قبل 13 سنة، دخلت لينا رسلان التعليم الأساسي الرسمي كمتعاقدة في اللغة العربية، يحدوها أمل بالتثبيت في ملاك وزارة التربية في غضون فترة وجيزة. مرّت 6 سنوات قبل أن يتحقق «الحلم» بالنجاح في مباراة محصورة نظمها مجلس الخدمة المدنية في عام 2009 ولم تكن السن 44 شرطاً للاشتراك فيها. انتظرت رسلان 3 سنوات ونصف السنة، أي في أوائل 2013، حتى قررت الوزارة تعيينها مع زملائها في الدفعة نفسها كملحقين برتبة مدرسين متمرنين لا يتم تثبيتهم إلا بعد الخضوع لدورة تدريبية في كلية التربية، وفق ما ينص عليه القانون 442 الخاص بالمباراة المحصورة.
قضت 3 سنوات أخرى من دون أن تفتح أبواب كلية التربية أمام المدرسين حتى الآن، لكن رسلان خرجت إلى التقاعد «بلا ولا شي».
تقول بتأثر: «سأتقاعد كأنني لم أدخل التعليم يوماً». تشرح أنّها لن تنال راتباً تقاعدياً لكونها لم يمض على وجودها في التعليم عشرون عاماً، كما أنها لا تستطيع ضم خدمات سنوات التعاقد والتعيين وأخذ تعويض لأنها لم تتابع دورة كلية التربية.
وزارة التربية طلبت رأي مجلس الخدمة المدنية في ما إذا كان يمكن إيجاد صيغة إنسانية لهؤلاء، وخصوصاً أنهم ليسوا مسؤولين عن تأخير الدورة التدريبية، فأتى الجواب بالرفض. استثناء هؤلاء يحتاج إلى قانون في مجلس النواب، لكون الدورة منصوصاً عليها في القانون، والمجلس معطّل حالياً.

استثناء المتقاعدين يحتاج إلى قانون في مجلس النواب

قد لا يكون عدد هؤلاء كبيراً. ليست هذه هي القصة. بل ما يحصل يعرّي هذه الدولة، بدءاً من ظاهرة النصوص الخاصة التي تطلب إجراء مباراة محصورة لبعض الإدارات والمؤسسات العامة، على الرغم من موقف مجلس الخدمة المدنية المبدئي ضد مباراة كهذه، لمخالفتها أحكام نظام الموظفين القائم على تنظيم مباراة مفتوحة أمام الجميع وحق كل مواطن بالاشتراك فيها.
وإذا سلّمنا بقبول مثل هذه المباراة، فإنّ الناجحين فيها يخوضون نضالاً مريراً
ليُلحقوا بالملاك ونضالاً آخر ليتابعوا الدورة التدريبية في كلية التربية، فيما ينتظر أن تكون مثل هذه الخطوات تلقائية وبديهية. وما يحصل أيضاً أن غير المقبولين أو ما يسمى بالناجح ــ الفائض يخوضون هم أيضاً معارك باتجاه تعديل القانون في مجلس النواب لاستيعاب المزيد من الناجحين بناءً على الحاجات المستجدة للتعليم.
المشكلة الحقيقية أيضاً تكمن في هذا الإهمال المتمادي وتقاذف الكرة بين وزارة التربية وكلية التربية. فالأخيرة بهيكليتها وموازنتها المعتمدة عاجزة عن إجراء دورات تدريبية، على السواء، للمعلمين والأساتذة الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية والمديرين والمرشدين التربويين (في وقت قريب).