وسائل التواصل الاجتماعي باتت تخترق سرية العمل في الامتحانات الرسمية، فلم يعد الأستاذ يتردد في تصوير «بورديرو» للعلامات أو عبارات غريبة مكتوبة على ورقة الإجابة وتبادلها عبر «الواتسآب» داخل مجموعات الأساتذة أو الطلاب أو حتى مع الصحافيين. ولا يتوانى الطلاب عن تناقل نماذج للأسئلة على سبيل المزاح يزعمون أنها ستأتي في اليوم الثاني. لا يأبه هؤلاء لكون ما بين أيديهم وثيقة رسمية.
المسؤولون في وزارة التربية يقولون إنّ ذلك لا يعدو كونه تشويشاً على الاستحقاق الرسمي وقدسيته، مؤكدين أنّه يصعب ضبطه «ولا يمكننا إلاّ أن نعتمد على مناقبية الأساتذة».
لكن ماذا لو تطابقت أسئلة الامتحان مع التسريبات؟
يوم الجمعة الماضي، تم تداول رسالة صوتية يتحدث فيها شخص، يبدو أنه في مكتب معين، ينقل اليه أحد المتابعين أسئلة في مادة التربية الوطنية، وينقلها بدوره إلى شخص يدعى جورج، ويقول فيها «جورج بالتربية ركزوا على الانتخابات وعلى الاعلام والبيئة»، ويسمع صوت أحد ينقل إليه الأسئلة، فيقول «ركزوا على القوى المسلحة ومهام الضابطة الإدارية والعدلية ومهام الجيش اللبناني، ركّز على هذه الاسئلة يا جورج، وقم بتوزيعها على الجميع».

لا يبدو بعض الطلاّب خائفين من تداول أوراق صغيرة
في اليوم التالي تأتي الأسئلة مطابقة لهذا الحوار. فقد تناولت الأسئلة المطروحة الانتخابات وكيفية تكليف الجيش اللبناني بالمحافظة على الأمن الداخلي، والتدابير الواجب اتخاذها من القوى المسلّحة عند إعلان حالة الطوارئ، ومهمات الضابطة العدلية لقوى الأمن الداخلي، ما يوحي بأن تسريباً قد حصل. كذلك كان لافتاً، بحسب أحد أساتذة المادة، «عدم مطابقة المسابقة للمواصفات الرسمية المتّبعة عادة، والتي ينادي باستخدامها المكلّفون في الإرشاد والتوجيه، مثل وجود مستندين فقط في المسابقة، وليس ثلاثة على الأقل، وعدم شمولية الأسئلة التي يجب أن تغطّي ثلاثة محاور من كتاب التربية، وهذا حصل في العديد من المسابقات الأخرى، فضلاً عن أن مدة حل المسابقة هي أقل من المدة اللاّزمة، وهذا خطأ يراقب بدقة من المرشدين التربويين.
وفي اليوم نفسه، تناقل الطلاب في ما بينهم عبر «الواتسآب» صوراً لمسابقة مادة الفلسفة والحضارات، على أنها دورة 2015 العادية، السبت 12 حزيران 2015، ليتبين في اليوم التالي أنها تعود إلى عام 2006، وتم استخدام التكنولوجيا لتغيير التاريخ.
وفي فوضى الامتحانات أيضاً استخدام «الروشتات». فبالقرب من أحد مراكز الامتحانات الرسمية، لا يبدو بعض الطلاّب خائفين من تداول أوراق صغيرة في ما بينهم لاستخدامها في قاعات الامتحانات لنقل ما يتيسّر منها من معلومات، «فالفوضى كبيرة، والمراقبون يغضّون النظر»، يقول أحد طلاّب الثانوية العامة، لافتاً الى أن «الأجواء مريحة ويمكننا نقل الكثير، وإن كانت سهولة المسابقات لا تستدعي ذلك». ويقول أحد المراقبين: «الامتحانات الرسمية لم تعد مخيفة كما كانت سابقاً، ويمكن للطالب العادي تحقيق النجاح فيها، من دون أي درس اضافي، ويوجد توافق ضمني بين المراقبين على عدم التشدد في المراقبة، بل منع ما هو فاضح فقط».