أزمة جديدة أُضيفت إلى النفايات المرميّة في الشوارع، فقد بدأ اللبنانيون يلمسون في الأيام الماضية زيادة في تقنين الكهرباء عن المعدلات المعتادة في ظل موجة الحر المسيطرة. الأمر الخطير هو أنّ التوترات الناجمة عن انقطاع الكهرباء وصلت الى حد اقتحام محطة عرمون وتهديد الموظف فيها بالقتل ما لم يعد التيار الكهربائي الى منطقة عرمون، ما يؤكّد أن الانفلات الأمني وصل الى درجات متقدّمة بعدما أثبتت الأحداث المتلاحقة أنّ الدولة فقدت سلطتها على أراضيها.
السبب الرئيسي لهذا الانقطاع هو نقص في الإنتاج جرّاء عدد من الأعطال وأعمال الصيانة، إذ يحتاج البلد الى 3000 ميغاواط صيفاً بسبب ارتفاع الحرارة وعدد المقيمين، إلا أنّ المتاح حالياً عبر جميع مصادر الكهرباء، بما فيها البواخر والإنتاج المائي ومعملا صور وبعلبك، يبلغ 1500 ميغاواط فقط، أي نصف الكمية المطلوبة، ما يرتّب تقنيناً قاسياً في بعض المناطق.
معمل الزهراني الذي يضم ثلاث مجموعات لإنتاج الكهرباء، يعمل اليوم بمجموعة واحدة، إذ تعطّلت المجموعة الأولى وتخضع المجموعة الثانية لعملية صيانة.
تشير مصادر الى أنّ المجموعة الأولى تحتاج الى نحو 10 أيام لإصلاحها، بينما تعاود المجموعة الثانية عملها السبت المقبل، ما سيؤدي الى خفض ساعات التقنين في الجنوب وفي بيروت. فوفق بيانات مؤسسة كهرباء لبنان، «تمّ عزل المحول 220/66 ك.ف. في محطة معمل الزهراني بدءاً من صباح الاثنين الفائت من أجل إجراء أعمال صيانة ضرورية على هذا المحوّل والخلايا التابعة له»، وكان من المتوقع أن يعاود العمل فيه نهار الأربعاء الفائت. إلا أنّه تبيّن أن أعمال الصيانة تحتاج الى وقت أطول، إذ «لاحظ مهندسو المؤسسة أن ثمة مشكلة فنية في عمل المجموعة» تتطلب صيانة ضرورية طارئة، «لأن عدم القيام بهذه الصيانة الطارئة قد يُلحق بالمجموعة أضراراً جسيمة، الأمر الذي ينعكس سلباً على التغذية بالتيار الكهربائي في جميع المناطق اللبنانية». وتؤكد المصادر أنّ عملية الصيانة انتهت، إلا أنّ المجموعة لن توضع على الشبكة حتى نهار السبت المقبل، ما يعني أن وضع الكهرباء سيبقى مأزوماً حتى نهار السبت، وتحديداً في مناطق الجنوب وبيروت، على أن تشهد هذه المناطق انخفاضاً في ساعات التقنين، بدءاً من السبت المقبل.
وأعلنت المؤسسة أنها تحاول قدر الإمكان التعويض عن النقص المستجد في الإنتاج من جراء أعمال الصيانة من خلال استمداد طاقة إضافية من الباخرتين التركيتين ووضع معمل بعلبك في الخدمة وزيادة الإنتاج المائي، إلا أن الفنيين يواجهون صعوبة تقنية في تغذية بيروت الإدارية من هذه الطاقة، ولا سيما المناطق التي تتغذى عبر شبكة الـ 220 ك.ف. بسبب عدم اكتمال وصلة المنصورية.
هذه المشكلة تتجدد كل صيف وتؤثر بشكل رئيسي على مناطق بيروت التي تتغذى بمعظمها عبر شبكة الـ 220 ك.ف. التابعة لمحطة عرمون ــ الحرش. فهذا الخط يستنفد صيفاً طاقته ولا يعود قادراً على مدّ بيروت بكمية الكهرباء اللازمة، وبالتالي يزداد التقنين في المناطق التابعة لمحطة عرمون ــ الحرش، فيصبح 5 ساعات في بعض مناطق بيروت الإدارية بدل 3 ساعات. وتؤكد المصادر أن لا حلّ لهذه المشكلة سوى بإنجاز وصلة المنصورية، إلا أنّ هناك اعتراضاً من أهالي المنطقة على إنجاز هذه الشبكة.
ونظراً إلى التقنين القاسي الذي تعانيه بعض المناطق، أقدم مسلحون على اقتحام محطة عرمون الرئيسية مرات عدّة على مدى يومين وطلبوا من المناوب إعادة التيار الكهربائي الى أحد المخارج. وعند الساعة الثالثة من بعد ظهر أمس، عاد أحدهم وهدّده بالقتل، ما اضطر المناوب الى مغادرة المحطة حفاظاً على سلامته. وعليه، بقيت المحطة حتى ليل أمس من دون مناوب، ما حال دون إجراء المداورة في التغذية الكهربائية في المناطق التي تتغذى منها، علماً بأن غياب المناوب ينطوي على مخاطر كبيرة، إذ يحدّ من القدرة على التحكم بالشبكة انطلاقاً من المحطة، الأمر الذي قد يتسبب بانفصال كامل مجموعات الإنتاج عن الشبكة، وبالتالي انقطاع التيار الكهربائي في جميع المناطق اللبنانية.