«إمّا أن يوافق مجلس الوزراء على دفتر الشروط المقترح لتلزيم إدارة وتشغيل شبكتي الخلوي، وإمّا سيعلن وزير الاتصالات تسّلم إدارة الشبكتين من قبل الوزارة وعدم تمديد عقدي الشركتين الحاليتين تاتش وألفا». هذا هو الموقف الذي أشاعه وزير الاتصالات بطرس حرب عشية اجتماع اللجنة الوزارية المصغرة المكلفة متابعة ملف عقود الخلوي اليوم.
وبحسب مصادر وزارية متابعة للقضية، يحاول الوزير حرب أن يفرض شروطه، سواء في تهديده بتسلّم الوزارة إدارة الشبكتين مباشرة، أو في إصراره على دفتر شروط جديد لتلزيم هذه الإدارة الى شركتين بعد نهاية عقدي الشركتين الحاليتين وتمديدها مرّات عدّة.
في الواقع، تنتهي آخر هذا الشهر مدّة تمديد العقدين القائمين، إلا أن مجلس الوزراء لم يوافق حتى الآن على دفتر الشروط الجديد المقترح من الوزير حرب، ولم يتقدّم الوزير حرب بطلب الموافقة على تمديد إضافي للعقدين القائمين. تقول المصادر الوزارية إن وزير الاتصالات تمسّك باقتراحه وذهب الى طرح أن تناط مسؤولية إدارة الشبكتين بالوزارة، التي ستقوم بدورها بتكليف «أوجيرو» بإدارتهما، بحجّة النقص في الموارد البشرية الذي تعانيه الوزارة (نسبة الشغور في الوزارة وصلت إلى أكثر من 70%). توضح هذه المصادر أن الهدف الأساسي لحرب يتصل بتهيئة الظروف لطرح خصخصة الهاتف الخلوي وإنشاء شركة «ليبان تليكوم» التي تمتلك حق إصدار رخصة خلوية ثالثة الى جانب الشبكة الثابتة والمنافذ والوصلات مع الخارج. وتشير المصادر نفسها الى أن هناك عقلاً جهنمياً يدير هذه الأزمة، إذ يوحي سلوك الوزير حرب كما لو أنه يوافق على تجميع كل نشاطات الاتصالات لدى هيئة «أوجيرو» للتحكّم كلياً بالقطاع ودفعه الى المزيد من الاهتراء، ومن ثم التذرّع بضرورة تطبيق قانون تنظيم الاتصالات الصادر عام 2002، والذي نص في أحكامه على إنشاء شركة «ليبان تليكوم»، لتحل محل الوزارة و»أوجيرو»، وبيع نسبة 40% منها الى «شريك استراتيجي».
وتربط المصادر الوزارية بين دفتر الشروط وإصرار الوزير حرب على عدم تمديد العقدين الحاليين، إذ يصر على وضع شروط «على قياس بعض الشركات»، ما يؤدي الى حصر الشركات المشاركة في عملية المناقصة الموعودة. مثلاً، يصر حرب على أن تكون الشركة المتقدمة للمناقصة تمتلك خبرة تشغيل 15 مليون خط، فيما اقترح وزير التنمية الإدارية محمد فنيش أن يخفض الرقم إلى عشرة ملايين خط كي لا تحصر المناقصة بعدد قليل من الشركات. وقد سبق أن صرّح فنيش لـ«الأخبار» بالقول إن «العقلية التي يُطرح فيها دفتر الشروط تظهر أن الفريق السياسي للوزير حرب يتصرف على قاعدة أن المناقصة هي تمهيد لخصخصة القطاع، وأن الشركات التي ستتولى إدارة القطاع بعد المناقصة ستكون الأوفر حظاً في امتلاك القطاع في حال اتخاذ قرار بالخصخصة».
وتربط المصادر الوزارية بين مسألتي الإدارة المباشرة من قبل الوزارة وخصخصة القطاع لاحقاً، مستندةً الى تجربة «أوجيرو»، التي ستتعمم على «تاتش» و«ألفا» في حال استطاع الوزير المضي في مخططه، «وهذا ما سيؤدي حكماً الى تراجع هذا القطاع وتدني خدماته المتدنية أساساً، مقارنة بالتكاليف المرتفعة التي يدفعها المواطن لقاءها». خطوة كهذه تخفض كثيراً من عامل استثمار الشركتين، ما يجعل خصخصتهما شبه مجانية بالنسبة الى الشركات التي ستتقدم بالعروض.
وزير التنمية الإدارية محمد فنيش، عضو اللجنة الوزارية المصغرة (التي يرأسها رئيس الحكومة تمام سلام، وتضم كلاً من: وزير الخارجية جبران باسيل، وزير التنمية الإدارية محمد فنيش ووزير الاتصالات بطرس حرب)، كرر موقفه السابق لـ«الأخبار»، معتبراً أن إدارة وزارة الاتصالات لشركتي الخلوي بشكل مباشر، دون العودة الى مجلس الوزراء، مخالفة للقانون، إذ إن إبرام عقدي التشغيل مع هاتين الشركتين جاء بقرار من مجلس الوزراء «وليس بقرار فردي من وزير»، داعياً حرب الى طرح ما يريده على طاولة مجلس الوزراء ليتخذ القرار المناسب هناك، «لا أن تتم مخالفة القانون»، مشيراً في الوقت عينه الى أن النقاشات داخل اللجنة المصغرة لم تنته بعد.