الادارة المرتقبة لجلسة مجلس الوزراء الخميس، الاولى بعد ثلاثة اسابيع من الانقطاع، واضحة بالنسبة الى الرئيسين نبيه بري وتمام سلام: اصرار على انعقادها ملازم لاصرار على اتخاذها قرارات هي مبرر هذا الانعقاد، على الاقل في ضوء الاشتباك السياسي الاخير بين رئيس الحكومة وتكتل التغيير والاصلاح وحزب الله. ما يجعل التحدي الفعلي لكل من هؤلاء غدا: ماذا بعد افتتاح الجلسة وتلاوة البند الاول. احتمال انسحاب الوزراء الستة لتكتل التغيير والاصلاح وحزب الله قد يكون واردا كي يعوضوا استمرار التئام الجلسة رغم ارادتهم.
الا ان الموقف يبدو اكثر من ذلك لدى سلام. ليس في حاجة الى تأكيد استخدامه صلاحيتيه الدستوريتين وهما وضع جدول الاعمال ودعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد ــــ وقد استخدمهما فعلا ــــ بل تشبثه بدوره على انه هو الذي يرأس الحكومة اولا ومجلس الوزراء المنوط به صلاحيات رئيس الجمهورية ثانياً، ويتولى انتظام عملهما. التقى سلام على هاتين المسألتين مع رئيس مجلس النواب بربط دوران عجلة اعمال مجلس الوزراء بدوران عجلة اجتماعات البرلمان المنقطع بدوره عنها لاشهر خلت. في تقدير بري لا شوائب في طريق التئام مجلس الوزراء: لا شكوك في ميثاقية الجلسة لأن المكونات الطائفية ممثلة في الذين يعتزمون الحضور وهم 18 وزيرا (اخصهم المكون الشيعي الذي يمثله وزيرا حركة امل) في حال انسحب الوزراء الستة الآخرون، ولا شكوى من النصاب الدستوري المتوافر للانعقاد بما يزيد على ثلثي الوزراء ولا خصوصا لاتخاذ القرارات.

لا علاقة لفتح عقد استثنائي بمجلس الوزراء، وسلام يدور بالمرسوم على الوزراء


بعدما بدا اصدار مرسوم فتح عقد استثنائي لمجلس النواب امرا متعذرا لسببين اولهما الخلاف على انتقال هذه الصلاحية الى مجلس الوزراء مجتمعا من جراء خلو رئاسة الجمهورية وثانيهما رفض وزراء مسيحيين توقيع مرسوم فتح عقد استثنائي قبل انتخاب الرئيس، اضحى الوصول الى المرسوم خيارا شبه نهائي في اتفاق بري وسلام.
ما يقوله رئيس البرلمان ان لا عقبات تحول دون صدور مرسوم فتح عقد استثنائي عن حكومة سلام لدوافع شتى:
اولها، ان هذه الصلاحية مكملة لسائر صلاحيات رئيس الجمهورية التي انتقلت، تحت وطأة الشغور، الى مجلس الوزراء مجتمعا.
ثانيها، لا علاقة لمجلس الوزراء اساسا بصلاحية فتح عقد استثنائي لمجلس النواب، بل يقتصر توقيعه على رئيسي الجمهورية والحكومة، ولا وزير مختصا فيه شأن المراسيم العادية الاخرى. ولأن مجلس الوزراء مجتمعا حل محل رئيس الجمهورية بفعل الشغور، أضحى الامر بين يدي رئيس الحكومة والوزراء الـ24 بصفتهم هيئة رئيس الجمهورية. يعني ذلك ان مشروع المرسوم لا يحتاج الى اقراره في مجلس الوزراء، بل يتولى رئيس الحكومة امراره على الوزراء الـ24 تباعا لنيل موافقتهم عليه.
ثالثها، لأن الاتفاق المعمول به بعدما انهى سلام اعتكافه قبل اشهر، على اثر الازمة الاولى لحكومته بازاء الخلاف على توقيع المراسيم، يقضي بان يصير الى اخضاع آلية ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية لآلية عمل مجلس الوزراء عند اتخاذ القرارات (حيث يقتضي الثلثان يُتخذ القرار بالثلثين، وحيث يقتضي النصف +1 يُتخذ بالاكثرية المطلقة)، وكذلك توقيع مراسيم القرارات، لم تعد مراسيم القرارات التي تصدر عن مجلس الوزراء تقترن مذ ذاك بشرط توقيع الوزراء الـ24 جميعا، كما في الاشهر الاولى من الشغور، وخصوصا في مواضيع غير اساسية تعنى احيانا بتسيير ادارات الدولة. وهو ما يتمسك به سلام، ويؤيده رئيس المجلس بلا تحفظ، لاعادة الانتظام الى جلسات مجلس الوزراء دورياً، وكذلك اتخاذه القرارات.
على قياس مماثل، بات مرسوم فتح عقد استثنائي في صلب هذه الآلية.
رابعها، في رأي بري ان فتح عقد استثنائي ليس في عداد المواضيع الاساسية التي نصت عليها المادة 65 من الدستور. ما يحتم تبعا لذلك مقاربته على غرار سائر المواضيع العادية الاخرى، ومن ثم الاكتفاء بموافقة الاكثرية المطلقة من الوزراء على اتخاذ قرار بفتح عقد استثنائي، وتوقيع الاكثرية المطلقة نفسها مرسوم فتح العقد.
خامسها، تأكيد رئيس المجلس انتظاره صدور المرسوم ــــ وقد اخذ رئيس الحكومة على عاتقه المضي فيه ــــ كي يوجه دعوة الى الهيئة العامة للبرلمان للانعقاد. على غرار موقفه من حكومة سلام، يقول انه لن يتوانى عن ترؤس جلسة تشارك فيها المكونات الطائفية وان تخلف فريق سياسي او اكثر عن الحضور. يضيف بري: ماذا ينتظرون بعد ذلك ان يخرب البلد نهائيا؟