لم يعُد مشهد الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل من حيث مفاعيله على أرض الواقع مُرضياً.، كما لم يعُد التأكيد على التمسّك به مقنعاً، ولا عادت تأكيدات الطرفين على حرصهما على استمراره «تُصرف» لدى شخصيات مستقبلية ترى أن «حزب الله يتعمّد رفع السقف عالياً في وجه المملكة العربية السعودية بهدف إحراجها فإخراجها عن طورها لتفرض على الرئيس سعد الحريري الانسحاب من الحوار».
زاد خطاب السيد حسن نصرالله، في «المهرجان التضامني مع اليمن» الجمعة الماضي، من «درجة الغليان» في تيار المستقبل، وفاقم «زنقته» أمام شارعه. ورغم استمرار إعطاء جرعات تطمينية في شأن الحوار، إلا أنه خلف الكواليس «هناك حيرة أمام إصرار الحزب على الجلوس معنا على طاولة حوار لن تُقدّم ولن تؤّخر». في الأجواء المستقبلية «استغراب من التناقض الظاهر في كلام السيد نصرلله»، ومن «اتهام الحزب المملكة بأنها منبع الإرهاب من جهة، وإصراره على محاورتنا من جهة أخرى. ألسنا نحن أبناء السعودية في لبنان كما يقول؟ الا يعني ذلك أننا إرهابيون أيضاً؟ فكيف يقبل الحزب محاورة الإرهابيين أمثالنا؟».
رُبما يدين «المستقبل» لهذا «التناقض»، كما يحلو للأوساط تسميته، لاتهام الحزب بأنه «يكيل بمكيالين». توضح الأوساط المستقبلية أن «حزب الله يذهب إلى قطع الجسور مع المملكة، حتى لا يترك للصلح مطرحاً، ويدفعها إلى التهوّر. وفي المقابل يحاول إظهار حرصه على استكمال الحوار معنا كي لا يتحمّل مسؤولية تفجير الوضع السياسي، ورُبما الأمني». وتتحدث عن «تخوّف مستقبلي من محاولة الحزب تفجير الوضع عبر جرّنا إلى أزمة حكم وأزمة نظام، إذ ليس من المعقول أن يتحدث نصرالله بهذه اللهجة من دون هدف ينوي تحقيقه على الساحة الداخلية»، وخصوصاً أن «حزب الله تجاوز الخطوط الحمراء مع المملكة، ولا يُمكن أن تهضمه معدة المستقبل، وأسهم السيد ضد المملكة من منطلق ديني أمر لا ينسى، ويجب ألّا ينسى أصلاً، لأن المعركة ببساطة مع الحزب باتت ردّ اعتبار».
الأوساط نفسها تقرأ في خطاب نصرالله «رسالة تهديد» واضحة الى تيار المستقبل «الذي يواجه تحدياً أساسياً في شارعه نتيجة الاحتقان الذي يثيره الحزب».
المشاركون في وفد المستقبل إلى الحوار لا يملكون ترف الحديث على نحو صريح عن خطاب السيد نصر الله، وخصوصاً أنهم «مكلفون الاستمرار في هذا الخيار مهما تكُن الأجواء»، لكن هؤلاء يعبّرون، خارج أسوار عين التينة، عما يقولونه داخلها: «ما لنا في اليمن حتى نزجّ أنفسنا فيه. في سوريا فهمنا الخطر الذي يتحدّث عنه الحزب وقبلناه كأمر واقع، لكننا ندعو حزب الله إلى التفكير في مصائر اللبنانيين الموجودين في الخليج، على الأقل من باب المصلحة اللبنانية، فهل يتحمّل هذا الحزب عبء ترحيلهم؟».