تنتشر في السوق معلومات مفادها أن رجل الأعمال مرعي أبو مرعي يعاني صعوبات مالية دفعته إلى الاستغناء عن حصّته في انتركونتننتال بنك (IBL)، وذلك لتسديد دين عليه بقيمة 48 مليون دولار لمصلحة «الاعتماد المصرفي». وتفيد المعلومات انه باع عقارات بقيمة تصل إلى 20 مليون دولار من أجل سداد قسم آخر من الديون، فيما لا تزال لديه محفظة عقارات تكاد تكون مساوية لقيمة الديون الباقية المترتبة عليه بقيمة تصل إلى 20 مليون دولار، إلا أن أبو مرعي نفى في اتصال مع «الأخبار» هذه المعطيات، مشيراً إلى أن «هذا الكلام غير صحيح، لأنني بعت حصّتي في IBL عندما وجدت أن من المناسب بيعها». وبحسب الرواية التي راجت بين عدد من رجل الأعمال اللبنانيين في بيروت وصيدا، فإن أعمال النقل البحري للسيارات التي كان يديرها مرعي أبو مرعي بواسطة شركات الشحن البحري التي يملكها، تعرّضت لضربة قويّة بسبب المنافسة الشديدة. وتزامن هذا الوضع، مع تقلّص نسب الإشغال على متن البواخر السياحية التي يشغّلها في إطار الجولات السياحية البحرية، ما أدّى إلى تراجع أعماله.
والمعروف ان «ابو مرعي غروب» تملك 12 باخرة للشحن البحري، وباخرتين سياحيتين، هما «أورينت كوين - 1» و«أورينت كوين - 2».
وتضيف الرواية، أن مراهنات أبو مرعي على ارتفاع أسعار العقارات المحلية أدّت إلى نتائج عكسية، فالمضاربات التي كان يقوم بها في تجارة العقارات عاكستها الظروف التي ضغطت على الأسعار ودفعتها نزولاً. وبالتالي لم يعد ممكناً الإعتماد على العقارات التي كان بعضها مرهوناً للمصارف من أجل الحصول على إعادة تمويل بعد إعادة تقويمها بالاسعار الجديدة، بل بات الأمر ورقة خاسرة.

ابو مرعي: التخلّي عن
حصّتي في IBL جاء في إطار صفقة مناسبة


بالاستناد الى هذه الرواية المتداولة في السوق، كانت الديون وفوائدها تتراكم على الشركات التي يملكها ويديرها أبو مرعي إلى أن أصبحت تصنّف ديناً متعثّراً، على الرغم من أنها مضمونة بعقارات وأسهم، أي انها لم تصنّف ديناً مشكوكاً في تحصيله. من بين هذه الديون كان أبو مرعي قد حصل على تسليفات مالية من «بنك الاعتماد المصرفي» بضمانة الأسهم التي يملكها في «انتركونتيننتال بنك»، التي توازي 10.83% من مجمل الأسهم، أو ما يوازي 2.1 مليون سهماً. مجموع قيمة المبلغ الواجب على أبو مرعي دفعه لـ«الاعتماد المصرفي»، أي أصل الدين زائدا الفوائد، يصل إلى 48 مليون دولار.
هكذا انطلقت المفاوضات بين أبو مرعي ورئيس مجلس إدارة بنك «الاعتماد المصرفي» طارق خليفة؛ في البداية كانت هناك محاولات لجدولة الديون، إلا ان ضعف قدرة أبو مرعي على السداد، ولّدت فكرة الاستحواذ على أسهمه في «انتركونتيننتال بنك». وافق مصرف لبنان على صيغة انتقال ملكية الأسهم استيفاء للدين، ما جعل الصفقة تجري بسرعة، على الرغم من انزعاج رئيس مجلس إدارة «انتركونتيننتال بنك»، سليم حبيب، الا أن الأطراف المعنية لم تكن تريد إثارة أي ضجّة حول الديون في السوق وصعوبة استيفائها فيما يجب إطفاء الأمر سريعاً.
وتقول الرواية، إن التوافق على آلية تسعير الأسهم، أي بقيمة 22.1 دولارا للسهم الواحد كان أعلى بقليل من التسعير المسجّل لدى المصرف بقيمة 20 دولاراً، وخصوصاً أن مثل هذا التسعير يأتي في ظل الظروف المعروفة مسبقاً للجميع، إلا أن الأمر لم يكن عائقاً أمام «ضرورة» الانتهاء من الصفقة وإغلاق هذا الملف الذي إذا استمرّ فستكون له تداعيات سلبية على «الثقة» في السوق، وخصوصاً بعدما اثار صندوق النقد الدولي مشكلة ان 200 زبون كبير في السوق يستحوذون على 60% من التسليفات التجارية، وأنه يجب على المصارف المقرضة اقتطاع مؤونات مقابل هذه التسليفات بنسبة 15% من قيمتها الإجمالية، علماً بأن بعض مَحافظ المصارف تشمل زبائن سياسيين لا يسدّدون أيضاً برغم ان قروضهم ليست مضمونة باي رهونات عقارية.
كذلك اتفق الطرفان على أن يتملك «الاعتماد المصرفي» أسهم ابو مرعي من خلال إنشاء شركة تكون ذات إدارة مستقلة تلافياً لازدواجية تمثيل «الاعتماد المصرفي» في مجلس إدارة «انتركونتيننتال بنك» مباشرة، وعلى ألا تزيد مدّة تملّك هذه الاسهم على السنتين.
حصّة أبو مرعي من أسهم «انتركونتيننتال بنك» هي ثاني أكبر الحصص في هذا المصرف بعد «أنلير ترايدينغ ليمتد» (11.94%)، فيما ثالث أكبر حصّة تعود إلى رئيس مجلس الإدارة سليم حبيب البالغة 10.5%.
الا ان أبو مرعي يروي رواية اخرى في اتصال مع «الأخبار»، اذ إن التخلّي عن حصّته في IBL جاء في إطار صفقة مناسبة له، يقول «فقد وجدت أن من الأفضل بيع هذه الأسهم، علماً أنني كنت في مجلس إدارة IBL منذ أكثر من 8 سنوات ولكن اليوم أصبح الوقت مناسباً للتخلّي عن هذه الحصّة». وأوضح أن كل الكلام عن تعثّر أوضاعه وعن الصعوبات المالية التي تواجهه «كلام غير صحيح بدليل أن العلاقة القائمة بين بنك الاعتماد المصرفي وبيني لا تزال على حالها، سواء لجهة التسليفات أو الحسابات المشكوفة وسواها من عناصر العلاقة المالية بيني وبينهم». وبرغم أن أبو مرعي أقرّ ببيع محطة بنزين «لزوج إبنة أخي، إلا أنني رجل أعمال وأقوم بالصفقات بصورة اعتيادية ولم أبع أي عقار».
متابعون لهذه المسالة يصرون على أن أبو مرعي عمد إلى بيع عدد من الأراضي والملكيات التجارية الصغيرة، منها محطات البنزين، من أجل إيفاء ديون بقيمة 20 مليون دولار، إلا أن ذلك لم يغطِّ كل ديونه البالغة 90 مليون دولار، لكنه أدّى إلى تقليص الديون والتخفيف من أعباء كلفتها، وخصوصاً أن الديون الباقية بقيمة 20 مليون دولار يمكن تغطيتها من خلال الملكيات العقارية التي لا تزال في محفظة أبو مرعي.