تأخّر الرد البريطاني على طلب لبنان تعيين رئيس فرع استخبارات الجيش في الشمال العميد عامر الحسن ملحقاً عسكرياً في السفارة اللبنانية في لندن. لم يأت الجواب بعد، سواء بالقبول أو بالرفض. ورغم التأخّر المحتمل أحياناً في ملفات مماثلة، إلا أنّ مصادر أمنية تعزو هذا التأخر إلى ملاحظات لدى البريطانيين حول أداء الحسن في منطقة الشمال، ولا سيما لجهة علاقاته الجيدة مع الاستخبارات السورية والمجموعات «الجهادية،» على حدٍّ سواء.
«كفاح الحسن في معركة رئاسة قائد الجيش من بوّابة الشمال» لم يحل دون قرار «استبعاده» الى لندن بعدما كان طامحاً بقيادة المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أو فرع المعلومات. الضابط الذي أجاد اللعبة الأمنية بشقيها القذر والنظيف، يقف تيار المستقبل في وجه طموحاته. وبحسب المعلومات، فإن اقتراح نقل الحسن الى العاصمة البريطانية يأتي تنفيذاً لوعد قطعه قائد الجيش جان قهوجي للرئيس سعد الحريري. وهو جاء عقب التشكيلات الأخيرة التي قضت بنقل العميد عبد الكريم هاشم، المحسوب على تيار المستقبل، من قيادة اللواء الثامن وتعيين العميد محمد الحسن بديلاً منه، من دون علم تيار المستقبل أو موافقته، علماً بأن معظم نواب التيار في الشمال يعادونه لـ«دوره المشبوه».
خفت وهج ابن بلدة بتوراتيج بعد توقف اشتباكات بعل محسن ــ باب التبّانة والتفجيرات الأمنية التي تلتها. وتراجع دوره كثيراً مع غياب الخلايا الإرهابية وقادة المحاور والمطلوبين الخطرين الذين كان يتوسّط لإطلاقهم أو يتركهم أحراراً لمصلحة، لعلّ بينها مصلحة الوطن أو الجيش. فيما صعد دور ضباط فرع المعلومات الذين اصطادوا من عقر دار الحسن في طرابلس الشيخ خالد حبلص وأسامة منصور، بعدما كانا، مع آخرين غيرهم، يسرحون ويمرحون متى وأين وكيفما شاؤوا. وكان الحسن، حتى الأمس القريب، المايسترو الذي يتحكم بإيقاع اللعبة الأمنية في الشمال: كان في إمكانه توقيف أي مطلوب، مهما بلغت خطورته، في أي لحظة. والضغط على آخر، خرج عن قواعد اللعبة، لإبعاده أو توقيفه، كما حصل مع زياد علّوكي، يوم دوهم منزله وضُبط فيه مخزنٌ للسلاح. وكان يعلم بجولات القتال، أحياناً، قبل وقوعها.
لم يكن الحسن يستمع إلى أحد من قيادات الصف الثاني من سياسيين أو غيرهم. حصر علاقته بقائد الجيش والرئيسين الحريري ونجيب ميقاتي والنائب سليمان فرنجية. حافظ على علاقة طيبة مع حزب الله والاستخبارات السورية، وكذلك مع أجهزة الاستخبارات الأجنبية من دانماركية وأوسترالية وغيرها. أما داخل المدينة، فكان اسمه كفيلاً ببث الرعب بين المطلوبين والمواطنين على حدٍّ سواء. أتقن اللعبة الأمنية شمالاً حتى صار أحد أبرز رموزها. وحمل في يده، بكل معنى الكلمة، مفتاح الأمن في طرابلس.