ما هو جلي امام حزب الله انه لا يريد تحميله وزر انهيار حكومة الرئيس تمام سلام، ولا اتهامه بتداعيات استقالتها اذا عزم عليها رئيسها، فيما هو منشغل بما يتقدم بالنسبة اليه كل الاستحقاقات المحلية: الحرب السورية ونظام الرئيس بشار الاسد.في خلاصة مداولات الاجتماع الدوري للحزب مع حلفائه الاقربين، لبضعة ايام خلت، ان لا استقالة لحكومة سلام ولا اعتكاف. لكن في المقابل، لا عمل محتملاً لها دونما الأخذ في الاعتبار مطالب حليفه الرئيس ميشال عون. في الخطاب ما قبل الاخير للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، قبل اسبوعين، اشارتان مهمتان من شأنهما رسم خطة حزب الله في مقاربة استحقاقات المرحلة المقبلة، انطلاقا من اعتقاده بأن حقبة ما بعد اتفاق فيينا بين ايران والغرب لن تبدّل كثيرا في معطيات الواقع اللبناني، وقد لا يبدّل الاتفاق نفسه شيئا منها في المدى القريب.

اولى الاشارتين ان لا انتخاب لرئيس الجمهورية في وقت منظور، ولن يكون في اي حال ثمرة التقارب الايراني ــــ الغربي الناتج عن اتفاق فيينا، لأن اياً منهما ــــ وخصوصاً طهران وواشنطن ــــ ليس في وارد تقديم تنازلات متبادلة وتقاسم حصص في المنطقة في المرحلة القريبة. الا ان تطورا في العلاقات الايرانية ــــ السعودية من شأنه، ربما، فتح باب الآمال على الاستحقاق الرئاسي. مع ذلك، فإن التكهن بتطور مستعجل كهذا هو ضرب من الوهم، في موازاة اعلان فريقي الاتفاق تمسكهما به تحت سقف الإصرار على شروط متصلبة. لا يبصر حزب الله نفسه أمام مرحلة مختلفة تماماً مكلفة وثقيلة الوطأة عليه، وإن بدت جديدة فعلا في علاقة الجمهورية الاسلامية بالغرب.
ثانيتهما، عندما ناقشت الاجتماعات الدورية للحزب وحلفائه، مرتين على التوالي، احتمال استقالة الحكومة، أخذ في الحسبان تحديد الخيار الأفضل: تنحيها أو استمرارها. واقع الامر، بالنسبة اليه، ان مرحلة ما بعد استقالتها ستشبه كثيرا حالها اليوم: لا تتفق على جدول اعمال مجلس الوزراء. لا تجتمع. اذا اجتمعت لا تتخذ قرارا. اذا اتخذته لا تستطيع اصداره لتنفيذه في ظل انقسام افرقائها. فاذا هي اقرب ما تكون الى حكومة تصريف اعمال سياسي اكثر منه قانونيا. ناهيك بتيقنها من ان ما يوازن تريثها في استقالتها، ان ليس في وسعها تجاهل مكوّنين رئيسيين في صفوفها يقفان على طرف نقيض من رئيسها ومن تيار المستقبل، هما تكتل التغيير والاصلاح وحزب الله. بذلك تتفادى حكومة سلام الوقوع في محظور الفراغ، لكنها في المقابل معلقة على عدم ممارسة الحكم والصلاحيات.

حزب الله لتيار المستقبل: لامقايضة بين الرئاسة وروكز
قائداً للجيش


بالتأكيد تبرّر إستقالة حكومة سلام تجاوز موضوع التعيينات العسكرية والامنية، وتطلق يد وزير الدفاع سمير مقبل في تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي للمرة الثانية بحجة مزدوجة، هي عدم التئام مجلس الوزراء ومن ثمّ تفاهمه على قائد خلف، ومنعا لشغور منصب القيادة. على ان بقاء الحكومة لا يعفي وزير الدفاع من المضي في قرار تأجيل التسريح، ما دام المقصود به استمرار المواجهة مع عون والحؤول دون تحقيقه اياً من مطالبه في المؤسّسة العسكرية وخارجها.
في اجتماعات حواره مع تيار المستقبل في عين التينة، قال حزب الله مرارا للفريق الآخر انه ليس وسيطا بينه وعون، ولا يريد ان يضطلع بدور كهذا، وإن مال احياناً الى التدخل في العلاقة المتوترة بين رئيس تكتل التغيير والاصلاح ورئيس مجلس النواب نبيه بري. في بضع مرات، لم يتردد الحزب في مخاطبة محاوريه في تيار المستقبل قائلا: ألّفتم معه الحكومة وأصدرتم واياه تعيينات شملت عشرات المديرين العامين. ما ان اختلفتم معه عُزي السبب الى اننا نحن مَن يحرّضه. لم نكن معكم يوم اتفقتم على ذلك كله، ولم نجلس الى طاولة الحوار بينكما طيلة ذلك الوقت، ولم نُدعَ الى عشاء عيد ميلاده وقطع قالب الحلوى. كلانا موافق على شامل روكز قائداً للجيش. انتم تقولون انكم تؤيدونه، ونحن نؤيده اساساً. الا انكم تطلبون ثمناً سياسياً. الثمن الذي تطلبون هو رئاسة الجمهورية وتخلي الجنرال عنها. ليس هو، ولا نحن، نستطيع إعطاءها. ولستم انتم ايضا قادرين على حرمانه منها. إذا أيّده الاميركيون والايرانيون والسعوديون، لن يسعكم القول لهم لا. إذا مشيتم به رئيساً ولم يكن هذا موقف السعوديين والاميركيين هل يأتي؟ إذهبوا واحكوا معه. من دونه لن ينتظم أمر.
لم يكن الكلام الذي صارح به الحزب حليفه المسيحي الرئيسي، مرارا وجها لوجه بينه ونصرالله او في لقاءات مع معاونيه والمحيطين به، أقل نبرة: نحن قربك، لكنك محوط بالاعداء في كل جانب.