«النقزانون» من لقاء الزعيمين المسيحيين ميشال عون وسمير جعجع كُثر، قد يكون أولهم حلفاء جعجع: مسيحيو 14 آذار. لم يخفِ أركان هذا الفريق «هواجسهم» من حوار التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية منذ اللحظة الأولى التي أُعلن فيها تكليف النائب ابراهيم كنعان ومسؤول جهاز الاعلام والتواصل في القوات ملحم رياشي مهمة وضع ورقة التفاهم بين عدويّ الحرب.
استخف الآذاريون بجهود الرجلين واعتبروها «تضييع وقت». برروا «ملاحظاتهم» بأن الظروف التي تمرّ بها المنطقة تستوجب أن يكون أي توافق «وطنياً» لا فئوياً. في مقرّ الأمانة العامة، في الأشرفية، وُضعت سيناريوهات كثيرة حول فشل الحوار. وفي بيت الكتائب في الصيفي لم يكن الوضع أفضل حالاً، برغم كل الكلمات «المنمقة» التي ضمنها هؤلاء في بياناتهم وتصريحات مسؤوليهم. يُدرك مسيحيو 14 آذار أن اتفاق القوات والتيار سيكون حتماً على حساب وجودهم السياسي «غير المتين» أساساً. يؤكد ذلك كلام جعجع، بعد الاجتماع مع عون، بأن «القوات والتيار قوتان كبيرتان إذا التقتا يمكن ان تُحدثا تأثيراً ايجابياً في أوضاع لبنان»، لكن هؤلاء آثروا المحافظة، علناً، على هدوئهم حتى بعد «اللقاء المفاجأة». أعلن «ثوار الأرز» بعد اجتماعهم الأسبوعي اطلاعهم على مضمون ورقة اعلان النوايا عبر ممثلي القوات «وتمنت الأمانة العامة التوفيق لأي حوار يؤدي الى تمتين الوحدة الداخلية والسيادة الوطنية وحصرية السلاح بيد الجيش اللبناني».
يؤكد عضو الأمانة العامة نوفل ضو أن القيادي في القوات اللبنانية ادي أبي اللمع «عرض علينا بنود ورقة النوايا وتمنينا لهما الخير. نحن أساساً مع الحوار، ولكن مُشكلتنا فقط في التنفيذ». بالنسبة الى ضو، الحوار لم يبدأ منذ أشهر، ولكن يوم الثلاثاء، «نريد أن نعطيهم فرصة لنرى ماذا بعد النوايا. لن ننزعج اذا توصلوا الى أدوات تنفيذية للبنود». أعضاء الأمانة العامة ليسوا ضد الحوار «ولا أحد يُمكنه أن يكون ضده أصلا». مصدر آخر في الأمانة يتمنى أن «يعود عون الى الموقع الذي تحاول القوات اعادته اليه».
في بيانهم الأسبوعي أمس، توقف الآذاريون أمام مقررات «لقاء سيدة الجبل التي تصبّ في صلب مبادىء 14 آذار»، وفي هذه المقررات رفض لأي حوار فئوي. يوضح ضو أنه «لا يُمكننا أن نرفض فكرة الحوار الذي هو أسلوب للحلّ وخاصة اذا كان يُساهم في تحقيق مفهوم 14 آذار بالنسبة للدولة».
المكون الآخر الذي يهوى التمايز عن حلفائه هو حزب الكتائب. لم يُعلن موقفه الرسمي بعد، ولكن مسؤوليه لا يُمانعون الحديث عن بعض الملاحظات.
يبدأ مستشار رئيس حزب الكتائب ساسين ساسين بالتأكيد أن الكتائب «هي مع كل حوار يحافظ على لبنان ويساهم في بسط سلطة الدولة والمؤسسات كائنا من كان المتحاورون». بيد أنّ النوايا كما صدرت من الرابية «هي نوايا لا يُمكننا أن نبني عليها كثيرا، فالعبرة في التطبيق». بنظرة أولية، تُعد هذه النوايا، وفي ظل التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، «صعبة التطبيق وخاصة في ما يتعلق بضبط السلاح وحفظ الحدود. هذه البنود تتعارض مع وثيقة مار مخايل». الأمل غير موجود، ولكن «ان شالله يتمكنان من تطبيقها».
عُقدت اللقاءات الثنائية في ظل غياب تامّ لحزب الكتائب وكلام صادر من الرابية يؤكد أن الكتائبيين هم الذين استثنوا أنفسهم حين نظموا اللقاءات التشاورية مع الرئيس السابق ميشال سليمان ورفضوا التجاوب مع الاتصالات. بالنسبة لساسين، فكرة تغييب الكتائب مرفوضة. أما بالنسبة لكلام جعجع عن أن التيار والقوات هما القوتان الكبيرتان «فهو رأي شخصي. لا أحد يُحدد قوة التمثيل سوى الرأي العام».
مصادر أخرى في المكتب السياسي الكتائبي لم تفاجأ باللقاء لأن «الاستعدادادت على قدم وساق منذ أشهر». المهم، بالنسبة إلى المصادر، ليس اللقاء بحد ذاته بل الوثيقة، «صحيح أنهم لم يبحثوا المسائل بعمق ولكن على الأقل وضعوا ورقة عمل. البنود التي طرحوها يوجد اجماع حولها». تختصر المصادر الحديث عن اعلان ورقة النوايا «فعليا نحن همنا في مكانٍ آخر».