في تشرين الأول 2011، وعد وزير الاتصالات (حينها) نقولا صحناوي، جميع اللبنانيين بأن «تصل خدمة الإنترنت السريع الى جميع الأراضي اللبنانية خلال شهرين». منذ ذلك الحين، لا يزال أبناء قرى وبلدات بنت جبيل ومرجعيون ينتظرون تنفيذ هذا الوعد، دون جدوى.
أكثر من 150 ألف نسمة، بينهم أبناء القرى الحدودية، محرومون فعلياً اليوم من هذه الخدمة. ولا يزال معظم طلاب المدارس والجامعات يعانون من عدم الاستفادة من خدمة الإنترنت في أبحاثهم التعليمية. يضطرّ الكثير منهم إلى تكبّد كلفة مالية باهظة نسبياً لإنجاز «فروضهم»، أو قصد الأماكن البعيدة عن أماكن سكنهم بحثاً عن الإنترنت.
يقول محمد نحلة، من بلدة الطبية، إن «أكثر من 20 قرية وبلدة حدودية لم تصل إليها خدمة الإنترنت حتى الآن»، لافتاً الى أن اشتراكات الإنترنت الخاصة بخدمات الهواتف الخلوية «مكلفة ولا تمكننا من الاستفادة من برامج الإنترنت المختلفة، كما أنها لا تسمح لنا بإنجاز الأبحاث والدراسات العلمية»، فما الذي يحول دون الاستفادة من خدمات الهاتف الثابت؟
كثيراً ما يعود أصحاب المعاملات من مركز الخدمات الهاتفية الرئيسي في بنت جبيل خائبين. يعزو المواطن حسن فضل الله السبب الى «العجقة والنقص اللافت في عدد الموظفين»، وبالتالي العجز عن تلبية حاجات أصحاب المعاملات، وخصوصاً أن هذا المركز تغطي خدماته نحو 39 قرية وبلدة في المنطقة، ما يعزز الضغط عليه من قبل المستفيدين.
يقول أحد مخاتير بنت جبيل إن عدد الموظفين الإداريين في المركز اثنان فقط، «بعدما تقاعد ثلاثة موظفين خلال السنوات الماضية ولم يتم تعيين بدلاء منهم»، مشيراً الى «وجود فائض في أعداد الموظفين في المناطق اللبنانية الأخرى، ولا سيما في بيروت وصيدا»، ولافتاً الى «صعوبة إنجاز معاملات الأهالي في حال تغيّب أحد الموظفين».

أكثر من 150 ألف نسمة محرومون اليوم من خدمة الإنترنت السريع

كلام المختار تثبته شهادة أحد المتابعين لـ»الأزمة». «منذ أيام، جمّد العمل بشكل كلي في هذا المركز بسبب حصول أحد الموظفين على إجازته القانونية، وبات على جميع المشتركين في خدمة الهاتف الثابت الامتناع عن دفع الفواتير، أوعن تقديم أي معاملة رسمية بخصوص خدمات الهاتف التي يريدون الحصول عليها»، يقول الرجل مضيفاً: «حتى إن قسم الاستثمار في المركز شبه متوقف عن العمل، وبالتالي فإنه لا يتم تقديم بطاقات الدفع على الإطلاق، بسبب تقاعد الموظف المسؤول عن هذه الخدمة».
يرفض الموظفون التصريح عن «المشكلات» التي يواجهونها مع الأهالي الذين ينتظرون ساعات لدفع فواتيرهم، أو لتقديم طلبات جديدة، ويقول المشترك محمد بزي «أنتظر أحياناً أكثر من ساعتين لكي يأتي دوري لدفع فاتورة الهاتف، أما بالنسبة إلى المشتركين من أبناء البلدات البعيدة فإن بعضهم يضطر إلى العودة أو الاستغناء عن تقديم المعاملة أو تأجيلها، خوفاً من توقف أعمالهم الخاصة».
إلا أن المشكلة اللافتة تتعلّق بغياب خدمة الإنترنت السريع عن معظم قرى وبلدات المنطقة، وبالتالي فإن معظم أبناء المنطقة محرومون منها، ما يضطر معظمهم الى الاستغناء عن الإنترنت أو استبداله بخدمات الإنترنت العائدة لشركتي الهاتف الخلوي.
يقول محمد زين الدين (طالب جامعي) إن «الحصول على اشتراكات الإنترنت من المؤسسات الخاصة أمر مكلف أيضاً، ولا يؤمن الخدمة المطلوبة، حتى إن هذه الخدمة لا تؤمن لجميع قرى وبلدات المنطقة». فيما يلفت محمد حيدر، الطالب من بلدة شقرا الى أنه يضطرّ إلى قصد أحد محال الإنترنت لإنجاز بعض أبحاثه الجامعية، معتبراً أن «المشكلة تكمن بالنسبة إلى طلاب المدارس والجامعات الذين لا يملكون وسائل نقل تمكنهم من قصد محال الإنترنت البعيدة، إضافة الى أن ذلك سيجعلهم يتكبدون أموالاً، غير قادرين على دفعها أصلاً، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة». ويتساءل الطالب الجامعي علي علاء الدين (مجدل سلم) عن «سبب استفادة ثلاث بلدات فقط في المنطقة، وهي: تبنين وخربة سلم وبنت جبيل، من خدمة الإنترنت السريع، في حين أن قرى وبلدات كبرى، يسكنها آلاف المواطنين، مثل مجدل سلم وشقرا وميس الجبل وغيرها لا تؤمن لها هذه الخدمة، مع العلم بأن تأمينها سيحقق فوائد مالية كبيرة لوزارة الاتصالات، مبيناً أن «أبناء المنطقة باتوا يعتبرون أن هذا التمييز لا يبرره سوى الإهمال ووجود المحسوبيات فقط»، ومنتقداً المعنيين وبعض نواب المنطقة الذين أعلنوا عن متابعتهم لهذه المشكلة ولم يفعلوا شيئاً حتى الآن.