تحلى رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، جبريل الرجوب، خلال مؤتمر «الفيفا» العام الذي عقد في المدينة السويسرية زيورخ الأسبوع الماضي، بروح رياضية عالية تجاه نظيره الإسرائيلي عوفر عيني، فأسقط الطلب الفلسطيني القاضي بتجميد عضوية إسرائيل في الفيفا.
بالطبع لم يتمتع الرجوب بهذه الروح تجاه أبناء شعبه عندما كان رئيساً للأمن الوقائي في تسعينيات القرن الماضي. فالرجوب كان المسؤول الأول عن اعتقال وقتل بعض أفراد «خلية صوريف» أخطر خلايا كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس)، التي أوجعت العدو بعملياتها في الضفة المحتلة، كما لا يمكن لسجناء «الوقائي» الذين كان يشرف الرجوب شخصياً على تعذيبهم التحدث عن روحه الرياضية، فما جرى مع الشهيد القسامي محيي الدين شريف (الذي قطعت رجله أثناء التحقيق) لا يزال ماثلاً أمامهم.

صورة عن الجواز الإسرائيلي لرامي جبريل الرجوب الذي هددت إسرائيل بسحبه منه | للاطلاع على الصورة المكبرة أنقر هنا

هكذا، وبينما كان عشرات الأجانب يعتصمون خارج مقر «الفيفا» تضامناً مع طلب الفلسطينيين، وفي الوقت الذي اقتحم فيه عدد منهم مقر المنظمة رافعين العلم الفلسطيني تأكيداً على تأييدهم للمطلب الفلسطيني، وبينما كانت الشرطة السويسرية تعتقل هؤلاء وتضعهم في السجون، كان الرجوب يحضن عوفر عيني معلناً بذلك سحب الطلب المقدم ضد الاحتلال.
الرجوب، المنظّر المتحفز للسلام مع العدو والمسؤول عن اعتقال قادة «القسام» خلال الانتفاضة الثانية، رأى أن المطلب الفلسطيني، الذي سوّق له بنفسه في الأشهر الماضية «يتعارض مع عمل الفيفا، ما يعني أننا سنصطدم بمجموعة من الدول التي تساند إسرائيل، وتجميد الطلب جاء لتفادي الاصطدام بتلك الدول».
برر الرجل أيضا سحب الطلب بالقول أنه «أُلفت لجنة دولية للتحقيق في تجاوزات إسرائيل تلك»، لكن مصادر معارضة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تؤكد أن «إسرائيل هددت رجال السلطة بسحب تصاريح الـVIP (تصاريح تنقل) منهم، إضافة الى إلغاء الجوازات السفر الإسرائيلية التي يملكها بعض رجال وأبناء السلطة الفلسطينية». وتضيف المصادر أن بعض الدول الخليجية «وعدت الرجوب بتحويل أموال إلى السلطة إذا أسقطت الدعوى »، وبينت أن «الرجوب استغل الحملة ضد إسرائيل لتعويم نفسه، وخصوصاً أنه مرشح لخلافة عباس».

صورة عن بيان الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم | للاطلاع على الصورة المكبرة أنقر هنا

بالطبع، لم تقف «هرطقات الرجوب», عند إسقاط الدعوى ضد إسرائيل، فقد أعلن في بيان أصدره لاحقاً، تصويته لمنافس الأمير علي بن حسين على رئاسة «الفيفا » جوزيف بلاتر، مشيراً إلى أنه لا يمكن إرجاع «عدم نجاح سمو الأمير لصوتي وحده، لأن فارق الأصوات بين المتنافسين هو ستون صوتاً، لا صوت واحد».
أثار صدور البيان، وفق مصادر فلسطينية، «غضب الأردنيين الذين هددوا بسحب الرقم الوطني (الجنسية) من الرجوب ومنعه من الدخول إلى الضفة الغربية عبر أراضيها»، لذا تواصل مجلس إدارة الاتحاد الفلسطيني مع مكتب الرئيس محمود عباس، وجرى الاتفاق على نفي بيان الرجوب، واصدار بيان آخر باسم الاتحاد يؤكد الرجوب فيه أنه « صوت للأمير علي، لامتصاص غضب الأردن»، طبقا للمصادر المقربة من السلطة.
تضيف المصادر ذاتها أن «عباس (الذي احتفل أول من أمس بزفاف حفيده في قطر) اتصل بالرجوب ووبخه على البيان الذي وصفه بالمخزي، وقال له إن رد فعل الأردنيين قوي ولا حدود له». ورأى «أبو مازن» أنه «كان الأجدر بالرجوب عدم الإعلان عن تصويته لبلاتر، بل قال له حرفيا: ما حد ضربك على ايدك تقول لمين اعطيت صوتك».
كذلك علم أن عباس طلب من الرجوب أن ينفي شخصياً بيانه وعدم الاكتفاء ببيان الاتحاد، وهو ما فعله «اللواء»، الذي قال في حديث صحافي لاحق إنه «أعطى صوته للأمير علي... هناك من يحاول دقّ إسفين بيننا وبين الأردنيين».