حبّه للفضاء الخارجي كان ولا يزال الدافع الرئيسي وراء معظم قرارته ومشاريعه، والتي كان آخرها The Cosmic Dome المستمر في بيروت ومناطق لبنانية أخرى.لم يستطع الشاب اللبناني محمد عبّاس (1987 ــ الصورة) دراسة علم الفضاء في لبنان نظراً لعدم وجود هذا الاختصاص، لذلك اختار نيل إجازة في الفيزياء من «الجامعة الأميركية في بيروت»، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة حيث حصل على ماجستير في علم الفضاء، ثم على دكتوراه في المجال نفسه من ألمانيا.

خلال هذه الفترة، لاحظ ابن بلدة كوثرية السيّاد (جنوب لبنان) اهتمام الناس بالفضاء وكواكبه ونجومه ومجرّاته وظواهره الغريبة. فراح يقدّم تفسيرات لبعض السائلين على صعيد شخصي، ليؤسس بعدها صفحة على فايسبوك، يقدّم من خلالها صوراً ومعلومات حول أمور مختلفة تتعلّق بهذا العالم الواسع.
اليوم، قرّر عبّاس ترجمة حبّه واختصاصه بطريقة أخرى، وأكثر احترافية. أما الوسيلة، فهي عروض مميّزة يحتضنها مسرح «بابل»، ويخصّص كلاً منها لتفسير جانب من الفضاء، وذلك من خلال planetarium (نموذج يمثّل النظام الشمسي والمجرّات والنجوم). هذا الأخير هو جهاز على شكل دائرة يوضع في غرفة مناسبة له، ويمكّن الأشخاص الموجودين في داخلها من رؤية المواد المعروضة عبر تقنية الانعكاس (projection) بـ360 درجة. مواد تتنوّع بين الصوت والصورة والفيديو. يذكر أنّ الـ planetarium قابل للنفخ، حجمه الأساسي يشبه الفان، ويحتاج ساعة إلى التركيب، وأخرى للفك.
هنا، يوضح الشاب اللبناني في اتصال مع «الأخبار» أنّ الـ planetarium كان يُستخدم قبل أكثر من خمسين عالماً لتدريب روّاد الفضاء، أما اليوم ومع تطوّر التقنيات أصبح يستثمر في مجال التعليم والترفيه. العروض التي أتى بها محمد إلى أبناء بلده، يمكن أن تقدّم باللغات الثلاث الأكثر انتشاراً بين اللبنانيين: العربية، والفرنسية، والإنكليزية. علماً بأنّ اختيار اللغة يتوقّف على الحاضرين وعلى المكان الذي سيتم فيه العرض، خصوصاً أنّ عبّاس يأخذ عروضه أحياناً إلى خارج «مسرح بابل»، متنقلاً بين جامعات ومدارس في مناطق لبنانية مختلفة.
غداً وبعد غد، نحن على موعد مع عرضين جديدين في المسرح المذكور سيأخذاننا في رحلة إلى الكواكب والنجوم، تحت عنوان عريض هوThe Sun and the Planets: Planetarium Show، فيما تتوافر حصّة للكبار والصغار على حدّ سواء.
في هذا السياق، يلفت عبّاس إلى أنّ هناك عروضاً أيضاً حول الثقب الأسود والمجرّات، وغيرهما من المواضيع المثيرة للاهتمام بالنسبة للأشخاص العاديين.
يشدد محمد عبّاس على أنّه لم يحصل على أي دعم مادي من أي جهة لتنفيذ مشروعه، بل موّله بجهده الشخصي وينظّمه بمساعدة أفراد عائلته، وتحديداً شقيقته الصغرى «آية». صحيح أنّ هذا النوع من العمل هو الشغف الأساسي للشاب العشريني، إلا أنّ حلمه يكمن في تأسيس متحف خاص بالفضاء في لبنان، آملاً أن يكون تابعاً للدولة كما في الدول المتقدّمة.
ولعلّ المعرض الصغير الذي يقيمه خارج غرفة العروض، يصب في هذه الخانة. المعرض يحوي عشرة أحجار أتى بها من ألمانيا، يقدّر عمرها بـ4.5 مليار سنة، وهي ناتجة من اصطدام بعض النيازك بالأرض.
في رأس محمّد عبّاس مشاريع كثيرة، بينها مخيّمات صيفية للأطفال لتعريفهم على الفضاء، ونشاطات مراقبة نجوم، وهو مصرٌّ على إنجازها في بلده. فهل ينال مراده ويستمر في التدريس الجامعي هنا، أم أنّه يعود أدراجه إلى الخارج؟

* غداً ابتداءً من الرابعة بعد الظهر، وبعد غد ابتداءً من الخامسة بعد الظهر ــ «مسرح بابل» (الحمرا ــ بيروت). للاستعلام: 70/014614