كقطع الدومينو، يتهاوى بث القنوات المحلية منذ بداية الشهر الجاري بعد الإنذار الذي وجّهه وكيل القنوات المحلية الثماني وسيم المنصوري إلى «تجمّع أصحاب الكابل في لبنان». إنذار يلفت إلى ضرورة تسوية أوضاعها القانونية قبل الأوّل من حزيران (يونيو) المقبل، إضافة إلى ضرورة تضمين اشتراكاتها مبلغاً يصل إلى 4 دولارات أميركية، وهي ثمن البث وإعادة البث عن كل مشترك. وبحسب البيان، يدخل هذا الأمر ضمن قانون حماية الملكية الفكرية والتعميم الذي أصدره وزير الاقتصاد آلان حكيم الشهر الماضي في هذا الشأن.
من جهته، اعتبر التجمّع عبر بيان أنّ هذا الإنذار هو بمثابة «هجوم منظّم» موجّه نحوه، مستخدماً «شمّاعة» المواطن، مبرّراً قطع البث بأنّ التجمع لا يريد «تكبيد» المستهلك بدلات مالية إضافية «حرصاً منه» على مصلحته. بعدها، بدأت عملية القطع لتطاول تدريجياً lbci و«الجديد»، وغداً ربما آخرين. إذا أردنا تصوير الوضع الحالي كاريكاتورياً، يتظّهر لنا ما يلي: الطرفان يمسكان بحبل وكل طرف منهما يشدّ من جهته، والربح لمن يصمد حتى النهاية، فيما المواطن عالق في الوسط. في الحديث مع المعنيين بهذا الملف، يبدو أنّ الأمر يتجه إلى التصعيد، مع الوصول إلى أفق مسدود وتمسّك كل طرف منهما بموقفه الحاد.
وكيل القنوات الثماني وسيم المنصوري يتمسّك بالقانون في هذا الملف، ويتكئ إلى تعميم وزارة الاقتصاد وقانون حماية الملكية الفكرية في حقوق البث وإعادة البث. يفتح المنصوري في حديث مع «الأخبار» ملف هذا القطاع الإعلامي و«التنظيم الاستنسابي» لتجمّع أصحاب الكابل في لبنان. ويضع المسؤولية كاملة على عاتق الدولة والوزارات المعنية (الإعلام، والاتصالات، والاقتصاد)، داعياً إيّاها إلى التحرّك والمحاسبة: «ما حصل اليوم يعكس عدم سلطة الدولة على قطاع حيوي كالإعلام». ويكشف أنّ هناك العديد من هذه الشركات التي لا تدفع الضرائب المتوجّبة عليها للدولة. ويتحدث المنصوري هنا، عن جزء كبير من هؤلاء الذين أبدوا استعدادهم لتسوية أوضاعهم القانونية عبر الدعوة التي وجهها لهم بالتوجّه إلى مكتبه لتوقيع الأوراق القانونية التي تسمح لهم بإعادة البث.
ويأمل المحامي اللبناني بأن يُسهم هذا الملف اليوم في فتح باب «لإعادة تنظيم» هذا القطاع، مستهجناً في الوقت عينه ما تقوم به شركات الكابل من استبدال إشارة القناة المحلية المقطوع بثها ببيان إعلاني، وهو ما يعتبر «مخالفة صريحة للقانون».
في ظل تسلّح المنصوري بالقانون وبضرورة المحاسبة، تظهر صورة أخرى مناقضة. ممثل «تجمّع الكابل في لبنان»، محمد خالد، يتحدث بثقة عالية يناقض فيها رواية القنوات المحلية. يؤكد خالد لـ«الأخبار» أنّ عدد أصحاب الكابلات اليوم يزيد على 1300 على كامل الأراضي اللبنانية، وأنّه لدى هؤلاء «أكثر من 700 محام للدفاع في هذه القضية». ينطلق خالد هنا من التوكيل الخطّي الذي وقّعته هذه القنوات منذ أكثر من 20 عاماً مع التجمّع، الذي يجيز للأخير البث وإعادة البث. ولا يرى في هذا الملف أي مخالفة قانونية، بل يمنّن هذه القنوات بأنّ التجمّع بث لها طيلة هذه السنوات «مجاناً» وتكبّد مصاريف إضافية، بل يذهب أكثر من ذلك حين يقول إنّ هذه القنوات أفادت من خلال هذه العملية من سوق الإعلانات ودرّت لجيوبها الأموال. وفي معركة الأخذ والردّ، يكشف أنّ بعض القنوات المحلية (ليست قليلة) تجري مفاوضات مع التجمّع، محاولةً إيجاد تسوية والمحافظة على إشارة بثها. وفي الوقت الذي يتمسّك فيه برفض تسمية أيّ منها، يستشهد خالد بما حصل مع lbci، إذ كانت أوّل قناة يُقطع بثّها على هذه الشبكة، لافتاً إلى أنّها لم تتضرّر مما حصل بما أنّها تملك بدل القناة ثلاثاً تستطيع أن توفّر لها بث صورتها. لكن ما المطلوب اليوم لتنظيم هذا الملف مجدداً؟ يقترح خالد توقيع القنوات الثماني عقوداً «طويلة المدى» (أكثر من 15 سنة) مع أصحاب الكابل مقابل إعاد البث. وإلى حين تحقيق هذا الأمر الذي يبدو مستعصياً، يلوّح خالد بسلاح الصورة ويكشف مجدداً من دون أن يعطي تفاصيل عن نيّة التجمّع «إخبار المواطنين بكيفية استحصالهم على خدمات الأخبار السياسية»، لتكون بديلاً مما تقدّمه هذه القنوات. وبالطبع سيكون هذا الأمر محط جدل قانونياً حول هذا الاستخدام لهذه الشبكة. في اتصال معنا، يبدو رئيس مجلس إدارة قناة nbn قاسم سويد مرتاحاً، إذ قال إنّ «لا مشكلة» لديهم كقنوات بالقطع الذي حدث: «نحن مكمّلين»، مؤكداً أنّ هناك العديد من المواطنين الذي أتوا لتوقيع الأوراق القانونية، والاستحصال على الصورة من خلال خدمات شركتي Cablevision وEconet كبديل من «تجمّع أصحاب الكابل». ويلمّح سويد إلى إمكانية عقد المنصوري مؤتمراً صحافياً يوضح فيه للرأي العام ما يحصل وما يتوجب عليه فعله للاستحصال من جديد على بث هذه القنوات.