رسائل متعددة الاتجاهات أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عصر أمس، خلال كلمة له باحتفال في مناسبة «يوم القدس العالمي» في «مجمّع سيّد الشهداء» في الضاحية الجنوبية لبيروت. البداية كانت من طبيعة الذكرى، تلاها «مؤتمر هرتسيليا»، الذي عُقد أخيراً في فلسطين المحتلة، و«خلاصته الإشارة إلى التحسن في البيئة الاستراتيجية المحيطة بإسرائيل»، متأسفاً لأن «القادة الصهاينة لم يجدوا في أمة المليار ونصف المليار مسلم، أي تهديد لكيانهم، كما لم يجدوا في أنظمة وجيوش وأسلحة الجو والمدرعات والصواريخ لهذا المليار ونصف المليار مسلم، أي تهديد». وشدد نصر الله على أن «إسرائيل ترى في كل ما يجري حولها إراحة لها»، وخصوصاً مع «ما يجري في سوريا، هذه الدولة الأساسية في محور المقاومة، والرافضة لشروط الاستسلام الأميركية، التي تعيش المعاناة كما يرى الاسرائيلي، لذا، هناك من يفكر في إسرائيل بضم الجولان وتفعيل مشاريع الاستيطان فيه، ورفع عدد المستوطنين إلى 100 ألف»، كما «خلص المؤتمر في هرتسيليا إلى «ضرورة الانتباه إلى اليمن، لأنه إذا نال حريته واستقلاله فسيكون جزءاً من محور المقاومة»، مشيراً إلى أن «السعودية تقدم أكبر خدمة إلى إسرائيل، التي تعمل وتساعد باستخباراتها وبأشكال مختلفة على تسعير الحروب في المنطقة».
وجدد تأكيده أن العدوان السعودي ـــ الأميركي على اليمن «فشل في تحقيق أهدافه»، داعياً السعودية إلى «التوقف عند ذلك، لأن مواصلة القصف الجوي لن تثني إرادة الشعب اليمني».
وعقّب نصر الله على أحداث الجزائر، منبّهاً إلى أن «ما يجري إعداده للجزائر، وتحويل الصراع إلى صراع بين المالكيين والإباضيين، أو بين العرب والأمازيغ».
وحول الكلام الإسرائيلي عن الحرص على مصر، وعلى طائفة الموحدين الدروز في سوريا، لفت نصرالله إلى أن «إسرائيل المنافقة تدعي الحرص على الدروز وتقدم كل أشكال الدعم لـ(تنظيم القاعدة في بلاد الشام) جبهة النصرة التي تقتل كل الشعب السوري لا الموحدين الدروز فقط»، وكذلك تدعي حرصها على مصر، وهي «أم الإرهاب ومبنية عليه، وبنتها عصابات إرهابية في الماضي».
وقال نصرالله إن «العقل الاسرائيلي مهووس بإيران وبملفها النووي واقتصادها وتضامن شعبها مع نظامها وصحة قائدها»، لأن «الخطر على إسرائيل هو إيران وحركات المقاومة، مع أن هذه الحركات لم تصل الى مرحلة التهديد الوجودي لإسرائيل، إنما تهديدها استراتيجي، وإيران تمثّل تهديداً وجودياً لإسرائيل».
وسأل: «لماذا لم تعد إسرائيل خائفة إلا من إيران؟ ولماذا هذا العداء المطلق لإيران؟ ولماذا لم نلحظ أي خوف أو تحسس إسرائيلي من السعودية أو أي نظام عربي آخر، برغم كميات الاسلحة التي يشترونها»، مشيراً إلى أن «التجربة خير دليل، فمنذ 67 عاماً، والعرب لم يفعلوا شيئاً لفلسطين، إلا قلة منهم».
ورأى أن «الذي ما زال يرفع الراية ويرفض الاعتراف بأصل هذا الكيان هو إيران». وقال: «إن شروط اعتراف إيران بإسرائيل لن تقبلها إيران بقيادة الإمام الخامنئي وشعب إيران، حتى لو أن المفاوضات حول الملف النووي توقفت، وهذا الشرط كان قد طرح في مفاوضات النووي ورفضته إيران». وتوجه إلى شعوب المنطقة وكل مساند للقضية الفلسطينية بالقول: «لا تستطيع أن تكون مع فلسطين، إلا إذا كنت مع إيران. وإذا كنت عدواً لإيران فأنت عدو لاستعادة فلسطين والقدس، لأن إيران هي الباقية بعد الله، موقفها من أجل القدس»، رافضاً الاتهام عن «وجود مشروع فارسي أو صفوي أو هلال شيعي»، واصفاً التهم بـ «الكلام الفارغ».

لا تستطيع أن
تكون مع فلسطين،
إلا إذا كنت مع إيران


وحول سوريا، دعا الأمين العام لحزب الله إلى «إيجاد حل سياسي في سوريا وإلى أن تتوقف الدول التي تعمل على إشعال النار بالمال والتحريض وعلى منع السوريين من التلاقي»، مشيراً إلى أنه «لو وُضع المقاتلون الأجانب جانباً، فإن كل السوريين يريدون الحل لبلدهم لأنهم مقتنعون بأن الحل سياسي»، مطالباً «الذين يعدّون الأيام لتغيير الوضع في سوريا بأن يكفوا عن ذلك». وقال: «إن سوريا لن تسقط عسكرياً، وهي صامدة وستصمد، ومن معها سيبقى معها، ومن يراهن على إسقاطها فسيخوض حرباً طويلة ولن يصل إلى نتيجة».
وتحدث عن «إلتزام الموقف الروسي تجاه سوريا، ومثلها إيران ونحن أيضاً»، لافتاً إلى أن حزب الله «مع المطالب الشعبية في سوريا والإصلاحات، ولكن لسنا مع تدميرها وسيطرة الجماعات التكفيرية عليها من أجل سوريا وفلسطين ولبنان».
ولفت إلى أن «كل شهيد سقط لنا في سوريا هو من أجل سوريا ولبنان وفلسطين»، وأن «طريق القدس لا يمر من جونية»، و«لكن نعلن أن طريق القدس يمر في دمشق والقلمون ودرعا والسويداء وغيرها من المدن في سوريا، لأنه إذا سقطت سوريا سقطت فلسطين».
وحول الكويت، جدّد إدانته الاعتداءات على المساجد، مشيراً إلى أن «أحداً لم يخرج في الكويت ليبرر أو يجد ذرائع لمن نفذوا عملية التفجير، وإنما كانت إدانتهم شاملة وقد ربحوا بلدهم، ولأن من قام بالتفجير هدفه الفتنة المذهبية في الكويت». وأضاف أن «أمير وشعب الكويت حوّلا التهديد الى فرصة للوحدة الوطنية وللتحصين الأمني في مواجهة هؤلاء التكفيريين».
وقال إن «نظام البحرين بدل أن يستفيد من تهديد داعش، ويدعو الناس إلى التلاقي والحوار والتعاطي الأخلاقي، ويطلق علماءهم وقادتهم من السجون لمواجهة التهديد، فعل العكس».

لبنان

وتناول الأمين العام لحزب الله الملفّ اللبناني، مشيراً إلى أن « البلد قبل أسابيع كان ذاهباً باتجاه مشكل، وكان الطرف الأساسي فيه العماد ميشال عون، ونحن لأننا حلفاء له اكتفينا بالدعوة الى التهدئة، لكن كانت القراءة خاطئة عند بعض الجهات السياسية، لأن حلفاء العماد عون لم يتركوه ولم يتخلوا عنه». وقال نصرالله «إننا نؤيد مطالب العماد عون المحقة في موضوع الحكومة وصلاحيات الرئيس، وفي الأمور الكبيرة «نحنا منتناقش فيها ومنحكي بعدين»، وخصوصاً في موضوع الفدرالية».
وحول عدم مشاركة حزب الله في التحركات الشعبية للتيار الوطني الحر، قال نصرالله إنه «ليس من مصلحة حزب الله المشاركة في تظاهرات شعبية مع تظاهرة العماد عون، منعا لتأويل هذه المشاركة وربطها بالمفاوضات النووية والمحكمة الدولية، كما أن العماد عون لم يطلب منا المشاركة في التظاهرة، لأنه يتفهم طبيعة المسؤوليات التي يتحملها حزب الله في هذه المرحلة، وكل خيارات الدعم لعون مفتوحة».
وأكد على «ضرورة إبقاء انتخاب رئيس للجمهورية أولوية، وحسم آليات العمل في الحكومة في غياب رئيس الجمهورية»، وجزم بأن «لا العماد عون ولا أحد من حلفائه يريد اسقاط الحكومة أو تعطيلها كي لا يذهب البلد الى الفراغ في هذا الجو الاقليمي، لكننا نريد تعزيز الشراكة»، داعياً إلى «فتح دورة استثنائية لمجلس النواب يشارك فيها الجميع، ونحن نراهن على حكمة وتدبير الرئيس نبيه بري»، كما دعا إلى « حوار جدي بين تيار المستقبل وعون. يجب أن يبدأ حوار ثنائي بين المستقبل وعون، وأن ننضم له لاحقاً، من أجل الحفاظ على لبنان».




تحيّة كويتيّة إلى نصر الله

وجه النائب الكويتي، فيصل الدويسان، إلى الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله رسالة شكره فيها على ما جاء في كلمته في يوم القدس العالمي من توجيه التحية إلى الكويت قيادة وحكومةً وشعباً.
وجاء في رسالة الدويسان «أقول لسيد المقاومة حسن نصرالله تحيّتك مست شغاف قلوبنا واستقبلناها بفخر واعتزاز، وكيف لا وهي التي انطلقت من مجاهد كبير قدم الغالي والنفيس لأجل أمته. ولا ننسى أنه بعث بابنه وفلذة كبده إلى ساحات الوغى، فحلق بجناحي الخلود شهيداً سعيداً، ولذلك لا نستغرب من سماحته تلك التحية، التي ستأبى يد الزمان أن تمحوها من على جبين الكويت».
(الأخبار)