اجتمع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، خلال زيارته دولة الامارات الشهر الماضي بالقيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان. حدد اللقاء مسبقاً، وذلك قبل وصول ابراهيم الى ابو ظبي للمشاركة في معرض للأمن، وكانت هذه «المرة الأولى التي يتعرف فيها إبراهيم إلى دحلان شخصياً»، كما قال مقربون من الأخير. تحدث الرجلان عن الأوضاع الأمنية للمخيمات الفلسطينية في لبنان، والخوف من تكرار سيناريو تمدد «داعش» والفصائل الإسلامية المتشددة في عين الحلوة كما جرى في مخيم اليرموك السوري.
على مدى ساعتين تحدث دحلان وإبراهيم بصراحة عن تأثير الانقسام الفتحاوي الداخلي على الساحة اللبنانية، والخوف من حدوث اشتباك مسلح بين عناصر القيادي في فتح محمود عيسى «اللينو»، المحسوب على دحلان في لبنان، وبين قوات الأمن الوطني الفلسطيني برئاسة صبحي أبو عرب. وأكد إبراهيم في اللقاء ان «وحدة حركة فتح مصلحة لبنانية، ومن المهم عدم وقوع اي اشتباك فتحاوي ـــ فتحاوي في المخيمات، لأن استقرار المخيمات يُعَدّ من الامن القومي اللبناني»، كما نقل القيادي الفتحاوي المفصول من المجلس الثوري للحركة، والذي كان حاضراً في الاجتماع سمير مشهراوي لـ«الأخبار». من جهته، بدّد دحلان هواجس ابراهيم هذه بنفيه امتلاك أي اجندة أمنية للمخيمات اللبنانية. وقال مشهراوي ان «دحلان أبدى موافقته على أي مبادرة تحفظ استقرار المخيمات وتحيّدها عن الصراعات الداخلية اللبنانية». لذلك، بعد عودة إبراهيم الى لبنان، التقى السفير الفلسطيني أشرف دبور، وأبلغه بلقائه بدحلان، وطلب منه نقل رسالة الى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس نصحه فيها بتوحيد فتح ولملمة وضع الحركة. نُقلت نصيحة ابراهيم الى «ابو مازن» الذي «ابدى استعداداً لنقاش الأمر، واستمر التواصل بين ابراهيم ودحلان لإيجاد صيغة لتوحيد الحركة»، قال مشهراوي. وأضاف ان «ابراهيم لم يكلف للتوسط، بل بادر بنفسه واستدعى دبور، ونحن اعتبرنا ذلك مبادرة طيبة وايجابية». أضاف: «طلب إبراهيم التزامنا بتهدئة إعلامية ففعلنا، على أمل ان تكون هناك خطوات متبادلة من الطرف الآخر».

نفى دحلان امتلاك أي اجندة أمنية للمخيمات ووافق على أي مبادرة تحفظ استقرارها

وقد أصدرت محكمة جرائم الفساد في رام الله أول من أمس، قرارها بالدعاوى المقدمة ضد دحلان والاتهامات الموجهة إليه بالقتل وإهدار المال العام بإعلانها ردّها للدعوى لأنها قدمت قبل رفع الحصانة عنه، لكونه عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني. ولم يرَ مشهراوي ــــ أبرز المقربين من دحلان ــــ أن رد الدعوى هو جزء من المصالحة، وبحسب رأيه إن «القاضي رأى الملابسات واصدر قراره بمنأى عما يجري». وأكد انه من الأساس «الدعوى سياسية، اذ لا يمكن رفع الحصانة من قبل رئيس السلطة، ومن يرفع الحصانة هو المجلس التشريعي وحده».
وقالت المعلومات ان «ابراهيم توجه قبل ثلاثة اسابيع الى عمان والتقى ابو مازن بهدف إسقاط الدعاوى القضائية ضد دحلان». يذكر ان مبادرة إبراهيم ليست الأولى من نوعها، فقد سبقتها مبادرة قام بها السفير الليبي في الأردن، وأخرى سعى إليها رئيس بلدية نابلس وفشلتا. وقال مشهراوي انه «اذا توافرت النيات لدى الأطراف، فإن الانقسام الذي شهدته الحركة سيُحل». أما العائق الوحيد لعودة المياه الى مجاريها، فهو في «المحيطين بعباس الرافضين لعودة دحلان خوفاً من دوره المستقبلي لما يملكه من علاقات دولية ومحلية قد تأتي به رئيساً للسلطة»، بحسب مشهراوي. من جهته قال قيادي فتحاوي موالٍ لأبو مازن انه في حال تصالُح الطرفين، فإن «انعكاسه على الارض يحتاج الى وقت طويل، لكن المؤكد حتى الآن ان لا بوادر للمصالحة في الأفق»، فهناك إجراءات يجب تطبيقها لعودة دحلان، منها عقد اجتماع للجنة المركزية، بالإضافة الى عقد مؤتمر عام للحركة.