لم تطلب هيئة التنسيق النقابية من الجمعيات العمومية ومجالس المندوبين التصويت على التصعيد، رغم أنّه لم يكن لدى أيّ من الأساتذة وموظفي الإدارة العامة وهمٌ بأن السلطة السياسية ستقر سلسلة الرتب والرواتب. فجأة، رفعت الهيئة سقف تحركها إلى حد التهديد بعدم إنهاء العام الدراسي من دون أي تفويض من قواعدها. حصل ذلك تحت الصدمة وبعدما سقط الرهان على الكتل السياسية بالخروج ممّا سمّوه الحلقة المفرغة وإنهاء المسلسل بأي طريقة كانت، حتى لو اضطر الأمر إلى التفريط بالحقوق والقبول بالفتات.
يقول رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي عبدو خاطر إن «المسؤولين أقحمونا بشغلة لم تكن على البال، ولم نفكر يوماً بأن يتم ربط السلسلة بالموازنة»، مشيراً إلى أنّ ذلك ولّد غضباً في صفوف الأساتذة والموظفين الذين سيتحركون ضمن الأطر الضيقة التي تليق بهم، فهم لن ينزلوا إلى الشارع لحرق الدواليب، ويتمنون لو يعاد بحث المشروع إلى مكانه الطبيعي أي في اللجان النيابية وإعطائهم حقوقهم.
برأي التيار النقابي المستقل، فإنّ عدم وضع خطة تصعيدية متكاملة سوف يرخي بثقله على ساحة التحرك في الأيام المقبلة، ولن تعطي الخطوات المقررة، التي أتت منفصلة ومتأخرة، الفعالية المطلوبة على مستوى المشاركة كما لو نوقشت داخل أوساط الأساتذة والمندوبين.
الخطوات الضعيفة ستأتي بسلسلة ضعيفة، يقول التيار، آخذاً على بيان المؤتمر الصحافي الأخير للهيئة عدم تضمينه المطلب الاساسي، أي إعطاء من لم يعط من القطاعات الوظيفية حقه بالـ121%، والتعتيم على الدعوة إلى إلغاء بنود باريس ـ 3. ويلفت التيار إلى أن رابطة أساتذة التعليم الثانوي لم تعر اهتماماً لنسبة كبيرة من الأساتذة الثانويين الذين صوّتوا ضد الإضراب بعدما وجدوا أنه من دون أفق ولا يتجاوز رفع العتب. ويؤكد أن الأساتذة الثانويين لا يقبلون بالتفويض المطلق، ويطالبون بمناقشة كل خطوة.
وإذا كان أنصار التيار يتحمّسون إلى حدّ المطالبة بمقاطعة مرافق الفساد وعدم إنهاء العام الدراسي، ثمة فريق يصيبه الاحباط من أي تحرك باعتبار أن المعركة انتهت.
بالنسبة إلى القطاع التعليمي الخاص، يشير رئيس نقابة المعلمين نعمة محفوض إلى أن الالتزام بالإضراب سيكون أكبر من المرة الماضية، لا سيما في المدارس الكاثوليكية في الشمال وجبل لبنان، فيما علمت «الأخبار» أن معظم مدارس اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة ستفتح أبوابها بشكل طبيعي.
الأنظار تتجه اليوم إلى القطاع الإداري تحديداً، وما إذا كان سيلتزم بالإضراب والاعتصام أمام وزارة الاقتصاد، عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم. ووسط إشاعة أجواء بأن الإدارات العامة والوزارات لن تقفل أبوابها، جهدت رابطة موظفي الإدارة العامة منذ الصباح للاتصال بالموظفين وحثّهم على تلبية دعوة هيئة التنسيق عبر التجييش على مواقع التواصل الاجتماعي. وممّا كتبه نائب رئيس الرابطة وليد الشعار على موقع فايسبوك: «الحق يعلو على كل محاولات التمييع والتسويف والمماطلة، فمسلسل تبادل الأدوار قد أصبح مكشوفاً، ولأن صبرنا قد فهم ضعفاً، ولأن حوارنا قد فهم تراجعاً، ولأن تعب موظفينا وشقاء معلمينا ودماء جنودنا ذمة في رقاب كل السياسيين، ولأن رواتبنا مخجلة ومعيبة وهزيلة، ولأن الإصلاح الحقيقي هو الإصلاح السياسي الديمقراطي وليس التعدي على الطبقة الأفقر بزيادة دوامها، نعلن التزامنا غداً (اليوم) بالإضراب والاعتصام».