني والبيئة شارك في مداخلة شدد فيها على ضرورة مواجهة خطر معمل الترابة الأترنيت في جنتا، كما فعل أبناء زحلة والجوار، مشدداً على "أن التطور والتقدم لا ينبغي أن يكون ثمنهما حياتنا الإنسانية وبيئتنا، وأن يكونا مدمرين للثروة المائية في السلسلة الشرقية والمتمثلة بنهر حالا (يحفوفا) الذي يروي قرى جنتا ويحفوفا وشرق زحلة وصولاً حتى رياق وأبلح ويوفر الرزق للعشرات من أبناء المنطقة".
الناشطون ضد إنشاء معمل الترابة والأترنيت في جنتا أكدوا على استمرار خطواتهم التصعيدية، والموعد يوم الأحد المقبل بالاعتصام وقطع الطريق الدولية، وقد كشف فوزات دلول أمام المشاركين عن توجه عدد من أعضاء مجلس بلدية جنتا إلى "الطعن بقرار الموافقة على إنشاء المعمل".