في الزمن الداعشي، والفظائع التي التي ترتكبها الجماعات الإرهابية ويندى لها الجبين، كان المحلّل الإعلامي أو الصحافي يجتهد لقراءة ما بين السطور انحياز «الجزيرة» لهذه الجماعات والتحدث بإسمها. ليس لقصور كل منهما، بل لتمرير القناة القطرية لهذا الأمر بسلاسة ولعبها بدهاء فيه. اليوم بات الأمر واضحاً، وبهذه العلنية من دون الحاجة الى التورية.
في هذا الأسبوع وصلت القناة القطرية الى ذروة الوقاحة في إعلانها الواضح لهذه الإستماتة في دعم القتلة وقاطعي الرؤوس. وضع برنامج «الإتجاه المعاكس» الذي تبث حلقته اليوم استفتاء على صفحاته على شبكات التواصل الإجتماعية: «هل تؤيد انتصارات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا؟». لننظر هنا الى المصطلح المستخدم «انتصارات» ولنلق نظرة على نتائج التصويت المخيفة التي أتت بشكل كاسح مؤيدةً لهذا الإستمزاج. وضمن هذه الحلقة، سيسأل فيصل القاسم ضمن ما روّج له على صفحته الفايسبوكية: «ألم يصبح شعار تنظيم الدولة الإسلامية (باقية وتتمدد) حقيقة على ضوء الانتصارات الكبيرة التي يحققها التنظيم في العراق وسوريا؟». إذاً، سياق الحلقة معروف سلفاً ويبدو أن القاسم يتبارى بينه وبين نفسه على تقديم المزيد من الفظاعات، ولعلّ أبرزها التحريض المباشر على إبادة العلويين في سوريا (الأخبار 8-5-2015) واليوم يقدم السفاحين والقتلة على أنهم جماعات تخوض الحروب و«تنتصر». حلقة اليوم من «الإتجاه المعاكس» ستنضم اليها غداً حلقة «بلا حدود» الذي يقدمه الإعلامي الإخونجي أحمد منصور وفيها يهلل لإستضافته وبشكل حصري لـ «أمير جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني. وفي الشريط الترويجي، يتحدث المعلّق عن «انتصارات جيش الفتح» وإستراتجيته تجاه أميركا والعرب والرئيس السوري بشار الأسد. وبعدها يعدّد الطوائف الموجودة في سوريا من دروز وعلويين ومسيحيين ليسأل عن إستراتيجية «جيش الفتح» تجاههم أيضاً.
إذاً أسبوع حافل للجماعات الإرهابية على القناة القطرية في زمن القتل والسبي وقطع الرؤوس والإعدامات الميدانية، في زمن غرق البلاد العربية بدماء أبنائها، تصعد «الجزيرة» لتصفق للقتلة ولتتحدث عن «إنتصاراتهم»!.