«داني كولينز» هو التجربة الإخراجية الأولى لدان فوغلمان الذي اشتهر بعمله سيناريست لأفلام التحريك «السيارات» (٢٠٠٦)، والكوميديا العاطفية «مجنون، غبي، حب» (٢٠١١). أحداث «داني كولينز» الذي يؤدي بطولته آل باتشينو مستوحاة من قصة مغني الفولكلور الأميركي ستيف تيلستون. في عام ٢٠٠٥، عثر تيلستون على رسالة كتبها له جون لينون عام ١٩٧١ إثر قراءته لمقابلة أجريت مع ستيف وعبّر فيها مغني «البيتلز» الأيقوني عن قلقه من أن الثراء والنجاح سيؤثران سلباً في نوعية الأغاني والموسيقى التي يؤلفها.
لكنّ الرسالة لم تصله في حينها، بل تأخرت 40 عاماً. ينطلق المخرج الأميركي من هذه الحادثة الطريفة والغريبة ليروي قصة نجم روك السبعينيات داني كولينز الذي لم يزل يعيش على أطلال أمجاده السابقة والأغاني التجارية التي شهرته إلى أن يقدم له مدير أعماله فرانك (كريستوفر بلامر) في عيد ميلاده رسالة جون لينون الضائعة. في هذه الرسالة، يخبره لينون بأنّه موهوب، ويجب أن يظلّ صادقاً في فنّه ووفياً له، وعدم السماح للشهرة والنجاح بإفساده. الهدية المفاجئة تأتي بمثابة صدمة لكولينز وتدفعه إلى التفكير في تغيير حياته ومحاولة استدراك كل ذلك الوقت الضائع الذي أمضاه مغيباً حتى عن نفسه بفعل المخدرات والكحول والنمط الاستهلاكي الذي انساق إليه. يقرر أن يهجر خطيبته الشابة التي تخونه مع الجميع، وينتقل إلى أحد فنادق نيوجيرسي ليعزل نفسه ويحاول العودة إلى كتابة الأغاني والبحث عن ابنه الشاب الذي لم يره منذ ولادته. كما هو واضح، فالحبكة الروائية تقليدية إلى حد ما، لا تخلو من الكليشيهات في تصويرها لتحول كولينز المفاجئ، كذلك بناء الشخصيات الذي لا يخلو من التبسيط والمثالية الحالمة. كذلك هناك نزعة ملودرامية تتجسد بخاصة في مشاهد النهاية حين يكتشف آل باتشينو أنّ ابنه الذي تعرف إليه بعد كل هذه السنوات مصاب باللوكيميا. رغم أنّ نقطة انطلاق الشريط ــ أي رسالة لينون التائهة في الزمن ــ مثيرة للاهتمام أكثر من محتواها الذي يرتكز عليه المخرج في تطوير حبكته الروائية، إلا أنّها ليست فعلياً بذلك العمق الذي يحتمل تحويلها إلى مسألة وجودية. لكن من الناحية الأخرى، فإنّ المخرج كأنما يجسّد كل هذه الكليشيهات وينقضها في الوقت عينه. يفعل ذلك عبر الحوارات الطريفة والساخرة التي يمتاز بها الشريط، حتى أنّ بعض المقاطع كأنما تسخر من الفيلم نفسه. نرى ذلك مثلاً حين يكتشف داني كولينز أنّ ابنه مصاب بسرطان الدم، فيصدم ويقول له إنّه لا بد من أن يسخر منه، فليس متوقعاً أن تجري هذه الأمور وفق الفيلم العائلي السعيد الذي يعيشه في رأسه. أيضاً في اللقطة الأخيرة الساخرة، يكون كولينز مع ابنه في المستشفى في انتظار نتائج الفحوص، ويحاول طمأنته إلى أنها ستكون جيدة، ثم يسأله: «هل خذلتك يوماً؟» (هو الذي هجره منذ ولادته) ثم يضحك الاثنان. أما إيقاع الشريط، فهو انسيابي يشبه مقتطعات الحياة اليومية التي يصورها باعتياديتها ورتابتها كما أحاديث كولينز العابرة مع العاملين في الفندق المقيم فيه، فلا تصل الأحداث إلى ذروة فعلية، وهذه إلى حد ما نقطة قوة الشريط وهشاشته في آن واحد. طبعاً، حضور آل باتشينو بأدائه المخضرم الذي يلعب فيه بحرفية على المسافة بين الجدي والساخر يسهم في إغناء الحوارات، بالإضافة إلى التفاعل الحيوي والطريف بينه وبين الممثل كريستوفر بلامر.


* «داني كولينز»: صالات «غراند سينما» (01/209109)، «أمبير» (1269)، «سينما سيتي» (01/995195، «فوكس» (01/285582)