شهد العالم خلال الأشهر الماضية انخفاضات كبيرة في الأسعار، إذ تراجع سعر النفط وسعر صرف اليورو، وانخفضت الأسعار العالمية للحبوب والسكر وفق مؤشر الـ«فاو». إلا أن لبنان، على ما يبدو، لا يتأثر سوى بزيادة الأسعار، فيما الانخفاضات لا تعني التجار والمهيمنين الأساسيين على السوق «الحرّة». مؤشر جمعية المستهلك للفصل الأول من عام 2015 أظهر ارتفاع الاسعار بنسبة 2.45% مع احتساب انخفاض سعر المحروقات، وبنسبة 5.88% من دون احتساب أسعار المحروقات.
ويشير المؤشّر إلى أن سعر الخضر ارتفع بنسبة 33.97%، فيما ارتفعت أسعار الفاكهة بنسبة 6.32% والألبان والأجبان 2.83%. وفي المقابل شهدت بعض السلع انخفاضات طفيفة، مثل اللحوم التي انخفض سعرها بنسبة 1.52%، والزيوت والحبوب والمعلبات بنسبة 0.44%، والاتصالات 0.03%. وحدها المحروقات سجّلت انخفاضاً بنسبة 21.50%.
تلفت مسؤولة قسم مراقبة وسلامة الغذاء في جمعية المستهلك ندى نعمة، إلى أن الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الحالية شهدت ارتفاعاً كبيراً وغير مبرر في أسعار السلع الأساسية وليس الكماليات. هذه السلع لا يمكن للناس التوقف عن شرائها مهما ارتفعت أسعارها. وتقول إن «سعر كيلو الخيار، على سبيل المثال، وصل في الفصل الاول إلى 3500 ليرة، بينما شهد شهر نيسان انخفاضاً طفيفاً في سعر الخضر، لكن من المتوقع أن تعود الاسعار الى الارتفاع بشكل كبير قبيل شهر رمضان». هذا الأمر يشكل دليلاً وفق نعمة على «فوضى الأسعار التي لا تتأثر بالانخفاضات العالمية رغم أن 85% من البضائع مستوردة من الخارج».
وترى نعمة أن السياسة الاقتصادية التي اتبعتها الدولة «أوهمت الناس ووعدتهم بخفض الأسعار من خلال قانون المنافسة، لكن الاحتكارات بقيت، وأحكم المسيطرون على السوق قبضتهم على المستهلك فلم نشهد مذاك أي انفراجات في الأسعار». وتضيف أن «الدولة لا يمكنها أن تحدد هوامش للأسعار بحجة الاقتصاد الحر، وعلى ما يبدو التجار أقوى من الدولة».

سعر الخضار ارتفع بنسبة 33.97% فيما ارتفعت أسعار الفاكهة بنسبة 6.32%
تقدّم نعمة موضوع الإطفائيات كنموذج حديث لارتفاع الأسعار، إذ شهدت اسعار هذه السلعة ارتفاعاً مفاجئاً عندما بدأ تطبيق قانون السير الجديد، وهذا دليل أنه حين تسنح الفرصة للتجار بسرقة الناس لن يترددوا.
وبحسب بيان جمعية المستهلك، فإن السبب الأساسي لارتفاع أسعار السلع الغذائية «يعود إلى حال الفلتان في اقتصاد السوق، والاحتكارات التي تحميها الطبقة السياسية لازدواجية الصلاحيات في ما بينها. فوضى الأسعار هي مسؤولية الدولة من خلال تطبيق هوامش الأسعار التي تحدّد الربح المسموح»، إلا أن هذا القرار غير مطبق رغم أنه يحمي المستهلك من الارتفاعات غير المنطقية.
ترى الجمعية أنه يجب تكريس عقد اجتماع اقتصادي طارئ لمناقشة المفاهيم الاقتصادية الحالية، ووضع أسس لاقتصاد جديد يوازن بين القطاعات الاقتصادية كافة بدلاً من هيمنة بعضها على مجموع القطاعات الأخرى مع التركيز على دعم القطاعات الحساسة ذات الصلة بالاستقرار الاجتماعي وبتأمين فرص العمل. كما تدعو إلى الغاء جميع اشكال الاحتكار المعلن والمبطّن الذي يؤمن مصلحة فئة ظلامية تعتقد بشقاء المجتمع من أجل تأمين مصالحها. كذلك تجب مراجعة أشكال الدعم والحماية كافة التي ينتفع منها السياسيون وإصدار قانون المنافسة والاغراق وسلامة الغذاء. وأخيراً طالبت الجمعية بزيادة الأجور عبر إقرار السلسلة لإعادة التوازن الى القدرة الشرائية للناس على أساس مؤشر الغلاء الحقيقي.