في شريط فيديو يظهر عملية اعتقاله الأخيرة (2 أبريل/ نيسان 2015)، أعلن الحقوقي البحريني نبيل رجب للعالم أنّ «القضية الجديدة متعلقة بتغريداته على تويتر».اعتقل رجب للمرّة الثالثة في عمر الثورة على نظام آل خليفة، بتهمة نشر تغريدة وصف فيها السلطات البحرينية بالحاضنة لفكر تنظيم «الدولة الإسلامية» الإرهابي. غرّد رجب يومها قائلاً: «غالبية شباب البحرين الذين التحقوا بمنظمات إرهابية مثل «داعش» جاؤوا من المؤسسات الأمنية والعسكرية».
رجب المهتم بتوثيق وتسجيل انتهاكات النظام عبر «مركز البحرين لحقوق الإنسان» الذي يرأسه، وثّق لحظة اعتقاله في تسجيل كشف تطويق عشرات رجال الأمن لمنزله بسبب التغريدة السابقة (1 أكتوبر/ تشرين الأوّل 2014)، ساخراً من المشهد الذي لم يكن «للقبض على مجرم وإنما للقبض على شخص يعبر عن رأيه» على حد تعبيره. استند نبيل في تغريداته إلى فيديو توثيقي، يظهر أربعة عسكريين بحرينيين انضموا إلى «داعش». وجّه الأربعة في التسجيل الذي بُثّ عبر يوتيوب» دعوة إلى زملائهم في السلك العسكري البحريني بسرعة للانضمام إلى التنظيم المتشدّد. أشهر هؤلاء محمد عيسى البنعلي، المعروف بأبو عيسى السلمي، وهو ملازم سابق في الداخلية البحرينية.

ظهر الأربعة في التسجيل المصوّر واصفين الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، ورئيس الوزراء خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، وولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة، والحكومة البحرينية بـ«الطواغيت الكفرة لتحالفهم مع أميركا، ولسماحهم للرّوافض الشّيعة بالتسلّط عليهم في الوظائف، وتركهم يعيشون بسلام في حسينياتهم، حيث يهينون الإسلام والشّخصيات الإسلامية».
حملة «داعشيّي» البحرين على النظام الذين عمل العديدون منهم في مؤسساته العسكرية، لم تبرّئ السلطات من تبني فكر التنظيم الإررهابي، إذ سرّب «مركز البحرين لحقوق الإنسان» مجموعة من الكتب الصادرة عن مديرية الإرشاد الديني في «قوّة دفاع البحرين» (تضم خمسة أذرع عسكرية) كفّرت مختلف الطوائف الأخرى.
ومن بين هذه الكتب اثنان للمؤلف سعيد القحطاني (يستخدمان لتلقين العسكر عقائدياً)، هما «نور السنّة وظلمات البدعة في الكتاب والسنّة»، و«نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنّة».
«بثّ أخبار كاذبة في زمن الحرب» تهمة جديدة ستلاحق مدوّني البحرين، وخصوصاً بعد مشاركة المملكة في التحالف ضد «داعش» في العراق وسوريا، ولحاقها بالجارة السعودية في «عاصفة الحزم» ضمن حلف من عشر دول ضد الأراضي اليمنية. وطالب نبيل رجب عبر تويتر بوقف الحرب على أفقر بلد في منطقة الخليج، وبأن يعمّ السلام اليمن السعيد.
الحرب على رجب جاءت ضمن سياق حملة مكارثية ضد كل من يرفض «عاصفة الحزم»، هو الذي يواجه تهماً جديدة رفعتها ضدّه وزارة الدفاع البحرينية، وتبقيه خلف القضبان لعشر سنوات مقبلة. أما السبب، فـ«بث أخبار كاذبة من شأنها إلحاق الضرر بالعمليات الحربية للقوات المسلحة البحرينية في اليمن». في 14 أيّار (مايو) الحالي، قرّرت محكمة الاستئناف تأييد الحُكم الصادر ضد رجب بالسجن ستة أشهر على خلفية «إهانته هيئتين نظاميتين (وزارة الداخلية ووزارة الدفاع) عبر حسابه على شبكة التواصل الاجتماعي». مع العلم أنّ الحكم ليس نهائياً.اعتقال الناشط الحقوقي البارز لحقته حملات اعتقال لمواطنين آخرين بسبب «استغلال أوضاع اليمن ونشر مواد تسيء إلى السلم الأهليّ والوحدة الوطنيّة وتعرّض أمن وسلامة المجتمع للخطر»، وفق بيان وزارة الداخلية، ولا سيّما أنّ الوزارة المذكورة ترأست غرفة عمليات خاصة، حملت اسم «إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية» لملاحقة المدوّنين «المشاغبين»، على شاكلة نبيل رجب.
الحكم الأخير هو الثالث بعد اعتقال الحقوقي البحريني لمدّة ثلاثة أسابيع (5 مايو/أيار 2012)، والثاني بتهمة تنظيم تظاهرات في المنامة وانتقاد رئيس الوزراء الذي يحكم البلاد بالحديد والنار منذ 40 عاماً، ومطالبته بالتنحي عبر تويتر (9 تموز/ يوليو 2012)، ليجري إصدار حكم تعسفي ضد رجب يقضي بسجنه ثلاث سنوات، خلص القاضي الخليفي إلى تخفيضه سنتين بحسب «منظمة العفو الدولية».
في يناير (كانون الثّاني) الماضي، وبحجة حربها على الإرهاب، أسقطت الحكومة البحرينية جنسية 72 مواطناً، من ضمنهم صحافيون ومدونون معارضون، أُدرجت أسماؤهم في قوائم ضمت منتسبين إلى «داعش». تشكيلة صورية فضحت خبث النظام الديكاتوري الذي وضع كل معارضيه والثائرين ضدّه في سلّة واحدة.