إسطنبول | تستمر تصريحات المسؤولين الأتراك وتهديداتهم بشأن الأوضاع الميدانية السورية، كذلك تستمر اجتماعاتهم السياسية والعسكرية وسط المعلومات التي تتناقلها وسائل الاعلام التركية عن حشود عسكرية جديدة على الحدود السورية في المنطقة الممتدة بين مدينة جرابلس حتى ريف اللاذقية الشمالي، ولكن بشكل خاص قبالة المناطق الشمالية لمدينة حلب، أي بين بوابة باب الهوى وباب السلامة.
وتوجد كل المجموعات الارهابية الموالية لتركيا، وفي مقدمتها «جبهة النصرة» وحلفاؤها، معها للهجوم على حلب وقبل ذلك على إدلب وجسر الشغور في آذار الماضي. ولا يتحدث المسؤولون الاتراك عن الجبهة الغربية إلا في إطار منع «داعش» من الاقتراب من مواقع «النصرة» وحلفائها عندما تكون مشغولة بالهجوم على حلب، أي إن الجيش التركي سيحمي ظهر «النصرة» في حال أي تحرك «داعشي» باتجاه هذه المناطق. ولم يتحدث أي مسؤول تركي عن أي رفض أو اعتراض رسمي على «الدولة الاسلامية» أو «النصرة» مقابل تهديدات متكررة بالاعتراض على أي دولة كردية شمال سوريا، سبق أن وعد بها المسؤولون الاتراك زعيم «الاتحاد الديمقراطي» الكردي السوري صالح مسلم، خلال مساعيهم لإقناعه بالتمرد على النظام في دمشق.

يبدو واضحاً أن
أردوغان يريد الحرب في سوريا لأسباب عديدة

كل ذلك وسط المعلومات الصحافية التي تتحدث عن سناريوات متعددة يحرّض عليها الاعلام الموالي للرئيس رجب طيب أردوغان الذي يبدو واضحاً أنه يريد الحرب في سوريا لأسباب عديدة أهمها: الاتفاق المسبق بين أردوغان وكل من الملك السعودي والأمير القطري في هذا الموضوع. كذلك فإن أردوغان يتمنى لمثل هذا العمل العسكري أن يساعده في مساعيه للإعلان عن انتخابات برلمانية مبكرة، خاصة إن تعرضت تركيا لأي عمل إرهابي أو عدواني (مدبّر مسبقاً) من قبل «داعش» أو الاكراد، بل وحتى من الجيش السوري، ومن دون أن يهمل الكثيرون عنصر المغامرة الخطيرة التي يتشجع لها أردوغان لأسباب داخلية وخارجية إضافية حتى يبقى متمسكاً بزمام الامور بعد فشله الذريع في سياساته الشرق أوسطية، خاصة إذا نجح أصدقاؤه في «النصرة» والجماعات الارهابية الاخرى في تحقيق انتصار مفاجئ في سوريا كما تم في إدلب. ويدفع مثل هذه الاحتمالات البعض إلى الحديث عن احتمال تدخّل وحدات الكوماندوس التركية الى جانب قوات «النصرة» والجماعات الاخرى تحت غطاء جوي ومدفعي مفاجئ من قبل الجيش التركي بهدف السيطرة على مدينة حلب خلال فترة قصيرة، ما دامت القوات السورية الموجودة هناك لا تتوقع مثل هذا الهجوم والتدخل التركي المباشر. ويقول المراقبون إنّه يهدف إلى تحقيق الهدف الاستراتيجي للتهديدات والحشود التركية، وهو جعل حلب بنغازي جديدة تجعل من أنقرة عنصراً مهماً في مجمل المعادلات الجديدة، بما في ذلك إعلان الشمال السوري منطقة حظر جوي، وبالتالي إقامة حزام أمني داخل الاراضي السورية بحجة مواجهة موجة النزوح الكبيرة والجديدة. ويتوقع بعض المراقبين لمثل هذه السناريوات أن تحظى بضوء أخضر أميركي إذا نجح الجيش التركي في مهمته التي يستعد اليها مع «النصرة» وحلفائها في إسقاط مدينة حلب، ليكون ذلك الخطوة الأهم على طريق إسقاط النظام الذي فشل التحالف الإقليمي والدولي في إسقاطه طيلة السنوات الماضية.